مقالات وآراء سياسية

أنقذوا أطفال الخلاوى

أسماء جمعة

قبل أيام قامت الشرطة بتحرير مجموعة من الأطفال بلغ عددهم 16 طفلاً أعمارهم تقل عن عشر سنوات من إحدى الخلاوى وهم مقيدين بسلاسل وكأنهم مجرمين، المؤسف أن الخلوة تقع في الخرطوم وعلى بعد كيلو مترات قليلة من مركز الحكومة، وهو ليس الحادث الأول ولن يكون الأخير إذا استمرت في العمل ولم يتم إنقاذ الأطفال منها .

سنوات طويلة ونحن ننتقد وضع الخلاوى في السودان لا النظام المخلوع وجد لها حلاً ولا شيخوها اختشوا وطوروها مما يعني أنهم ليسو على استعداد لتطويرها لأسباب لا نعرفها، والخلاوى كلها للأسف تعمل بنظام واحد و تمارس العملية التعليمية بطريقة متخلفة وكأنها في القرن الماضي، الأطفال يجلسون على الأرض ويكتبون على ألواح خشبية يستخدمون قلماً وحبراً تقليدياً، والفصل عبارة عن راكوبة من القش أو الزنك لا تقي من حر ولا برد، وفي المساء يدرسون تحت إضاءة ضعيفة، وأطفال الخلوة محرومون من الاستمتاع بالتكنولوجيا الحديثة حتى التلفاز.

إذا تحدثنا عن السكن فهو ليس بأفضل حالاً، الأطفال ينامون على الأرض وعلى فرش خفيف ويتغطون بأغطية خفيفة شتاء أو صيفاً لا تتغير ودائماً عددهم كبير، أما الأكل والنظافة فحدث ولا حرج .

جميع أطفال الخلاوى تقريباً يعانون من سوء التغذية بسبب الأكل السيء وتنتشر بينهم الأمراض بسبب الجوع والاكتظاظ وسوء النظافة .

الأمر المهم جداً هو إننا إذا قمنا بدراسة الخلاوى سنجد أن أغلب الأطفال إن لم يكن كلهم يعانون من إضطرابات نفسية بسبب الحرمان من حنان الأم والمناخ الأسري والقهر والكبت والإهمال والاحساس المستمر بالخوف، فالأطفال يأتون في أعمار صغيرة ويكبرون في هذه المعتقلات التي تسمى خلاوى، وبلا شك يكبرون بعلل كثيرة، والأخطر أنهم يعيشون معاً صغار عمر ومراهقين وشباباً وكلكم تعلمون خطورة هذا الأمر.

وعليه فالخلاوى تخرج مرضى وأصحاب عاهات نفسية وعقلية، وبهذا فهي تشكل خطراً على المجتمع خاصة أن عدد الأطفال في الخلاوى ليس قليلاً، وهناك بعض منهم أجانب ولا أدري كيف يدخلون البلد وهذه مشكلة أخرى .

الأمر المحير فعلاً هو سلوك الشيوخ الذين يرتضون لأطفال الناس أن يعيشوا هذه الحياة القاسية والتعليم المتخلف ولا يرضونه لأطفالهم، فيلحقونهم بالمدارس الخاصة وفي أوقات فراغهم يذهبون النوادي والحدائق ويلعبون مع (أولاد الحلة) بعيداً عن أطفال الخلاوى لدرجة أن بعضهم لا يسمح لأطفاله الاحتكاك بأطفال الخلوة، وبلا شك هذا الأمر سيكون له ما بعده.

ما نود أن نقوله هو أن التعليم تطورت وسائله و أصبحت سهلة وومتعة، حفظ القرءان نفسه لم يعد أمراً صعباً، ويمكن للطفل أن يحفظ القرءان من الموبايل بطريقة أفضل وهناك قنوات إذاعية وتلفزيونية وتطبيقات تتيح للأطفال حفظ القرءان بطريقة سهلة وومتعة، وعليه نقول للسادة المواطنين لا تلقوا بأطفالكم إلى التهلكة فأنتم بهذا تجرمون في حقهم، ومن أراد أن يساهم في تحفيظ القرءان عليه أن يقدم مساهمته بطريقة تليق به.

خلاصة القول نحن نقرع ناقوس الخطر لكل الجهات المهتمة بحقوق الأطفال، وننبه الحكومة الانتقالية إلى أن تسرع في معالجة أمر الخلاوى فكل مرة تفاجئنا بما هو سيء وهي أصلاً مؤسسات غير رسمية و لا راعي لها ويجب إغلاقها نهائياً، ومن ثم إعادة الأطفال إلى ذويهم وإلحاقهم بالمدارس والصرف عليهم، وأرجو أن لا تتباطأ في هذا الأمر فوضع الأطفال في الخلاوى حقاً خطير، ونقول للمرة الألف أنقذوا هؤلاء الأطفال.

أسماء جمعة

التيار

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..