مقالات متنوعة

اشراقة مصطفى و شھر مارس

محمد صالح

حیثما انبت الله النساء یُزھرن ، إنھن مفاتیح الحیاة وجوھرة معناھا ، ھذا الشھر من السنة “مارس” ھو شھرھن
حیث یحتفلن و یحتفل العالم بھن و بعیدھن . مازالت المرأة السودانیة تكافح و تحارب لتحصل على
حقوقھا ، فقانون الأحوال الشخصیة المعیب مازال قائماً و المواد التي تستخدم لقھر النساء مازالت موجودة و ذلك رغم إًلغاء قانون ًالنظام العام ، ینتظر النساء في السودان شوطا طویلاً جدا لتحقیق شرط المساواة المطلوب ، فالمجتمع المخصي على رأي السیدة “میسون النجومي” في مقالھا الشھیر مازال رغم زوال النظام الظلامي یُمسك بتلابیب المجتمع،وللفكاِك منه یحتاُج النساء والرجال لكل جھد و طاقة وعي ممكنة ، للتعافي و الوصول للمساوا ِة في الإنسانیة.

لكن نساء بلادي أینما انبتھن الله یُزھرن ، في مناخ مساوا ِة الفرص تجدھن یفتحن الأبواب الصعبة و یحققن المستحیل ، الیوم تصل إحداھن إلى قمة لم یسبقھا إلیھا أحد ، تخطت ھذه السیدة متاریس من المستحیل و حاربت ذاتھا و ظروفھا و قاومت مجتمعھا و أخیراً انتصرت.

بدأت رحلتھا الشاقة في ظل نظا ٍم دكتاتوري ظالم و مظلم،رماھا حظھا بعدالثانویة في معقل من معاقِل الجبھِة الإسلامویة “جامعة أمدرمان الإسلامیة” فخاضت فیھا حروبھا الخاصة و العامة فعانت ما عانت ، ففي سوداننا یتوارث النا ُس الغنى و الجاه و الفقر و المعاناة جیلاً بعد
جیل إلا من رحم ، كان نصیبُھا القتال من أجل لقمة العیش و من ثم القتال لتغییر مستقبلھا ، فأصرت على الھجرة وحطت رحالھا بالعاصمة النمساویة “فیینا” ، لتبدأ فصلاً جدیدا من التحدیات،فتعلُم لغٍة جدیدة” الألمانیة” ومن دراسة الماجستیر والدكتوراه بھذه الغِة الجدیدة لم یكن أمرا سھلا خالیًا من الصعاب بالتأكید.

ھذه السیدة صاحبتھا في كل مراحل حیاتھا قضایا أساسیة كرست لھا كل طاقاتھا ، كقضایا حقوق الإنسان و النساء بصفٍة خاصة وقضایا الھجرِ ةواللجوء، فمنذ وصولھا إلى النمسا لم تأ ُل جھداً إلا و بذلتھ في سبیل تلك القضایا معتمدة على قدرتھا الفائقة على تشكیل مجموعات مستغلة امكانیاتھا الھائلة في الإتصال و التنظیم ، لتخلق لذاتھا مكانة مرموقة في وسط المجتمع النمساوي ، فھي كما تقول جاءت للتبادل و لیس للإندماج
(Ich bin nicht da zu integrieren, ich bin da zu par3zipieren)
فرغم ما حققتھ من نجاح إلا أنھا لم تسقط و لم تستغني
عن سودانیتھا مطلقاً ، خمسةٌ وعشرون عاماً قضتھا ھنا لم تجعل منھا إلا أكثر سودانیةً و أكثر حبًا و اندفاعاً و دفاعاً عن السودان . كل ما حققتھ من علاقات خاصة على مستوى ُصنّاع القرار النمساوي كرستھ لخدمة قضایا السودان ، و كل معارفھا ِ
في مجال الأدب و الثقافة مكر ٌس لخدمة الأدب السوداني و ِِِ”أدب المھجر عموماً فھي تفت ُح الأبوا َب لمعظم الكتا ِب ِالجدد الوافدین إلى النمسا” ، ما یمی ُز ھذه السیدة قدرتھا الفائقة على نكران الذا ِت و العمل من غیر مقابل ، فما تعرضت لھ من تجارب مؤلمة “كحرق كتبھا من قبل جھاز الأمن قبل مغادرتھا البلاد” و تجارب خذلا ٍن من كثیرین حولھا ، جعلت منھا إمرأةً أقوى و أكثر إصراراً على العطاء و أكثر إقبالاً على النجاح .و إن كان ما حققتھ من نجاح تحقق بفضل مجھودھا الخالص إلا أننا نشع ُر بالفخر و الإعزاز ، نشع ُر بفخر الإنتما ِء لنف ِس الوطن ، و الإعزا ِز باللو ِن المشترك . في النصف الثاني من مارس ، تحدی ًدا في الثاني عشرمنه تتزین ولایة فیینا لتمنح المیدالیة الذھبیة “میدالیة تمنح للأشخاص الذین أسھموا قي تقدِم وازدھار المدینِة من ِ خلال العمل العام أو الخاص” للدكتورة ابنة السودان ِِ”اشراقة مصطفى حامد” ، مثالاً على قدر ِة المرأ ِة السودانیة على تحقیق ذاتھا ، و قدوةً للواتي یسرن على ذا ِت الدرب بإن من سار وصل .
دكتورة اشراقة نفتخر و نفاخر بك و نعر ُف بأن قافلة إنجازاتك مازالت في الطریق .
آلاف التبریكات لا تكفي
مودتي وتقدیري
محمد صالح فیینا
[email protected]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..