مقالات وآراء سياسية

التَّطْبيعُ مَعَ إِسْرائيلَ: ” خَليُّ البُرْهانُ يَدْفَعُ مِنْ جِيبْتُو، مَشْ عَلَى حِسابي”

خالد الطاهر

(١)

المَقولَةُ تُنْسَبُ الَّى القياديِّ فِي السُّلْطَةِ الفِلَسْطينيَّةِ صائِبُ عُرَيْقاتٍ مُعَلِّقًا عَلَى لِقاءِ عِنْتيبي اَلَّذِي جَمَعَ الفَريقَ البُرْهانَ بِرَئيسِ الحُكومَةِ الِاسْرَائِيلْيَّةِ بِنْيَامِينْ نَتَنْيَاهُو قَبْلَ اَيّامْ، وَالمَعْنَى أَنَّ الِانْتِقالَ إِلَى مُرَبَّعٍ مُتَقَدِّمٍ فِي عَلاقاتِ السُّودَانِ بِامْريكا عَبْرَ بَوّابَةِ إِسْرائيلَ “يُحِبُّ اَلَا يَدْفَعُهُ الفِلَسْطِينِيُّونَ” كَمَا لَوْ كَانَ الأَمْرُ مُتَعَلِّقًا بِفاتورَةِ مَطْعَمٍ !!! ..

لَا اَجَدَ غَرابَةً فِيمَا صَرَّحَ بِهِ عُرَيْقاتٌ، فَقَدْ دَرَجَ الفِلَسْطِينِيُّونَ عَلَى ابْتِزازِ الجَميعِ بِاسْمِ “قَضيَّتِهِمْ” اَلَّتِي تَرْبَحَتْ صَفْوَتَهُمْ مِنْ وَرَائِهَا اَيُّما تَرْبَحُ .. دُونَكُمْ الأَرْصِدَةُ الْمِلْيَارِيَّةُ لِعَرَفَاتٍ وَعَقيلَتُهُ سُّهَى وَمُعْظَمُ رُموزِ فَصائِلِ مُنَظَّمَةِ التَّحْرِيرِ الفِلَسْطينيَّةِ.. بَلْ إِنَّ عُرَيْقاتٍ نَفْسَهُ يَقْبِضُ مُخَصَّصاتِهِ كامِلَةً مِنْ إِسْرائيلَ بِمُوجِبِ تَرْتيباتِ إِتْفَاقِيَّةِ أُوسْلُو ثُمَّ لَا يَجِدُ حَرَجًا فِي مُطالَبَةِ السُّودَانِ بِمُوَاصَلَةِ مُعاداتِهِ لِهَذِهِ الدَّوْلَةِ !!! .

سَابِتَعَدْ عَنْ الجَدَلِ حَوْلَ شَكْلِ اللِّقاءِ وَكَوْنِ الحُكومَةِ لَا عِلْمَ لَهَا بِهِ وَلَمْ تَكُنْ طَرَفًا فِي التَّرْتيبِ لَهُ، لأركزَ عَلَى مَضامينِهِ اَلَّتِي شَكَّلَتْ اخْتِراقًا مَحْمُودًا فِي عَلَاقَاتُنَا الخارِجيَّةِ اَلَّتِي عَانَتْ مَا عَانَتْ مِنْ وَطْأَةِ ارْتِهانِها لِلْخِطَابِ الَاسْلَامُوِيِّ وَ إِخْتَطَافُهَا مِنْ قِبَلِ اَلْتَزيدِ العُّروبيِّ سَواءٌ بِسَوَاءٍ .. فَاَلْإِسْلاميّونَ والعَروبيّونَ يَتَطَلَّعُ كِلَاهما إِلَى فَضاءاتٍ فَوْقَ – قَطَريَّةٍ وَلَا يَعْنيهما كَثِيرًا اَمْرُ المَصالِحِ المُباشِرَةِ لِلدَّوْلَةِ الوَطَنيَّةِ إِلَّا بِمِقْدَارِ مَا يُسْهِمُ بِهِ تَحْقيقُ هَذِهِ اَلْمَصالِحِ فِي تَرْجَمَةِ أَحْلامِهِمْ العَقائِديَّةِ إِلَى واقِعٍ ..

(٢)

مَا حَصَدَ السُّودَانُ مِنْ مَهْرَجانِ اَلْتَزيدِ الابْلَهِ فِي سُوقِ القَضيَّةِ الفِلَسْطينيَّةِ إِلَّا اَلْحَصْرَمُ وَدَفْعَ ثَمَنًا غَالِيًا مِنْ اَمَنِهِ وَسَلامَةِ أَرَاضِيه بِسَبَبِ تَهْريبِ السِّلاحِ الَّى حَماسَ اَلَّتِي كَانَتْ تَتَلَقَّى فَوْقَ ذَلِكَ مَا يُنَاهِزُ ال 50 مِلْيونَ دُولَارٍ سَنَوِيًّا مِنْ نِظامِ البَشير، نَاهِيكَ عَنْ المُساعَداتِ العَيْنيَّةِ وَحَتَّى حُليِّ النِّساءِ وَسَيّاراتِ الاسِّعافِ، فِي وَقْتٍ تَسْتَحيلُ فِيه المُقارَنَةُ بَيْنَ مَا يَتَمَتَّعُ بِهِ سُكّانُ قِطاعِ غَزَّةَ مِنْ رِفاهٍ وَمَا يُقاسيه السُّودَانِيُّونَ مِنْ شَظَفٍ ومُسَغَّبَةٍ !!! ..

