مقالات سياسية

الحرب العالمية الثالثة .. أدواتها وأخواتها

جورج ديوب

فجأة يستيقظ العالم ودون سابق إنذار على أنباء حرب عالمية ثالثة , تتسم خطورتها أن أدواتها مجهولة غير مرئية , يصعب معها أخذ الإحتياطات اللازمة لدرء خطرها وكيفية التعامل معها وإمكانية وضع حد لها , لتجنيب العالم ويلات ومصائب , لم يحتط لها . ورغم أن الحرب مازالت في بداياتها , إلا أن ضحاياها بلغ تعدادهم بالآلاف , وساحتها بحجم مساحة الكرة الأرضية.

لقد أطلق العالم تسمية ( كورونا ) على المهاجم , وهو فيروس مجهري لا يمكن رؤيته بالعين المجردة , إلا أنه ورغم صغر حجمه يمتلك قدرة فائقة على الفتك بالبشر . هذا الفيروس الذي ظهر في الصين على حين غرة دون سابق إنذار , سرعان ما انتشر وأصاب الآلاف من السكان في عدد ليس بقليل من الدول , وما زال يزداد انتشارا أكثر فأكثر , حتى وصل الدول العربية المصابة أصلا بآلاف الفيروسات الأكثر خطرا من فيروس كورونا , ما دفع حكومات الدول إلى إغلاق حدودها البرية والبحرية والجوية مع الدول المصابة .
الدول العربية ليست بمنأى عن الإصابة بخطر هذا المهاجم الجديد الذي أوقع العديد من الإصابات بين صفوف سكانها , دون وجود خطط صحية علمية مدروسة لمواجهة الفيروس الذي لا تقتصر خطورته على صحة المواطنين فحسب , وإنما تعداه إلى الجوانب الإقتصادية والمالية وخطط التنمية والبناء والضرورات الحياتية اليومية وكل الحاجات الإنسانية , عكس الدول المتقدمة التي سارعت إلى اتخاذ كافة الوسائل الممكنة للحد من انتشار هذا المهاجم , وتقديم كل الخدمات للمواطنين حفاظا على حياتهم والإبقاء على سير عجلة الإقتصاد.

نحن في الوطن العربي مبتلون بأوبئة وفيروسات أكثر خطورة من فيروس كورونا , وعلى مدى زمني طويل , منذ الإستقلال وحتى الآن . فأخوات كورونا متفشية في كل مفاصل البلدان , لا يجرؤ أحد على تسميتها أو الإشارة إليها , بل أن كثيرين يجاهرون بالولاء لها ويتعاملون معها ويحملون السلاح للدفاع عن سلطانها . هذه الفيروسات تمتلك سلطة التسلط , تمتد أياديها إلى موائد الطعام تختطف رغيف الخبز من أمام الفقراء , وتمتد إلى الجيوب تنتشل الدراهم القليلة التي تحتويها , وتقف على أبواب المستشفيات تدع المريض يموت قبل معاينته من قبل طبيب , أو تحرق أبا لم يستطع تسديد رسوم المدارس عن إبنه , إلى أن أصبحت المدارس تدرس الأمية بعد أن هجرها طلابها , والمجتمع أصيب بالشيخوخة بعد هجرة الشباب والعقول . فأصبحنا بلاد تصدير الفيروسات إلى العالم , إلى أن أصبحنا نخجل التصريح عن البلدان التي ننتمي إليها . هذه الفيروسات البشرية إذا تمكن الشعب من القضاء عليها , عندها تختفي كورونا تلقائيا .
لقد تجاهلنا مكافحة كل الفيروسات , فأصبنا بضعف المناعة , فتكاثرت تلك الفيروسات وبدأت بالتوافد إلينا من كل الجهات , من الصهيونية العالمية والولايات المتحدة وتركيا وإيران وغيرها , وأخذت تفتك بأرواح الناس وتنهب وتفرض قراراتها , والعرب منقسمون فيما بينهم , منهم من يؤيد ويدعم بعض هذه الفيروسات ومنهم من يدعم ويؤيد فيروسات أخرى , علما أن الجميع ينشر الإرهاب والدمار. ورغم كل ذلك فإن بعضنا وبكل وقاحة يدفع بمبررات الدفاع عن هذا الطرف أو ذاك , مبررات تنم عن تناغم طائفي ومذهبي , ضاربا عرض الحائط مصالح الوطن بكل مقوماته.

ناقصنا والله ناقصنا !!! ألا تكفينا الفيروسات المتواجدة على موائدنا وبين جنباتنا ؟
يبقى أن نقول أن أخطر الفيروسات هو المواطن المصاب بالعداء لوطنه وشعبه , المستعد لبيع ضميره مقابل حفنة من الدولارات , لهذا أو ذاك .

جورج ديوب

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..