مقالات وآراء

الكابلي

1. كثيرون – وانا منهم – ما كانوا يعرفون إسم عبد العزيز بين إسمي عبد الكريم والكابلي. وكثيرون كذلك لم يكونوا يذكرون إسم عبد الكريم مع الكابلي، إذ كان يكفي إسم الكابلي في التعريف به أو التدليل عليه.
2. أول لقائي بالكابلي كان في ستينات القرن الماضي، كانت “قعدة” عزف فيها على عوده وغنانا في ما غنى أغنية يازاهية قبل ان تسمعها الناس من عبد العزيز داوود في الإذاعة ، فالكابلي لم يكن يومئذ قد خرج للغناء في الإذاعة. فمستمعيه كانوا قلة من حوله . فالتقاليد – في ما حكى- لم تسمح له بالخروج العلني كمغن.
3. ثم التقيت بالكابلي في لندن في ستينات القرن الماضي فقد كنا نفراً في بعثة دراسية في المملكة المتحدة وكانت الخرطوم تبعث لنا بمطرب يشاركنا احتفالنا بيوم الإستقلال، يومها، الإستقلال “جديد لنج” ، يزهوبه أهله. اجتمعنا لنسمع الكابلي، بدأ محاضرة لنا بالإنجليزية. لا أذكر موضوعها ولكني الآن أقدر أنه كان الفن. واستمعنا إليه في ضجر فلقد جئناه هربا من المحاضرات. فإذا به “يفقعنا” بمحاضرة.
4. في لقاءات المطربين بجمهورهم في أربعينات القرن الماضي كان السمع والشوف، زنقار يغني ويرقص مع العزف ،وفي الخمسينات كان إبراهيم عوض يغني ويرقص مع الموسيقى. في الستينات الكابلي في تلك القعدة، كان محتضنا عوده يعزف ويغني وعلى مقعده يسحب نفسه إلى الخلف ويعود فيسحبها إلى الأمام في حركة سريعة وتصاحب عزفه صفارة من فمه او اششششششششششششش. رأيته يَطْرب لغنائه كما يَطرب الآخرون. وهو يغني فيك يا مروي، مع الإيقاع يهتز و يتمايل كما ترى من الكثيرين من حاضري حفلات الغناء.
5. يشدني لغناء الكابلي التنوع.. في القصيد واللحن وسلامة مخارج اللفظ ، الكلم الرائع يوشيه النغم . “ق” لا تنقلب “غ”. غنى أغاني خليل فرح، هاته الأغاني التي يزيدها التقادم ألقا، منها عزة- أيقونة الغناء السوداني. الكابلي غنى شعره: ناجى المرآة …كلميني يا مراااايا، شكا سهرالليالي وسهد الحنين- بعد النجوم يرعى القمر ويبادل سهره الوفاء…. غنى المساير والشعر الضفاير ودلال الحراير ربات الخفر، غنى الغناء الراقص… سكر سكر، من قلبي عقبالك .. إلخ . في القعدات كان له حضور: سيبو سيبو..و أنشد من شعر البادية: جيتك بامتثال سيدي المكمل كيفي، ابراهيم…
غنى من الثرات: إياك علي الخلاك أبوي دخري…إلخ.. إلى جانب وفرة إنتاجه غنى أغاني الأقدمين: الرشيم الاخضر،غنى من أغاني معاصريه حسن عطية والشفيع وآخرين، فزادهم إنتشارا و كسب لهم جمهورا على جمهورهم.
غنى الشعر العربي الفصيح لشعراء سودانيين: يا ليلة المولد يا سر الليالي من شعر محمد المهدي مجذوب ، وغنى لشعراء عرب: نالت على يدها ما لم تنله يدي… من شعر يزيد بن معاوية.
6. هذه السطور ليست رصدا لغناء الكابلي او سردا لمسيرته الغنائية، ولكنها تحية له في احتفاليته من مسن كم اطربه ما يغنيه الكابلي، أراد -على البعد- أن يحييه ويتمنى له موفور الصحة .
صالح فرح
[email protected]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..