لَنْ نَكونَ (مُسَيْحِيينَ أَكْثَرَ مِنْ البَابَا) ، فَالسُّلْطَةُ الفِلَسْطينيَّةُ عَلَى تَعاوُنٍ تامٍّ مَعَ إِسْرائيلَ اَلَّتِي تُنْفِقُ عَلَيْهَا مِنْ ميزانيَّتِها . . أَمَّا الدّوَلُ العَرَبيَّةُ فَكُلُّها تَقْرِيبًا تَرْتَبِطُ – سِرًّا أَوْ عَلَنًا – بِعَلاقاتٍ حَميمَةٍ مَعَ هَذِهِ الدَّوْلَةِ .. كَمَا إِنَّنَا لَنْ نَخوضَ مَعارِكَ الآخَرِينَ فِلَسْطِينِيِّينَ كَانُوا أَوْ بِنْغالْ .. مَا اَريقَ مِنْ دَمٍ سودانيٍّ فِي الحُروبِ ضِدَّ إِسْرائيلَ يَكْفِي وَيَزيدُ .. أَمَّا مُسانَدَتُنا لِحَقِّ الفِلَسْطِينِيِّينَ فِي تَقْريرِ مَصيرِهِمْ فَلَيْسَ مِنْ مُبَرِّراتِها كَوْنَهُمْ عَرَبٌ اَوْ مُسْلِمُونَ، فَهِيَ مُسانَدَةٌ تَتَأَسَّسُ عَلَى الاخِّلاقِ اَلَّتِي تُعْلِي مِنْ قيَمِ التَّضَامُنِ الاُّنسانيِّ مَعَ مِنْ ظُلِمٍ ..

(٣)

فَاتَ عَلَى مُعَارِضِي لِقاءِ عِنْتيبي مِنْ السُّودَانِيِّينَ اَنْنا لَسْنَا فِي حَرْبٍ مَعَ إِسْرائيلَ وَلَا حُدودَ لَهَا مَعَنَا.. فَاتَ عَلَيْهُمْ أَيْضًا اَنْ العَلاقاتِ الدَّوْليَّةِ لَا تُبْنَى عَلَى العَواطِفِ وَاَلْعَنْتَريّاتِ، بَلْ عَلَى المَصالِحِ الوَطَنيَّةِ، كَمَا اَنَ الأَصْلُ فِي هَذِهِ العَلاقاتِ أَنْ تَكونَ طَبيعيَّةً مَعَ جَميعِ دوَلِ العالَمِ ..

اَمّا مِنْ ناحيَةِ مُسْتَوَى عَلاقاتِ السُّودَانِ مَعَ إِسْرائيلَ بِالتَّحْدِيدِ فَتَحْكُمُهُ الحّوْجَةُ الآنيَةُ وَيَتَدَرَّجُ مَعَ حَجْمِ المَصالِحِ المُرادِ رِعايَتَها مُسْتَقْبَلًا .. فَلْنَبْدَأُ بِفَتْحِ الأَجْواءِ اِمامَ طَيَرانِ الْعَالِ .. هَذَا الِاجْرَاءُ يُحَقِّقُ عَوائِدًا ماليَّةً مُعْتَبَرَةً لِلسُّودَانِ، وَغَيْرَ خَافَ فَوْقَ ذَلِكَ المَكْسَبِ البيئيِّ مِنْ إِخْتَصَارِ زَمَنِ الطَّيَرَانِ إِلَى جَنوبِ أَمْريكا بِثَلاثِ سَاعَاتٍ كامِلَةٍ .. وَانْ كَانَ لَنَا أَنْ نَدْعَمَ الشَّعْبَ الفِلَسْطينيَّ اَلَّذِي تاجِرَتْ نُخَبُهُ الفَاسِدَةُ بِقَضيَّتِهِ فَلْيَكُنْ مَوْقِفُنا دَاعِيًا لِأَنْ يَخْظَى كُلُّ مُوَاطِنِي إِسْرائيلَ مِنْ يَهودٍ وَعَرَبٍ وَدُرُوزٍ وَسّامِريّينَ وَسِفَارْدِيمٍ عَلَى حُقوقٍ مُتَساويَةٍ .. هَذَا فِيمَا يَلِي اوِّضاعُ 1948، اَمّا بَقيَّةُ الْفَلَسْطِينِينِ فِي اَلضَّفَّةِ والْقِطاعِ فَنْدَعُو الَّى تَمْكينِهِمْ مِنْ إِنْشاءِ دَوْلَةٍ مُسْتَقِلَّةٍ عَلَى حُدودِ 1967 عاصِمَتُها القُدْسُ الشَّرْقيَّةُ ..

خالد الطاهر

[email protected]

 

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..