
أثارت زيارة رئيس المجلس السيادي عبد الفتاح البرهان إلى عنتيبي، ومقابلته لرئيس الوزراء الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، جدلا واسعا حول تطبيع العلاقات السودانية مع إسرائيل، وانقسم السودانيون، أو كادوا، إلى مؤيدين ومعارضين، من منطلقات مختلفة، وانحصرت خلافات وجهتي النظر، تقريبا، في نقاط تتمركز حول مصالح السودان المباشرة، والتزاماته تجاه القضية الفلسطينية. وقد سمعنا وقرأنا الكثير من مختلف الاتجاهات والمتحدثين الذين عبروا عن وجهات نظرهم، بوضوح، يغنيني عن إعادة حججهم.
أنا هنا بصدد أن أوضح أسباب تأييدي للتطبيع مع إسرائيل، وأن أوضح لماذا أعتبر هذا الحدث هو الأكبر والأكثر إيجابية في تأريخ السودان الحديث، وربما يكون أعظم منجزات ثورة السودانية العظيمة والإطاحة بنظام الإنقاذ البغيض، إذا قدر لهذه الفرصة السانحة أن تحقق بشارتها، واغتنمت إسرائيل الفرصة بالطرق على حديد خطوة البرهان وهو ساخن.
السبب في هذا التقدير من جانبي هو أن الباب قد انفتح على مصراعيه الآن أمام خطوة التطبيع الكامل مع إسرائيل، ولم يكن الانفتاح مجرد نفاجا صغيرا كما عبر الرئيس البرهان متواضعا.
فقد أصبحت اليوم لدينا فرصة تاريخية لإحراز تقدم كبير في تأسيس علاقة نموذجية تحقق المصلحة الأكبر لكلا الدولتين، مما أتوقع له أن يثمر عن مخرج آمن والعبور من عنق زجاجة التحديات الملحة والعاجلة التي تكاد تعصف بالبلاد وتضيع ببريق ثورته سدى.
إن معضلات تحقيق مطلوبات التنمية والسلام في السودان، آنيا ومستقبلا، تفوق مقدرات البلد، وهو ما يحول دون استغلال إمكانيات السودان وثرواته الطبيعية الهائلة وترجمتها إلى أرصدة اقتصادية وتنمية حقيقية، ذات مردود سريع، حتى تنعكس رفاهية على شعبه المحروم الذي لا يقوى على الانتظار، حسا ومعنى.
فجميعنا يعلم بعظم هذه الثروات الطبيعية التي لم ننجح في استغلال أقل القليل منها حتى الآن، كفيلة بتأمين أعلى مستويات النمو الاقتصادي على مستوى العالم، إن أمكننا استغلالها وتنميتها. وكلنا يعلم عجزنا الحالي والتحديات التي تحول بيننا وبين بلوغ هذا الهدف الذي ظللنا نحلم به على مدى تاريخنا القديم والحديث.
خلاصة الأمر في رأيي بأننا، ولعجز القادرين على التمام، قد شارفنا الآن على الانهيار الاقتصادي الكامل ووقفنا مكانك سر أمام هذا التحديات التي لا تنتظر.لقد تأكد لنا أننا نحتاج بالفعل إلى شريك قوي وقادر على الإنجاز السريع، تكون مصلحته في نجاح هذه الشراكة مساوية، إن لم تكن أكبر من مصلحتنا. وأنا لا أرى شريكا أنسب، وأكثر جاهزية، ومقدرة، وأكبر حاجة مصيرية مثل إسرائيل. وفي هذا التقرير بهذه الحقيقة إجابة على شكوك وتساؤلات من يعتقدون بأن نتنياهو قد نال ما يريد من هذا اللقاء يلا مقابل، وليس هناك ضمانات لأن يقدم المقابل في المستقبل!
وما هي الضمانات:
الضمانات التي لن يعيبنا البحث عنها، لو تأملنا حقيقة حاجة إسرائيل لانتهاز هذه الفرصة السانحة، بإنجاح وتطوير هذه العلاقة الإستراتيجية مع السودان، ولو فعلنا هذا لاستطعنا رؤية هذه الضمانة بسهولة.
