مقالات سياسية

هل هناك تعديل وزاري مرتقب؟

د. زاهر زيد

جاء في خبر نشرته الراكوبة ما يلي: (كشفت مصادر سودانية مطلعة، الخميس، أن هناك اتجاه لدى رئيس الوزراء عبدالله حمدوك لإجراء تعديل وزاري محدود يطال 3 وزارات هي “الخارجية، والطاقة والتعدين، والزراعة”.

وقالت المصادر، التي طلبت عدم الإفصاح عن هويتها، لـ”العين الإخبارية”، التعديل الوزراي سيكون محدوداً بالحكومة الانتقالية، مرجعاً إياه إلى وجود حالة عدم رضاء من أداء بعض الوزراء.

لكن المصادر أشارت إلى أن حمدوك سيجري تعديلا وزرايا لاحقاً سيكون شاملا عقب التوقيع على اتفاق سلام مع حركات الكفاح المسلح بجوبا ) انتهي الخبر الذي نقلته كما هو .

هذا ما نتمناه وما دعونا له في كثير من مقالاتنا ، ولكن مادام الخبر ليس له مصدر معلوم فهو نوع من التمنيات كما هي عندنا ، وحتى هذه التعديلات التي لا تشمل سوى ثلاث وزارات ولو صحت فهي ليست كافية .

فحالة عدم الرضى ليست مقصورة على أداء هؤلاء الوزراء فقط فهناك من الوزراء ما لا نعرفهم مجرد المعرفة وأشك في أن القراء الكرام يعرفونهم وأعني معرفتهم من خلال أعمالهم .

ولا أعرف مثلا ماذا يعني وجود وزراء دولة إن كان الوزراء أنفسهم لا نعرف لهم انجازا أو عملا واضحا .

ما قامت به حكومة عبود بسبعة وزراء باق إلى اليوم ، ولم تقدم حكومة عملا نافعا في تاريخ السودان الحديث مثلما قدمت حكومة عبود في مجال الاقتصاد ، وما يذكر اليوم من أن السودان كان من الدول المانحة لم يتم ذلك إلا في عهد عبود .

أنا هنا لا أتكلم عن عهد عبود من الناحية السياسية فلست أنا من الذين يمجدون الانقلابات العسكرية ولا حكم الفرد ، ولكني اتحدث عن الأداء الفعال للوزراء في ظل ترهل وتضخم في تشكيلة مجلس الوزراء وضعف كبير وعجز عن العمل المفيد والمؤثر في حياة المواطن .

فعندنا في رأس الدولة مجلس وخلف المجلس ما لايحصى من الموظفين ، ولا نعرف من الناشطين فيه إلا عدد أقل من النصف والباقي تمامة عدد وهناك مجلس الوزراء وما أدراك ما هو ومن خلف كل وزير جيش عرمرم في وزارته نصفهم لا عمل لهم بما فيهم الوزير نفسه . واجمع مع هؤلاء وزراء الدولة .

ثم عرج على الأقاليم مبتدئا بالولاة ونوابهم ومن خلفهم من الموظفين ، ولن نبرح الموضوع دون أن نذكر الأجهزة الأمنية ولا أحد يعرف عدد المنتسبين لها .

كل هؤلاء الذين ذكرناهم أو لم نذكرهم يقتاتون من ضرع جاف اسمه ، حكومة السودان .

مرتبات ومخصصات تمتص دم الشعب الفقير دون أن نرى منهم عملا يخفف المعاناة التي وضعت أكثر من تسعين بالمئة منه تحت خط الفقر .

هل هذا حال دولة تريد أن تنهض ، وأنى يكون لها ذلك مع هذا الحمل الثقيل ؟

وفي المقابل ما هي المشاريع الزراعية والصناعية والتجارية التي تستطيع أن تنهض بهذا بهذا العبء ؟

ربع هذا العدد من رأس الدولة وحتي أصغر موظف في دولاب الدولة كاف لإدارة دولة مفلسة واقتصادها على حافة الانهيار .

وربما يسألني سائل ما مصير الثلاثة أرباع التي لا حاجة للدولة لها ؟ والاجابة هي توزيعهم لمناطق الانتاج الحقيقي وليس العطالة المقنعة .

شاهدت يوما بعيني رأسي لوزات القطن في مشروع الجزيرة تتساقط ولا تجد من يجمعها ، ورأيت آلاف الأميال في أرض البطانة خضراء والمطر ينهمر عليها ولا تجد من يزرعها .

قال لي صديق ان احد الخبراء الأجانب زار جنوب النيل الأزرق وجبال النوبة حيث كان التمرد على الدولة ولما رأى الأراضي الخصبة ومصادر المياه العذبة سأل من حوله قائلا هل نويتم أن تسلموا هذه الأرض بكرا لخالقها كما خلقها ؟

تخلو ملفات الحكومة الحالية من أي خطة لتوجيه طاقات الشباب نحو الانتاج وعندما يأتي الخريف سنستقبله بالخوض في أوحال العاصمة وقطوعات الكهرباء والأزمات المعروفة ، بينما آلاف الأميال من الأراضي في مناطق السودان غربه وشرقه وجنوبه تنتظر من يرمي فيها بذرة ولو لوجه الله .

لا أعرف حكومة تأتي بها ثورة ولا تستغل حماس الشباب لتوجههم نحو مشاريع منتجة تنفعهم وتنفع وطنهم ، وبدلا عن هذا تنشغلهم بلجان التحقيق التي لا تخرج بشيء وبصفوف الخبز والبترول .

ونغرق في مشاكل حلها بيدنا ، لجان المقاومة تسهر الليالي في مراقبة الأفران ومحطات الوقود بدلا عن السهر في مزارع الذرة والقمح وحصاد السمسم والفول .

مشكلتنا في القيادة الملهمة التي تعرف أن الطريق الوحيد للخروج من عنق الزجاجة هو العمل والانتاج .

لذا الحل واضح وهو كنس هؤلاء الوزراء واستبدالهم بحكومة محدودة العدد واضحة البرامج والأولويات ولا هم لها سوى المواطن ولا يكون ذلك دون مشاريع انتاجية توظف فيها طاقات شباب الثورة .

أما محاسبة المفسدين واسترجاع الأموال المنهوبة والقصاص من المجرمين فقد أضحى في علم الغيب .د. زاهد زيد
[email protected]

 

‫2 تعليقات

  1. من اجمل ما قراءت من المقالات في هذه الفترة تحسيدا للواقع المرير لا فض الله فوك

  2. شكرا لك أخي الشافو خلو . حقيقة تعبنا من هذا الذي يجري ولا نعرف كيف نخرج منه ، ماذا يعني وجود كل هؤلاء التنفيذيين في دولة تكاد تسقط وفي طل غياب كامل لمتطلبات الحياة ؟

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..