مقالات وآراء

ظهر بعير الفترة الإنتقالية ..!

منذ استقلالنا الحزين ..والذي ربما لا زال بعض الكبار من أهلنا البسطاء يلبسون خلال عقودة الستة أثواب الحداد على ذهاب الإنجليز ..ليس حبا في عيونهم الخضراء بالطبع , . أو تاسفا على عدالتهم وإنما تأففا من عدم محافظتنا على ما تركوه من إرث في البنى التحتية التي صارت أثرا بعد عين وقد تركوها زينة في كثير من جوانب المشهد …ومن يعبر على سبيل المثال قناطرالقنالات والترع بمشروع الجزيرة التي كانت خضراء وأصبحت غبراء ربما يبكي على حالها الذي يغني عن سؤالها وهذا غيض من فيض كثير ..لا نحن أضفنا اليه طوبه تعليه ولا حافظنا على اشكل الموروث من التأكل بل و التخريب أوالسرقة في رابعة النهار !
ربما يقول قاريء حصيف وما علاقة تلك الرمية المضرية بعنوان المقال .. فاقول له مهلا يا الحبيب فهنالك علاقة نسب وقرابة لا تنفصل عن السابق بما هو لاحق.
فإن الأمر مرتبط بالشان السياسي فيما يتصل بعدم استقراره وإن طالت فترات بعض نماذجه الشمولية التي تتولد بذريعة فشل الفترات الديمقراطية القصيرة والهشة فلا تلبث كثيرا أن تدوس عليها عجلات الدبابات والتي تطيل البقاء على جسد الوطن فتتأكل هي الآخرى بفضل عوامل الزمن وعدم تحريكها في الإتجاه الصحيح أو تشحيمها بعقلانية النهج السليم…و من ثم تدفعها ثورة أو إنتفاضة أو إعتصام بعيدا لتحل محلها فترة إنتقالية ولثلاث مرات . متباعدة ..ولعل أخرها الفترة الحالية هي الأكثر مواجهة بتحديات جمة لا تحسد عليها لانها وإن تشابهت مع سابقتيها في الملامح العامة ولكن تفاصيلها من حيث المهام و العواصف التي تحيط بها من كل جانب سياسية كانت أم إجتماعية أو أمنية و أصعبها تلك الإقتصادية وهي دون ريب بمثابة القشة التي قد تقصم ظهر بعيرها إن هي لم تتخذ من ترتيب تحميل الأولويات على ذلك الظهر النازف بجراحات الماضي والمحمل بأكداس ما بعد الثورة من هموم الوطن المبعثر الأطراف و المواطن المهموم بالحصول على أبسط مقومات إقامة الأود ولا نقول تحقيق الكرامة والحرية فحسب !
نعم ليس بامكان الحكومات الإنتقالية إمتلاك القدرة على تضميد كل جراحات الماضي و لاحلحلة كل عقد الحاضر و أرض السودان تنوء بالكثير من الأعشاب المسمومة التي وجدتها منتشرة في ثنايا تربة لا تصلح للزراعة المثمرة ..إلا بالتجريف العدلي والتسميد الوطني الخالص ببسواعد المواطن نفسه ومساهمته في العملية برمتها عبر مبادرات جريئة وعملية ..والكف عن حركة الإعتصامات والوقفات الإحتجاجية التي باتت تسد بوابات المصالح والوزارت و أو لها بوابة مجلس الوزراء .. فنجدكل جماعة ترفع مظالمها في لا فتاتها و عقيرة صوتها ..وكان في جيب الحكومة المثقوب ما يمكن أن يحل كل هذه المشكلات المتراكمة في لمح البصر وكلنا يعلم حال البلد و مقدرات الولد !
لسنا هنا في مقام من يبرر تباطوء أو كسل هذه الحكومة وعجرها في تصريف الأولويات حسب أهميتها ..لكن ذلك بالضرورة يتطلب توفير المناخ الهادي الذي يمكن الحكومة من التفكير بروية لإيجاد المخارج في فترة حددتها الوثيقة الدستورية بثلاث سنوات تمهيدا لقيام دولة مدنية ديمقراطية وهي فترة على قصرها فإن حكومتها محاصرة بين مكون عسكري يشدها الى الوراء حتى لا تبتعد كثيرا عن عتبات الإنقاذ ..ودولة عميقة تريد إعادة عقارب الساعة وهو أمر مستحيل أن يقبل به الشارع الذي يتلهف هو الآخر الى التغيير بالعصا السحرية دون أن يلتفت الى تحريك عجلة الإنتاج …وكأن الجميع تكالبوا على حكومة هذه الفترة الغضة السواعد ورموها مكتوفة في اليم وقالوا لها إياك إياك أن تبتلي بالماء !

محمد عبد الله برقاوي
[email protected]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..