فأول هذه المشاهد ستظهر لنا في المصلحة المادية والاقتصادية المباشرة من الشراكة السودانية/الإسرائيلية الناتجة من اقتسام عائدات الاستثمارات الفورية في مختلف المجالات المتاحة في السودان، وأولها المجالات الزراعية، خاصة إذا علمنا مدى تطور الإمكانات التكنولوجية التي تملكها إسرائيل، وقوة نفوذها وتحكمها في مصادر التمويل والمؤسسات والمصارف المالية الدولية، وعلاقاتها الوثيقة مع الولايات المتحدة، القوة الاقتصادية الأكبر في عالمنا اليوم، ومدى تأثيرها على القرار الأمريكي السياسي.
إسرائيل بلا شك لا تحتاج لمن يذكرها بمصلحتها في تأمين مسار وتعزيز هذه العلاقات وتطويرها لأقصى مدى، لتحقق أكبر أهدافها، الحالية والمستقبلية، والتي لا تحدها حدود. فالذي لن يخفى على أحد، هو حقيقة أن إسرائيل دولة طموحة، وترغب مثل جميع الدول الناجحة في أن تحقق أكبر معدلات نموها وقوتها المقدرة والمتاحة لها لإكمال مسيرة نجاحها في أن تتحول إلى قوة إقليمية عظمى. وهي تعلم بأن بلوغ هذا الهدف رهين بتحقيقها السلام والأمن لشعبها، وعلى مدى الإقليم الذي تتواجد فيه. فحاجتها للتطبيع إذن مع جميع دول المنطقة حاجة استراتيجية حقيقية، يتحدد مستقبلها بالوصول إليها. ولذا فإن من الطبيعي والبديهي أن تستغل فرصة التطبيع مع السودان، وقد أتيحت لها بخطوة البرهان الشجاعة، أفضل استغلال، لتقدم بها نموذجا لجميع دول المنطقة المترددة في إقامة علاقات التطبيع معها، وخاصة دولة مصر، التي ظلت منذ توقيع اتفاقيات السلام معها، تقدم رجلا وتؤخر الأخرى، في سيرها نحو التطبيع الكامل. ويمكن أن ينطبق هذا القول على الكثير من بقية جيرانها، وخاصة المملكة السعودية.
فلو أرادت إسرائيل أن تصبح مركزا ومحورا اقتصاديا لإقليم ودول الشرق الأوسط، كما أعتقد أن هذا من البديهي أن يكون من أهدافها، فإن مسيرتها ستبدأ من هذه العلاقة الإستراتيجية التاريخية مع السودان. هذه هي مصلحة إسرائيل الإستراتيجية الحقيقية التي يمكن أن تصل إليها بعد لقاء نتنياهو بالبرهان، وليست فقط تلك الطموحات الوقتية الصغيرة نسبيا التي انطلق بعض قاصري النظر في التمادي في عدها، وأسرفوا على أنفسهم وعلينا.
أنا أتوقع أن يكتمل قريبا مشروع تطبيع معظم الدول العربية، وبقية دول منطقة الشرق الأوسط، لعلاقاتها مع دولة إسرائيل، مما سيمهد لقيام اتحاد اقتصادي دولي، يكون أساسه دول السودان مصر وإسرائيل والمملكة العربية السعودية، وأن العاصمة الإدارية الجديدة التي يتم بناؤها الآن في مصر، ومخطط أن تنتقل اليها الحكومة المصرية بنهاية النصف الأول من هذا العام، بعد أن أوشكت المرحلة الأولى والأساسية منها على الانتهاء، ستصبح مركزا لحلف (سوق دول الشرق الأوسط المشتركة)، الذي أتوقع أن يكون نجاحه منقطع النظير، وبأكثر مما حقق نموذج (السوق الأوروبية المشتركة) من نجاح!
وهذه هي حيثيات قناعتي:
جاء في تقرير للكاتب التونسي فؤاد صباغ، نشر بصحيفة الميادين الإليكترونية بتاريخ ١١ يوليو ٢٠١٨، وتحت عنوان (العلاقات الاقتصادية الإسرائيلية – الخليجية):
(…من المعروف وحسب تصريحات السفيرة الإسرائيلية في باريس إن كل حكومات الدول العربية تقيم علاقات سرّية مثل بعض دول شمال إفريقيا أو علنية مثل مصر والأردن …).
