مقالات وآراء سياسية

السودان أزمات سياسية واقتصاد مشلول

محمد إبراهيم نور الدين طراي

نحن مدعوون اليوم أكثر من أي وقت مضى للتداعي حول مشروع وطني يعالج أزمات البلاد الاقتصادية والسياسية ويحفظ أمنها ووحدتها ويحقق السلام ويساعد على التحول الديمقراطي ويحفظ شعارات الثورة حتى يخرج السودان من تلك الدورة الخبيثة ثورة شعبية يعقبها انقلاب عسكري لغياب المشروع الوطني والصراع السياسي والأيديولوجي الحاد الذي أدى الى فشل الحكومات الديمقراطية هذا المشروع الوطني لابد أن يؤسس الى توافق سياسي وتراضي وطني يشمل كل السودانيين لإقامة دولة المواطنة التي تسع الجميع .

الراهن السياسي : أزمات سياسية واقتصاد مشلول

السودان ثالث اكبر بلد افريقي مساحة ويتميز بتنوعه الجغرافي وتعدده العرقي ويمتلك موارد ضخمة إلا أنه يعد من الدول الفقيرة التي يزيد معدل تضخم فيها كل عام وبلغ معدل البطالة 20% في آخر احصائية قبل سنة وكل المؤشرات تشير بأن النمو لن يزداد هذا العام أكثر من 5% عن الأعوام السابقة .

والسودان منذ الاستقلال الى يومنا هذا وتعاقب الحكومات العسكرية والمدنية لم تضع أياً منها برنامج لإدارة الموارد واتخاذ سياسات تنهض بالتنمية الاقتصادية ومحاربة الفقر ومعالجة تدهور العملة ومحاربة الفساد واتخاذ التدابير اللازمة لذلك وقد حظيت الانقاذ بالنصيب الأكبر في هذا التدهور الاقتصادي فقد حكمت ثلاثون عاماً انتشر فيها الفساد وتعطلت المشاريع القومية الكبرى .

كل ذلك ادى الى وضع سياسي مرتبك ادى الى اندلاع ثورة شعبية اطاحت بالإنقاذ وتشكيل حكومة انتقالية محاصرة بالأزمات الاقتصادية مما اقعد الدولة والحكومة عن القيام بدورها للنهوض بوظائفها وفشلت في معالجة الوضع الاقتصادي والسياسي سواء كان عبر مجلس الوزراء او عبر جهازها السياسي قوى الحرية والتغيير التي يشغلها تفكيك النظام السابق أكثر من البحث عن مشروع وطني أو مصالحة وطنية تؤسس لعدالة انتقالية وسلام دائم وتنمية مستدامة .

المالات :

حول ما تؤول اليه الاوضاع في السودان ثمة العديد من السيناريوهات المرتقبة منها فشل الحكومة الانتقالية في إدارة الدولة وتدهور الوضع الاقتصادي مما يؤدي الى خروج الشارع بسبب الضائقة المعيشية وهذا يتوقع ان يكون أحد أمرين أما ان تكون ثورة تصحيحية تسعى لمعالجة الاختلالات والانحرافات التي اوجدتها الحكومة الانتقالية أو ثورة مضادة تعمل على اعادة المشهد القديم ولكن بواجهات واشكال جديدة كي يقبلها المجتمع وفي كلا المحتملين اضرار على الاوضاع الهشه في البلاد ومخاطر لعدم استقرارها لان الصراع سيكون حاضراً بين القديم والجديد .

المحتمل الثاني الانقلاب العسكري على المدنيين واستلام العساكر للسلطة وهذا السيناريو أكثر كلفة سياسياً اذ سيواجه رفضاً دولياً واقليمياً وبالتالي تتعمق ازمة المعاش والاقتصاد وربما ينتهي الى مواجهه بين المكونات العسكرية الحاكمة يسعى كل طرف للانفراد بالحكم وفي حالة نجاحه سيمر  السودان بأسوأ مرحلة من مراحل الحكم العسكري الأكثر قمعاً ومصادرة للحريات .

السيناريو الاخير الانتخابات المبكرة في حالة تعذر التوافق السياسي والخروج من الازمة الاقتصادية وقد تواجه هذه الدعوة بالرفض والانقسام على مستوى الشارع السوداني خاصة الشارع الثائر بحجة اجهاض الثورة والانقلاب على وثيقة الحرية والتغيير واعادة الحكم للإسلاميين .

ومن المحتملات ان يحدث توافق بين المكونات السياسية بالسودان والجلوس الى طاولة الحوار ووضع وحدة البلاد وامنها فوق كل هدف وصولاً لصيغ يتفق حولها الجميع مستصحبة معالجات الصراعات القديمة رؤية متكاملة تحمل حلاً عادلاً لكل اقاليم السودان واثنياته وتضع حداً للحرب التي استمرت لاكثر من نصف قرن وتتوافق على الية الحكم وطريقته والانتخابات وتاريخها .

وفي تقديري يجب ان يسعى الجميع لإنجاح الفترة الانتقالية وهذا لا يعني بالطبع السعي لإنجاح حكومة قحت هذه نظرة ضيقه دافعها الصراع السياسي ولكن الهدف الانبل هو تحقيق التحول الديمقراطي بلطف وقطع الطريق أمام أي عودة للانقلابات العسكرية أو الانزلاق نحو الفوضى .

 

محمد إبراهيم نور الدين طراي

[email protected]

 

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..