مقالات وآراء

كفى انتظارالوعود لن تتحقق. .. !

عبدالمنعم عثمان
ظللنا نسمع من بعض الدول الأقليمية والعالمية عن تأييدهم لسلطة الفترة الأنتقالية كل بأسبابه . غير ان الغرب عموما وخصوصا الولايات المتحدة ،فقد كانت أسبابها تنحصر فى مناصرة الأتجاه نحو الديموقراطية والمساهمة فى محاربة الأرهاب الى جانب الأعجاب بالثورة التى حافظت على سلميتها حتى النهاية أمام سلطة جائرة وعنيفة . لكننا فى أغلب الحالات ، وعلى الأخص حالة الولايات المتحدة ، نجد تطابقا بين موقفها والمثل الشعبى المصرى : ( أسمع كلامك اصدقك ، أشوف عمايلك استعجب ) ! والأدلة :
– ذهب د. حمدوك اليهم يحمل آمالا عراضا من كل الشعب صانع الثورة التى وجدت الأعجاب هناك . وهى ذات الثورة التى أزالت صانعى الأرهاب المعروفين يالأسم والصفة لدى الولايات المتحدة ، بل والتى استلمت ملفات ارهابى العالم من تلك الطغمة التى أزالتها ثورة الشعب السودانى ، فماذا حدث ؟
استقبل رئيس وزراء الثورة استقبالا جميلا من الشعب الأمريكى وممثليه فى الكونجرس ، الا أنه عاد وهو يحمل الرسالة المكررة بشكل أصبح مملا : ازالة أسم السودان من قائمة الأرهاب مسألة وقت ! وقت لأي غرض ؟
مرة يقال الأجراءات التى يجب ان تمر بمراحل متعددة . هل أحتاج الأعتراف بالقدس كعاصمة ابدية لسرائيل والأعتراف بأستيلاء اسرائيل على جزء من الأراضى الموقوفة لتكون جزء من الدولة الفلسطينية وغيرها من الأمور التى لاتعترف بها الأمم المتحدة وأمريكا جزء منها ، هل أحتاج الى المرور بتلك المراحل ؟!
ومرة أخرى يقال ان الأمر يرتبط بتسليم المطلوبين للمحكمة الدولية ، وأبحث فلا أجد رابطا الا ان يقال انه احتمال عودة هؤلاء الى الحكم وممارسة الأرهاب من جديد ، وهو أمر جائز الأحتمال اذا ارتبط بما أشيع بالوعد الذى منج لقوش بتسنم الرئاسة !
وفى مرة ثالثة يربط الأمر بصفقة القرن والحاجة الى دعمها من بعض الدول العربية، فكان السودان هو الأقرب الى تنفيذ ذلك الدعم ، على أمل أن يكون دافعا لآزالة أسمه من تلك القائمة اللئيمة . هذا غير كثير من أقوال الصحف والدبلوماسيين السابقين الذين يقدرون الوقت المطلوب بشهور وحتى سنتين !
وأخيرا ، نحن فى انتظار زيارة السيد رئيس مجلس السيادة الأنتقالى وهو يحمل الأمل الأخير المسرب بأن الأمر سيحسم اثناء زيارته تلبية لدعوة وزير الخارجية الأمريكى.
والحقيقة يدفعنى الظن ، الذى بعضه أثم ، بأن هذا الأمل هو الأقرب الى التحقق ، ذلك لأنى أعتقد أن وراء الموضوع امور أخطر من مجرد أزالة أسم السودان من تلك القائمة . فهو فى رأىى جزء من المسلسل الذى بدء منذ فض الأعتصام ، وربما قبله، تعبيرا عن رغبة بعض الدول الأقليمية والدولية فى رؤية العسكر على رأس الدولة ، أو عدم رغبتهم فى رؤية ديموقراطية حقيقية على أرض أحد الدول التى يجب أن تظل تابعة . ومن محاسن الصدف ان ارسل لى احد أصدقاء الواتساب رسالة تحت عنوان: (محاضرة تكشف ما يجرى بمنطقتنا وما يخطط لها ) . ثم تواصل الرساله القول: (المحاضرة القاها البروفسير ماكس مانوارينج ، خبير الأستراتيجية العسكرية فى معهد الدراسات التابع لكلية الحرب الأمريكية .