وجاء:
(في هذا السياق بعد تحديد مفهوم التطبيع من الجانب العلمي يمكن القول إنه لا توجد مشكلة أديان وإنما توجد مشكلة بين حال سلم وحال حرب. إذ تقيم مصر والأردن على سبيل المثال علاقات دبلوماسية كاملة وذلك بتمثيل رفيع المستوي بسفارة في كلتا الدولتين، مع تبادل تجاري واقتصادي خاصة في قطاع الغاز والمواد الغذائية. بالتالي هذه العلاقة تنبني بالأساس على درجة الثقة وحال السلم بين هذه الدول المجاورة الثلاث. أما بخصوص جوهر الموضوع وهو العلاقات الإسرائيلية – الخليجية والتي تُعدّ تطوّراً جديداً بصفة علنية بعدما كانت في السابق بصفة سرّية. إذ من المعروف أن دولة الإمارات العربية المتحدة تقيم علاقات تجارية واقتصادية عبر فتح قنصلية إسرائيلية لها في دبي. أيضاً قطر لها علاقات علنية عبر فتح مكتب تجاري وهي الآن بصدد دراسة فتح سفارة وتمثيل دبلوماسي بالكامل. أما مؤخراً والحدث البارز على الساحة الدولية هو العلاقات السعودية والإسرائيلية وهي تتمثل في توطيد العلاقات والتوجّه نحو السلم الدائم مع دولة إسرائيل، بحيث بدأت هذه العلاقات العلنية بزيارة وليّ العهد الملك محمّد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود لإسرائيل وبلقائه رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو وإبرامه العديد من الصفقات التجارية والاقتصادية والاستثمارية. أيضاً للتذكير بالحدث الهام الذي جرى مطلع هذه السنة هو فتح الأجواء السعودية بالكامل للرحلات الجوية الإسرائيلية نحو الهند وبلدان شرق آسيا. أما الأكثر تطوّراً في هذه العلاقة هو التحضير لفتح سفارة إسرائيلية في المملكة العربية السعودية وبالتحديد في مدينة الرياض. إن العلاقات الإسرائيلية – الخليجية تشهد مؤخراً نشاطاً دبلوماسياً مكثفاً على أعلى مستوى وربما أغلب هذه الدول الخليجية ستصبح لها سفارات بين الجانبين بالتحديد الإمارات العربية المتحدة وقطر والمملكة العربية السعودية. كما أن المصالح التجارية تضاعفت بين هذه البلدان خاصة بعد الأحداث في المنطقة منها الحرب في سوريا ، ومن المؤكّد أن هذه العلاقات تندرج في المقام الأول في الجانب الاقتصادي. إذ كانت سوريا في السابق قبل سنة 2011 تمثّل معبر مرور العديد من الشاحنات المحملة بالبضائع من الدول الخليجية نحو تركيا حتى الوصول إلى دول الاتحاد الأوروبي. أما البديل اليوم بعد هذه الأحداث فأصبحت نقطة العبور الإسرائيلية التي وافقت حكومتها ضمن صفقة تجارية على فتح معابرها لمرور الشاحنات الخليجية عبر أراضيها للوصول إلى تركيا ثم أوروبا. أيضاً إبرام العديد من الصفقات الاستثمارية و تبادل السلع الغذائية مثل التمور والزيت وغيرها من المنتجات، وزيارة العديد من رجال الأعمال المستثمرين بين الطرفين للاستثمار في مجال العقارات والبناء والبنية التحتية. إن الاتجاه الدبلوماسي الخليجي “العلني” يتمثّل بالأساس في وضع المصلحة الاقتصادية والتجارية بالدرجة الأولى بين الطرفين، واعتماد مفهوم حال السلم والثقة والتعاون الدولي. أما الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي فقد تم التخطيط له من قِبَل الإدارة الأميركية بوضع صفقة تُسمّى بصفقة القرن أو اتفاق القرن بين دولة فلسطين والدول العربية ودولة إسرائيل ..إن العلاقات الإسرائيلية – الخليجية تشهد مؤخراً الانتقال من السرّية إلى العلنية برعاية أميركية لإيجاد تسوية سلمية عادلة وسلام دائم بين جميع الأطراف تخدم المصالح التجارية والاقتصادية بالأساس وتزيل مفهوم العداوة الدائمة خاصة على ما سيتم الإعلان عنه في وثيقة صفقة القرن من أهمها هو إعلان استقلال دولة فلسطين ووقف الحرب بصفة نهائية…).
