مقالات وآراء

الثورة كل لا يتجزأ ..لتبقى .يا ثوار ديسمبر

محمد عبد الله برقاوي..
مخطي من يعتقد أن مهمة الثوار تنتهي في صرع النظام البائد ومن ثم تبدأ مهام الحكام الذين يفوضون بشرعية الثورية ..مثل حالة مكونات الحكم الإنتقالي الذي يصارع بحرا هائجا من التحديات المهولة وسط تبادل نظرات الريبة بين عسكره ومدنييه وتجاذبات الحاضنة السياسية .. والروافع الشعبية الآخرى!
فالثورة الحقيقية هي التي تقود مسيرة البناء بعد أن تفرغ من تجريف كافة المواقع وركام الماضي ..لتضع مكانها الأساس المتين لديمقراطية راسخة في دولة مدنية تؤطر لتوطيد مبادي الحرية والسلام والعدالة المستدامة !
طبعا ليس خافيا الآن وبكل اسف اسيف عدم توفر التماسك المطلوب بين مكونات الثورة وهي كلها ودون أي اتثناء تبحر بذلك المركب دون أن توحد الأيادي في التشبث بالمجاديف و توجيه الأشرعة والنظر بعين ثاقبة في البوصلة التي تقودالمسيرة الى الوجهة الصحيحة !
مجلسا السيادة والوزراء الجالسان على قمة ومقدمة المركب كل منهما ينظر الى ضفة بعينها إستجابة الى تلويح من يقف عندها من أهل المحاور الذين يحملون رايات الغرض !
والحرية والتغيير ذلك التحالف الهلامي الأفقي لم يصل بعد الى توافق معقول حيال تحديد قيادة مركزية عمودية الصلاحيات تتحدث بلسان واحد خارج القاعات وعبر أجهزة الإعلام دون أن ينتقص ذلك الأمر من حقها في إختلاف الرأي والجدل قبل الوصول الى قرار موحد في القضايا المصيرية إحتكاما لرأي الأغلبية واحتراما لرأي الأقلية ..فما زلنا نشاهد كل يوم وجها جديدا عنوانه القيادي بقوى الحرية والتغيير أو تجمع المهنيين في الحوارات التي قد لا تلامس هموم الناس التائقين الى الخبز والوقود والغاز ..ةالحد الأدنى من توفير خدمات الصحة والتعليم والأمن وهي مقومات إذا ما تمتع بها المواطن البسيط فسيترك عجين السياسة لخبازيه وإن طال تقليبه في أفران الزمن !
نعم الكل يشهد تراخي الحكومة وقواها الثورية في حسم الكثير من الأمور المتعلقة بمحاربة التمكين الكيزاني وتحقيق العدالة الإنتقالية ..ونؤمن في ذات الوقت أن المجيء متأخرا بالرؤى السليمة التي لا تظلم البري أوتتجاوز عن المذنب ولو سهوا هو خير من العجلة في مثل هذه الأمور المصيرية .!

ونحن نعلم مقدار إتساع الفجوة جراء هذا التروي والبطء وقد تسلل منها سدنة النظام المندحر والمنتفعون منه كنقطة ضعف لم يستفيدوا منها في الخلاص بجلودهم فحسب بل زادوا في ذلك مكيالا من محاولة استغلاله لتقويض الثورة بشتى الأساليب التي فشلت في مجملها .. لان الشعب قد اشهر لهم سلاح كراهيته الحاد السنان بما يؤكد استحالة عودتهم من بوابانت الحكم مرة آخرى إلا عبر القنوات المشروعة لاحقا إذا ما استفادوا من سوءات تجاربهم و تراجعوا وراجعوا كل دفاترهم القديمة ..ولكن ولكونهم قد تعودوا طويلا على الرضاعة من أثداء السحت فلهم من الوسائل ما يعتقدون أنهاستوصلهم للغاية مهما كان ثمن المزيد من التردي الأخلاقي باهظا في في محاولاتهم للتغلغل داخل ثنايا المكونات الثورية الشابة أمثال لجان المقاومة في الأحياء وبشتى الذرائع والخدع التي يرون في عقول هذه الأجيال الغضة هي الأرضية الخصبة لبذر نواياهم المسمومة !
إذن فلا مجال أمام قوى الثورة لاسيما الشعبية منها إلا أخذ الحيطة والحذر و توحيد الصفوف وهي مسئؤلية جسيمة يجب أن يتحملها العقلاء من كوادر الحرية والتغيير التي نعلم أنها تعيش صراعا داخليا لابد من حسمه التزاما بتفعيل المبادي الديمقراطية داخل مكونهم العريض ..فعلى الذين يرون في انفسهم الأحقية الأكثر في الاستحواذ على دفة السفينة أن يثوبوا الى رشدهم ويراعوا الله في مآسى هذا الشعب الذي دفع مهر الثورة من دماء الشرايين الغالي فاسترخصوه من أجل التغيير لا التنفير ..أم الذين يستعجلون فشل المرحلة الإنتقالية لليحتكموا الى صناديق الإقتراع دون تهيئة ملعب الإنتخابات للتنافس الحر وبذات استقطاب التبعية العمياء التي جبتها مستجدات الزمن دون شك أو حجمتها ..نقول لهم ..مهلا على الثمرة حتى تستوي لتكون حلوة المذاق في حلق الوطن والا يفكروا في ذاتهم مثل كل مرة لتنكسر الجرة كالعادة !
اما الحكومة الإنتقالية فإن هي فشلت فسواعد الشارع كفيله بدفعها بعيدا .. لان الأهم ثم المهم هو كيان الثورة التي جاءت لتبقى كخيار لنفع الناس ..أما الزبد فسيذهب هباء غير ماسوف عليه !
محمد عبد الله برقاوي
[email protected]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..