مكان المحاضرة اسرائيل بتاريخ 1\12\ 2018 . المدعوون : كبار الضباط من حلف الناتو والجيش الصهيونى . أستهل البروفسير ماكس محاضرته بالقول بان اسلوب الحرب التقليدية صار قديما والجديد هو الجيل لرابع من الحرب . ثم قال حرفيا وبالنص :( ليس الهدف تحطيم المؤسسة العسكرية لأحدى الأمم ، او تدمير قوتها العسكرية ، بل الهدف هو ” الأنهاك .. التآكل البطئ ” لكن بثبات . فهدفنا هو ارغام العدو على الرضوخ لأرادتنا ) ويضيف :( الهدف زعزعة الاستقرار. وهذه الزعزعة ينفذها مواطنون من الدولة العدو لخلق الدولة الفاشلة ! وهنا نستطيع التحكم !! وهذه العملية تنفذ بخطوات ببطئ وهدوء وباستخدام مواطنى دولة العدو ، فسوف يستيقظ عدوك ميتا ) !!!
سأكتفى بهذ الجزء من رسالة الصديق ، فهو جزءأكثر من كاف لتوضيح مايحدث عندنا منذ الأستقلال ، وما يراد السير فيه حتى بعد الثورة الظافرة المتفردة . وهو، فيما يرتبط بموضوع هذا المقال ، يعنى أن الدول التى تمنينا بالأمانى العذبة لن تحقق منها الا مايخدم مصالحها . فكم مرة سمعنا بتأييد حكومة الفترة الأنتقالية ليظل التأييد ورقيا أو قوليا على أفضل الفروض . حتى عندما جاءنا وفد من الدولة العظمى وكان من حظه حضور المحاولة الأرهابية الفاشلة لأغتيال رئيس وزرائنا ، صرح رئيسه، مساعد وزير المالية، بأن الخزانة الأمريكية ستساعد ” بما يمكن ” ل “غرض محاربة الأرهاب والهجرة غير الشرعية ” ! وهم يعلمون أكثر منا بأن تلك المحاولة الأرهابية كان يراد لها ان تكون ختاما للحرب المستمرة منذ استلام حكومة حمدوك لجزء من السلطة ، تلك الحرب التى ركزت على تخريب كل محاولات الحكومة لتوفير أقل احتياجات المعيشة لشعب الثورة التى نالت الأعجاب . ولو كانت وعود الدعم حقيقيه لساعدت فى تقديم العون لسد تلك الأحتياجات ، ولكنها لم تقدم حتى على خطوة ازالة اسم السودان من القائمة اياها ، وهو قد أزال نفسه منها بوضع من ادخلوه فيها داخل السجون .. ولايزال مطلوب منه أن يسدد فاتورة الأعمال الأرهابيه التى قام بها من كانت الحكومة الأمريكية على وشك اعفائهم من نفس تلك التهمة قبل سقوط دولتهم الأنقاذية !
وبالطبع فان هناك كثير من الأمثله على الذين يقولون ما لايفعلون من المجتمع الأقليمى والدولى فى حالتنا ويفعلون فوق المطلوب فى حالات أخرى حتى بدون طلب. وهم بهذا يقومون بتحقيق وحماية مصالحهم وهو أمر طبيعى ، ولكن غير الطبيعى أن نطلب نحن منهم تحقيق مصالح شعبنا وان تعارضت مع مايريدون . وشئ آخر أيضا ، وهو الأهم ، أن لدينا من الأمكانيات الذاتية الكثير مما يمكن ان يعفينا من هذه المحاولات البائسة وغير المجدية فقط لو اتجهنا للداخل وأشركنا شعبنا فى أيجاد الحلول وما أكثرها لمن يحيل بصره للداخل المتغير .

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..