http://www.almayadeen.net/articles/blog/891107/العلاقات-الاقتصادية-الإسرائيلية—الخليجية
سيبقى مصير ومستقبل خطة السلام الأمريكية هذه رهين بما ستسفر عنه تطورات الأحداث في المنطقة، والتي ستتأثر حظوظها إيجابيا بتقدم خطوات تطبيع العلاقات العربية والخليجية مع دولة إسرائيل، لتحقيق المصالح الاقتصادية المشتركة لجميع دول المنطقة.
ولو تم هذا، والذي أصبح حدوثه شبه مؤكدا، فإنه سيفتح الباب على مصراعية لتطور اقتصادي شرق-أوسطي كبير جدا، سيرجح بدوره الحاجة لقيام (سوق دول الشرق الأوسط المشتركة)، على غرار السوق الأوربية المشتركة، والتي لا أجد مقرا ومركزا مهيئا لإيوائها، أنسب من العاصمة الإدارية الجديدة التي أوشكت مراحل بناء المرحلة الأولى، والأساسية منها، على الانتهاء.
وأنا هنا سأتحفظ بصعوبة، وسأمسك قلمي من التعببر عن اعتقادي بأن مشروع بناء العاصمة الإدارية الجديدة قد تم التخطيط له في الأساس ليكون مقرا لهذا الاتحاد لسوق دول الشرق الأوسط المشتركة، الذي أتوقع له أن يكون محور ومركز التجارة العالمية، بحكم موقعه، والمعطيات والحقائق الأساسية والميزات التي تتمتع بها أهم أربع دول في هذا المحور، وهي السودان، ومصر، دولة المقر، التي تتوفر بها رصيد من القوى العاملة الضخمة، قليلة التكلفة، وسهلة التدريب والتأهيل، وإسرائيل، التي تتحكم بدرجة كبيرة في البنوك العالمية، وتعتبر واحدة من أكبر الدول التي حققت قفزات هائلة وتقدما غير مسبوق في الثورة التكنولوجية والمعلوماتية في عالمنا اليوم، ثم المملكة السعودية، برصيدها الضخم من الثروات النفطية، ونفوذها وتأثيرها الكبير وعلاقاتها الوثيقة على بقية دول مجلس التعاون الخليجي، وخاصة على دولة الإمارات العريية المتحدة، وقطر لاحقا (بعد اكتمال المصالحة معها) وسلطنة عمان التي سبقت باستقبالها لنتنياهو علنا.
اكتمال بناء هذا الاتحاد الاقتصادي الدولي في الشرق سيجلعه منافسا حقيقيا على المواقع المتقدمة لصدارة القوى ذات النفوذ الاقتصادي الأكبر في عالم اليوم.
وأهم من هذا، سيحقق قيام هذا الاتحاد تقدما وازدهارا اقتصاديا لجميع الدول المشاركة فيه، وخاصة دول السودان ومصر، التي تواجه اليوم تحديات اقتصادية لم تشهدها طوال تاريخها، من جراء الانفجار السكاني، حيث تجاوز تعدادها المائة مليون نسمة، وتزامن من تناقص رقعتها الزراعية، مما اضطرها إلى استيراد سبعين في المائة من غذائها، في نفس الوقت الذي انخفضت فيها حصيلة عائداتها من إيرادات العاملين بالخليج، بسبب أالأدمات الاقتصادية الخليجية الناتجة من جراء انخفاض أسعار النفط عالميا، والحروب في سوريا واليمن.
فلو قدر لهذا الاتحاد أن يقوم وينجح، فإن من أول نتائجه الإيجابية ستكون في تحويل السودان لدولة زراعية عظمى، وتحويل مصر إلى دولة صناعية، ربما تصبح هي الأكبر في الشرق الأوسط، والتي ستستوعب الملايين من أيادي أبنائها العاملين، بعد أن يتوفر رأس المال والخبرة الفنية والتكنولوجية من شركائها الجدد، ومن دولتي إسرائيل والمملكة السعودية بصفة خاصة.
