الذهب.. يكاد عقلي يذهب

صباحكم خير – د ناهد قرناص
الأنباء المتواترة في الاعلام السوداني ووسائل التواصل الاجتماعي ..عن الممارسات الشاذة بين بعض مرتادي مناطق التعدين الأهلي ..هل مرت عليكم عادي كدا ؟ ام انكم مثلي أعدتم القراءة مرتين قبل أن يرتد بصركم وهو حسير؟ الحقيقة ان عقلي (ودا وجاب ) ولم يصل الى حل ..ما الذي يحدث هناك في مناطق التعدين الأهلي ..؟؟ وكيف تفاقم الوضع الى درجة اضطرار المواطنين الى تنفيذ الاعدام بأنفسهم تجاه أناس آخرين دون انتظار محاكمة ..او حتى ابلاغ السلطات ؟
الأمر بمجمله كان كارثة ..واحتمال تكراره وارد خاصة بعد الاحتقان الذي فعله تداول الخبر بتلك الشاكلة التي تثير حفيظة اي انسان دعك من السوداني صاحب (القلب الحار أصلاً) …الاخبار لم تخضع لفحص ولم يمهلنا احد لنستبين صدقها من عدمه ..فقد أتت الأخبار انه قد تم اعدام المذكورين وحسابهم عند رب العالمين.
السؤال الذي تبادر الى ذهني مباشرة .. لماذا تظل مهنة تعدين الذهب عشوائية ؟ يعني بالعربي الفصيح .. اي بقعة من بقاع العالم.. يصحو فيها المرء فجأة من نومه ويلقى نفسه (برعي ) ..او دهابي ؟ ولماذا تترك الحكومات المتعاقبة مهنة (الدهابي) هكذا دون تنظيم او متابعة ؟ ..وأخيراً ما الذي كنا نتوقعه من مجتمعات عشوائية يتواجد فيها شباب دون رعاية ولا متابعة صحية او مجتمعية ..او وسائل توعية او ترفيه ..ناس قاعدة في الخلاء ..ليلهم كنهارهم ..يضربون في الأرض عسى ان تخرج لهم من ذهبها ما يطفئ ظمأهم للثراء السريع ..اذ ان بلادهم (بدون قروش ما بتتقعد) ..جد فعلاً ..ما الذي كنا ننتظره ؟
الكتابة عن الذهب والتعدين العشوائي كانت في مجملها تتحدث عن الاستفادة من العائد واذا كان يصب في خزينة الدولة ام لا ..الذهب والتهريب وبورصة دبي ..وايه مش عارف ايه ..اما أولئك الشباب الذين تهدر حياتهم هناك ..لا بواكي لهم ..التعدين وامتهانه في العالم له تبعاته ومتطلباته لأنه مهنة شاقة وخطرة ..والشئ الذي أعرفه ان الشركات الكبرى توفر رعاية صحية واجتماعية لمنسوبيها …وهي أساسيات تشترطها الحكومات على أي شركة تريد الاستثمار في مجال الذهب ..طبعاً هذا الامر في البلاد التي تقنن العمل بالتعدين ولا تفتح الباب على مصراعيه دون متابعة (زي حلاتنا كدا).
أكبر مشكلة نعيشها نحن في السودان هو المثل القائل (البعيد عن العين ..بعيد عن القلب ) ..كل الاحداث التي تحدث في الاطراف ..او خارج حدود العاصمة ..لا تحتل حيزا من التفكير ..ولا تجد اهتماماً يذكر ..فالذي حدث في سوق الطواحين بمناطق التعدين العشوائي ..شئ يجب ان تتوقف عنده الأزمنة ..ولا يجب أن يمر مرور الكرام ..تعدين الذهب يجب تقنينه وبسط يد الحكومة على كل المواقع التعدينية ..ولو أمكن منع الافراد من ارتياد مناطق التعدين واجبار الشركات الكبرى على استيعاب شباب المنطقة المحيطة بمناطق التعدين بعقود عمل مجزية وكذلك الزام تلك الشركات بتنفيذ مشاريع تنمية اجتماعية وخدمية بتلك المناطق ورفع مستوى المعيشة لأهلها الصابرين.
ادركوا التعدين الأهلي ..ادركوا الشباب السوداني ..اوقفوا ما يحدث من استنزاف لموارد البلاد وهدرها وتلويث البيئة مما يجعلها بؤرة لانتشار الأمراض الوبائية والمجتمعية ..ويمهد لانتشار سلوكيات شاذة ومرعبة ينتج عنها ما لا يحمد عقباه ..الا هل بلغت ..اللهم فاشهد ..
الجريدة
تسلمي يا دكتورة….نعم الرأي