
جاء إصدار قانون تفكيك النظام وازالة التمكين وتكوين لجنة ازالة التمكين ومحاربة الفساد انفاذاً للوثيقة الدستورية خطوة مهمة ليس لتفكيك وازالة التمكين فحسب، وانما للمحافظة على الثورة وحماية الفترة الانتقالية .. وجاءت التكليفات الواردة في نصوص القانون والمواد الحاكمة له من صميم العمل التنفيذي لمجلس الوزراء .. وكان متوقعاً ان تحصر عضويه اللجنة في الحكومة وقوى الحرية والتغيير وان يكون الإشراف عليها من مهام رئيس الوزراء لطبيعة العمل المناط بهذه اللجنة .. ولم يكن وجود ممثلين لمجلس السيادة في موقعي رئيس اللجنة ونائبه ليشكل فرقاً في اطار الشراكة وفي سيادة الشفافية والاستقلالية والنزاهة .. ولكن.. !
الا ان ما أسفرت عنه مسيرة اللجنة وناتج عملها حتى الآن يظهر ان الأعضاء من مجلس السيادة وممثلي القوات النظامية بحكم مرجعيتهم وولائهم لمؤسساتهم التي انتدبتهم تتسبب في خلل واضح في الشفافية في أولويات عمل اللجنة.. والقى بظلال كثيفة على حيدتها واستقلاليتها … ويبدو بائناً ان هذه الجهات ما وجدت في اللجنة الا لحراسة التمكين في مراجعها باعتباره أمراً خاصاً بها … ويتضح هذا من أيلولة هيئة الاتصالات وما جرى من لغط حول تبعيتها .. و جهات أخرى عديدة.
عليه ليس غريباً أن تتجاهل لجنة ازالة التمكين وجود مئات الشركات والعقارات والمشروعات التي امتلكتها القوات النظامية في فترة النظام المباد … شركات القوات المسلحة وشركات قوات الشرطة وجهاز الأمن والدعم السريع تقدر أصولها بمليارات الدولارات … هي أموال وأصول خالصة للشعب السوداني وجب ان تكون تحت ولاية وزارة المالية بنص الوثيقة الدستورية … لتعيش البلاد وضعاً مقلوباً ويصرح السيد وزير المالية بأن منظومة الصناعات الدفاعية ستدعم الموازنة بتوفير (2) مليار دولار من صادرات مسلخ الكدرو ( فقط).. دعك من بقية الشركات والمصانع والمزارع.. والمناجم وتحديداً الذهب والكروم والنحاس وربما معادن أخرى.. هذه الأصول فضلاً عن ايراداتها كان يمكن ان تكون ضامناً للقروض او لتسهيل عمليات الواردات الضرورية من وقود وقمح ودواء.
عليه يجب التأكيد على خضوع كل الجهات لقانون تفكيك النظام وازالة التمكين.. على عكس ما نراه الآن من انتقائية .. و كيل بمكيالين ..كما ان القانون لم يسن بهدف الانتقام او تصفية الحسابات و إدارة حرب الملفات .. وإنما هدفه استرداد أموال الشعب وحقوقه المنهوبة وإقامة العدل واحترام كرامة الإنسان، ويلزم التنويه ان هذا لا يمكن ان يتم الا أمام القاضي الطبيعي لأية حالة اشتباه .. ولذلك على اللجنة وهي تمارس المهام التي خولها لها القانون ان تراعي الاستقامة والنزاهة والشفافية في أدق التفاصيل التي تتعلق بعملها … خاصة فيما يتعلق بالمحاصصة المناطقية والحزبية التي صبغت تكوين لجانها الفرعية ، لدرجة ان الوزير (المستقل)عضو اللجنة ينتدب عضوا (مستقلا)من حزبه ليمثله داخل اللجنة فى تجاوز واضح للقانون ولخصوصية التكليف .. ويتم تداول مفاهيم وعبارات خادشة لحياء العنصرية تحت ذرائع ازالة التهميش.. هذه اللجنة تقوم بأعمال تنفيذية هي من صميم صلاحيات مجلس الوزراء.
بهذا فان الحرية و التغيير تحولت من (حاضنة) مفترضة للحكومة إلى القائم بالأعمال الحكومية، ان كانت هذه الأعمال ترضى الحكومة.. لذلك ندعو لتصحيح المسار .. ولن نمل في ذلك ، فالخيارات محدودة ..بل هي خيار واحد فقط وهو إكمال الفترة الانتقالية بنجاح ..
يا هؤلاء ..لا يمكن ازالة التمكين بتمكين جديد.
محمد وداعة
الجريدة
هذا التعليق كان على معارضي التفكيك من المعلقين على مقال الكاتبة صباح محمد الحسن امتنع إرساله في اليومين الفائتة!!!
بل لا بد من التطهير كواجب وطني لمنع المخربين من الاستمرار في التخريب والتضييق على معيشة المواطن من خلال مؤسسات الدولة التي يفترض بها رعاية مصالح المواطن وليس الحزب أو الجماعة التي ينتمي إليها الموظف. وبما أن الافتراض القائم بل الحقيقة الماثلة هي أن جل الخدمة العامة المدنية والعسكرية ومنذ ثلاثين سنة إلى اليوم كانت ومازالت حكرا محكورا على الكيزان والمنتفعين معهم وأن أسس الاختيار للخدمة العامة لم تكن أبداً مفتوحة لأي مواطن كفؤ ومؤهل بل مقتصرة فقط على التزكية بالولاء للتنظيم والحزب الحاكم، فقد كان الواجب اتخاذ القرار بمجرد استلام حكومة الثورة للسلطة، قرارا عاما، بإلغاء جميع الوظائف وتكليف شاغليها بالاستمرار في العمل مؤقتاً ريثما يتم شغل ذات الوظائف بالكفاءات المطلوبة للوظيفة واستبعاد شرط الولاء لأي جهة، ثورية كانت أم ثورة مضادة، فمثل هذا القرار هو قرار قانوني ودستوري مائة في المائة فوق كونه سياسي أصلاً، لأنه مجرد إزالة تمكين كان قائماً على الولاء للمخدم وليس للوظيفة بتمكين جديد يقوم على الكفاءة والأهلية للوظيفة وبالتالي لا يستطيع أي متنطع أن يقول بأنه استبدال تمكين بتمكين آخر، هكذا قولا على عواهنه، ولا يدري أنها كلمة حق يراد بها الباطل، لأن ما وراءها ليس إلا الباطل الذي أبطلته الثورة ويريد لنا تركه يحكمنا كمان وكمان وليتهم يقنعون بحكمنا بدون راس النظام المخلوع ولكنهم وبما أن كفاءتهم للوظيفة هي فقط الولاء للنظام، فإنهم غير مأموني الجانب ولن يألوا جهدهم في السعي لاسترداد الرأس المخلوع متى ما سنحت لهم الفرصة……!
لذا ولا بد من كنسهم واستبدالهم في أعجل فرصة ودون أن تتضرر مصالح الشعب كما يلمحون بهذه الورقة ويستخدمونها كورقة ضغط غير أخلاقية للبقاء في الوظيفة، رغم أن المعيار الجديد للوظيفة العامة، كما أشرنا، لا يستهدف مطلقاً من كان كفؤا خاصة من ذوي التأهيل والخبرة الفنية.