ومن المؤكد أن عددا من بقية دول المنطقة ستنضم إلى هذا الاتحاد، سواء كان ذلك من بداية تأسيسه، أو تلحق به بعد أن تتجاوز ترددها في تطبيع العلاقات مع إسرائيل، وسيكون السودان، عضوا أساسيا ورائدا بحكم هذا السبق في تأسيس نواة ومحور هذا الحلف، مما سيجعله ركنا مهما جدا في هذا التحالف، وهو أساسا الدولة الأغنى بإمكانياته الزراعية الهائلة، وثرواته الحيوانية، التي جعلته يلقب بسلة غذاء العالم، إضافة إلى علاقاته التاريخية مع جارته مصر، مما سيمهد ويعضد هذا التعاون الاستراتيجي، لانتاج الغذاء بوفرة، قد تصبح الأكبر على مستوى العالم، حين تجتمع فيه الطاقلت التمويلية المالية من رءووس الأموال السعودية والخليجية، مع التكنولوجيا الزراعية الإسرائيلية المتقدمة (أنظر الهامش رقم ٣)، وتكتمل بقوى وأيدي ملايين المزارعين المصريين الماهرة والوافرة، لتستغل الإماكنيات الطبيعية الهائلة في السودان، من ملايين الأراضي الزراعية الخصبة والميسورة الري، خاصة بعد بدء تشغيل سد النهضة وتنظيم انسياب الماء طول العام، بالإضافة إلى توفر المياه العذبة، من المياه الجوفية ومياه الأمطار والأنهار، والثروات الحيوانية، والمعدنية، والطاقة الشمسية، لكفاية دول العالم أجمع، ولمصلحة ورفاهية الشعوب والدول الأعضاء في هذا الاتحاد.
ومصل السودان ستتجاوز مصر خطر الانهيار الاقتصادي الوشيك، وتستقبل عهد النمو والرفاه الاقتصادي السريع، بعد أن تتجاوز، مع بقية الدول العربية، عقدة عدم التطبيع مع إسرائيل. وفي هذا التحول تكمن ضمانات أمن وأمان جميع دول المنطقة، وخاصة دولتي إسرائيل والمملكة السعودية، لأن الانهيار الاقتصادي في مصر ستكون أول نتائجه أن ينضم الملايين من الشباب المصري اليائس والمحبط، إلى التطرف الديني الذي سيهدد أول ما يهدد، بعد مصر، جبران مصر، السودان وإسرائيل والمملكة السعودية!
هذا التعاون الأمني بين السودان وإسرائيل، وبين مصر وإسرائيل لن يكون أمرا جديدا، فهو قائم اليوم ضد المتطرفين، الذين يهددون كلا الدولتين في سيناء.
فقد بثت شبكة “سي بي إس” الأمريكية، واعترف الرئيس المصري خلال المقابلة بوجود تعاون أمني وثيق مع إسرائيل في سيناء، عندما رد على سؤال مباشر بشأن ما إذا كان تعاونه هو “الأوثق والأعمق” مع إسرائيل، بالقول: “صحيح. هناك تنسيق جيد”.
وقال إن القوات الجوية تحتاج في بعض الأحيان للعبور إلى الجانب الإسرائيلي وإن ذلك هو السبب في وجود تنسيق واسع مع الإسرائيليين.
ويعد اعتراف السيسي بشكل رسمي بهذا النوع من التعاون مع الجانب الإسرائيلي اعترافا نادرا، يدل على قرب زوال الحرج والتردد في التطبيع الكامل للعلاقات مع إسرائيل. فقد درج الجيش المصري، في الماضي، على نفي جميع التقارير الإعلامية عن تعاونه مع إسرائيل ضد المقاتلين في شمال سيناء من عناصر تنظيم “الدولة”.
والذين تخوض قوات الأمن المصرية معارك ضدهم في سيناء منذ عام 2013.
ولو أننا مددنا النظر ليكتمل هذا التعاون الأمني الإقليمي بدخول السعودية، لأمكن احتواء الخطر الإيراني، بإحكام الحصار على إيران، الذي تقوده الولايات المتحدة، وأوشك أن ينجز مهمة ترويض إيران والحد من خطورة إثارتها لزعزعة وتهديد أمن جميع دول الإقليم، ولأمكن بالتالي الحد من تهديدات حلفاء إيران من منظمات حماس وحزب الله في لبنان، لنقترب أكثر من فرص إكمال السلام في الإقليم، وأمكننا اضطرار إيران للانسحاب من اليمن وتوفير الأموال السعودية، والأرواح السودانية، المهدرة، في مقاومة تواجد إيران باليمن.
التطبيع والقضية الفلسطينية:
هذا الجانب قد قتل بحثا وتعليقا، ولكن لابد لي أن أتطرق إليه بتقرير بضع نقاط أساسية. فأنا مع الرأي القائل بعدم ربط موضوع تطبيع السودان مع إسرائيل بتطورات ومفاوضات القضية الفلسطينية، لأنه أمر منفصل، وليس للسودان ومواقفه تأثير حقيقي كبير على مجريات أحداثه. فمقاطعة السودان لإسرائيل لم تؤثر إيجابا على سير المفاوضات الجارية خلال عشرات السنين لصالح الجانب الفلسطيني.
وحقيقة الأمر هي أن الفلسطينيين، ومن ينتمون لما يعرف بمعسكر الممانعة، لا يخوضون حقيقة حربا لاسترداد الأراضي الفلسطينية، سوى حرب الكلمات الحماسية التي تخاطب العواطف، وتلغي صوت التعاطي العقلاني، الذي يمكن أن يقود إلى حل سلمي يحقق أكبر المكاسب المرضية والممكنة للفلسطينيين.
وتعنت السودان إلى حد الوقوع في هاوية الانهيار الكامل، وإضاعته لهذه الفرصة التاريخية للخلاص، برفضه التطبيع، سيكون بلا شك موقفا سلبيا على حساب تحقيق مصالحه، بدون أي جدوى للقضية الفلسطينية.
ومن الناحية الأخرى، فإن نهضة السودان وتحقيقه لقدر معقول من التقدم والازدهار، سيجعله في وضع أفضل لمساعدة الفلسطينيين، من موقع القادر والمؤثر ماديا واستراتيجيا في أحداث ومجريات الأمور.
هوامش:
(١)
نبذة مختصرة عن (مشروع العاصمة الإدارية الجديدة):
فى مارس 2015 ، ومن مدينة شرم الشيخ أعلن الرئيس “عبد الفتاح السيسى” خلال مؤتمر “دعم وتنمية الاقتصاد المصرى” عن مشروع “إنشاء العاصمة الإدارية الجديدة” لمصر، لتكون عاصمة عالمية وبؤرة النشاط الاقتصادي. و يُعد هذا المشروع أحد أكثر مشروعات التطوير العقاري طموحاً، حيث تعادل مساحة المدينة الادارية، حسب مخطط المشروع، مساحة دولة سنغافورة، كما تبلغ قرابه أربعة أضعاف العاصمة الأمريكية واشنطن.
الهدف من المشروع :
مشروع العاصمة الإدارية الجديدة هو مشروع قومى استثمارى، يهدف إلى تأسيس مدينة إدارية اقتصادية جديدة، تكون عاصمة حديثة، تتفق ومفردات العصر، وتقع ضمن إقليم القاهرة الكبرى، مما يساهم فى توسيع الحيز العمرانى، و تفريغ العاصمة الحالية من التكدس والازدحام، بالإضافة إلى خلق منطقة جديدة جاذبة للاستثمارات.
ويتضمن المشروع الآتي:
– تأسيس مركز إداري جديد يضم أماكن لقصر الرئاسة والبرلمان، والحكومة، وحيا دبلوماسيا، و مطاراً دوليا، وأكبر حديقة على مستوى العالم.
– تأسيس مناطق عمرانية على مساحة تقدر بنحو 460 كيلومترًا مربعًا، تضم 25 حيًا سكنيًا، ونحو 1.1 مليون وحدة سكنية، و40 ألف غرفة فندقية، ونحو 10 آلاف كيلومتر من الطرق.
– انشاء منطقة للتكنولوجيا والابتكار ومجموعة من الجامعات، ومصانع “سوفت وير” لتكنولوجيا المعلومات، ومركزًا للتجارب.
وسوف تعتمد المدينة على الطاقة الجديدة والمتجددة، وسيتم فيه توفير جميع المرافق الخدمية، وكافة أشكال المواصلات سواء النقل الجماعي، أو مترو الأنفاق، أو القطارات الكهربائية فائقة السرعة.
المصدر: الهيئة العامة للإستعلامات المصرية:
http://www.sis.gov.eg/Story/132575?lang=ar
———————————-
(٢)
إحصائيات وأرقام عن تطوّر دولة إسرائيل:
المصدر: موقع تبيان:
https://www.google.com/amp/s/tipyan.com/all-what-you-need-to-know-about-israel-science-and-tech-advancement/%3famp
- هناك 6 جامعات إسرائيلية ضمن أفضل 500 جامعة في العالم، هي على التوالي: الجامعة العبرية في القدس، جامعة تخنيون للتكنولوجيا، جامعة Weizmann للعلوم، جامعة تلّ أبيب، جامعة Bar-llan، جامعة بن غوريون.
- هناك 145 عالم، باحث وتقني محترف من كلّ 10000 نسمة في إسرائيل وهو أعلى معدل في العالم، مقارنةً مع 85 عالم وباحث وتقني في أمريكا و83 عالم وباحث وتقني في اليابان لكلّ 10000 نسمة.
- نسبة الإنفاق على البحث العلمي في إسرائيل من إجمالي الناتج القومي هي الأعلى في العالم بنسبة 5%.
- الوجهة الأولى للمستثمرين في مجال العلوم والتكنولوجيا الأمريكيين خارج الولايات المتحدة هي إسرائيل.
- أكبر عدد لتواجد الشركات التقنية في نفس المكان خارج وادي السيلكون هو إسرائيل.
- هناك حوالي 200-300 شركة جديدة يتم إنشاؤها في إسرائيل سنويًا.
- تساهم إسرائيل بـ1% من المعرفة البشرية الإنسانية الحالية.
- هناك 12 فائز بجائزة نوبل يحملون الجنسية الإسرائيلية، 9 في مجالات الفيزياء والكيمياء والأدب.
- معالجات الحواسيب Pentium 4 وCentrino تمّ إنشاؤهما وتطويرهما وتصنيعهما بالكامل في Intel إسرائيل.
- وفقًا لإحصائيات 2004، 74% من سكان إسرائيل يمتلكون حواسيب شخصية.
- 25% من القوى العاملة الإسرائيلية يعملون في المجال المهني التقني.
- 50% من صادرات الاحتلال قادم من قطاع العلوم والتكنولوجيا.
- هناك العديد من التقنيات والاختراعات التي ساهم فيها إسرائيليون، على سبيل المثال: اكتشاف جسيمات الـQuarks (فيزياء)، تطوير أصغر كاميرا في العالم (بصريات)، وسائط الـUSB أو ما ندعوه بالفلاشات (حاسوب)، معالج إنتل 8080 والذي يعتبر أوّل معالج دقيق تمّ تصميمه في إسرائيل (حاسوب)، لوحة المفاتيح الضوئية تمّ تطويرها بشراكة مشتركة بين شركة إسرائيلية وأخرى أمريكية بوادي السيلكيون (حاسوب)، برنامج الترجمة الشهير Babylon تمّ تطويره بالكامل من قبل شركة إسرائيلية (برمجيات)، وغيرها.
———————————
(٣)
تقدم تكنولوجيا الزراعة في دولة إسرائيل
جاء في تقرير بموقع (وزارة الزراعة والتطوير القروي الإسرائيلية)، نشر يوم ٥ يوليو ٢٠١٨ عن (معرض التكنولوجيا الزراعية ال٢٠ “Agritech 2018):
(من المتوقع أن يزور إسرائيل 49 وزير زراعة و30 وفدًا من نواب وزراء ونواب رؤساء للمشاركة في “معرض التكنولوجيا الزراعية ال٢٠ “Agritech 2018” من المتوقع أن يشارك في المعرض حوالي 200 وفد تجاري وأكثر من 35،000 زائر من جميع أنحاء العالم ومن إسرائيل، يشمل حوالي 600 مشارك من السلطة الفلسطينية..
(ومن المتوقع أن يوفر المعرض منبرًا لعقد الصفقات واتفاقيات التصدير والعديد من المبادرات التعاونية في المجال • بحسب معطيات وزارة الزراعة، تعتبر إسرائيل مُصدّرة رئيسية للتقنيات الزراعية المنتجة محليًا • خلال عام 2016 قامت 204 شركة إسرائيلية بتصدير ما قيمته حوالي 9.1 مليار دولار من منتجات التكنولوجيا الزراعية
وزير الزراعة أوري آريئيل: “بفضل الأبحاث المتقدمة وجهود المزارعين الممتازين تحتل إسرائيل اليوم مكانة بارزة في طليعة التكنولوجيا الزراعية في العالم والأرقام تتحدث عن نفسها، حيث نشهد هذا العام زيادة بحوالي الضعف في عدد الوزراء وكبار الشخصيات المشاركة في معرض Agritech هذا العام مقارنة بالسنوات السابقة. يُشكّل هذا المعرض المكان الأمثل للاطلاع على آخر ما توصلت إليه التكنولوجيا الزراعية الإسرائيلية. يأتي آلاف الزوار كل عام إلى المعرض للتعلّم من الأبحاث والزراعة الإسرائيلية التي تواجه تحديات فريدة من نوعها وتبتكر لها حلولًا رائعة. سنواصل العمل على تطوير الزراعة الإسرائيلية والأبحاث المحلية حول المجال حتى تبقى دولتنا بمثابة رأس الحربة في مجال تكنولوجيا الزراعة في العالم”
جاء في تقرير بعنوان: ماذا يحدث عند لقاء التكنولوجيا بالغذاء؟ معرض التكنولوجيا الزراعية ال20 “Agritech 2018” المنشوز بتاريخ ٥ يوليو ٢٠١٨:
(من المتوقع أن يزور إسرائيل 49 وزير زراعة و30 وفدًا من نواب وزراء ونواب رؤساء للمشاركة في معرض التكنولوجيا الزراعية ال20 “Agritech 2018” • من المتوقع أن يشارك في المعرض حوالي 200 وفد تجاري وأكثر من 35،000 زائر من جميع أنحاء العالم ومن إسرائيل، يشمل حوالي 600 مشارك من السلطة الفلسطينية..
(ومن المتوقع أن يوفر المعرض منبرًا لعقد الصفقات واتفاقيات التصدير والعديد من المبادرات التعاونية في المجال • بحسب معطيات وزارة الزراعة، تعتبر إسرائيل مُصدّرة رئيسية للتقنيات الزراعية المنتجة محليًا • خلال عام 2016 قامت 204 شركة إسرائيلية بتصدير ما قيمته حوالي 9.1 مليار دولار من منتجات التكنولوجيا الزراعية
وزير الزراعة أوري آريئيل: “بفضل الأبحاث المتقدمة وجهود المزارعين الممتازين تحتل إسرائيل اليوم مكانة بارزة في طليعة التكنولوجيا الزراعية في العالم والأرقام تتحدث عن نفسها، حيث نشهد هذا العام زيادة بحوالي الضعف في عدد الوزراء وكبار الشخصيات المشاركة في معرض Agritech هذا العام مقارنة بالسنوات السابقة. يُشكّل هذا المعرض المكان الأمثل للاطلاع على آخر ما توصلت إليه التكنولوجيا الزراعية الإسرائيلية. يأتي آلاف الزوار كل عام إلى المعرض للتعلّم من الأبحاث والزراعة الإسرائيلية التي تواجه تحديات فريدة من نوعها وتبتكر لها حلولًا رائعة. سنواصل العمل على تطوير الزراعة الإسرائيلية والأبحاث المحلية حول المجال حتى تبقى دولتنا بمثابة رأس الحربة في مجال تكنولوجيا الزراعة في العالم”
بدر موسى
[email protected]
كلاام طوووويل طول رقبة الجمل ومثلها لا يوجد فيه لحم
اختلاف عن حول التطبيع مع الكيان الصهيوني ليس بجديد
الذي اثار الضجة هو انفراد الزلنطحي برهان بالقرار