مقالات وآراء

نشر الذعر أم نشر الوعي

ترددتُ في كِتَابَةِ هذا المقال، لأنّ الصحافيين وجموع الكُتَّاب والشُّعْرَاء والخُبْرَاء الاستراتيجيين في مراكزهم، لم يتركوا شئ، فيما يتعلق بالحديث عن تفشي فيروس كورونا في كُلِّ أنحاء المعمورة والتوعية بمخاطره هذه الأيام.
الكورونا هو ذلك العدو القاتل وغير المرئيالَّذِي أجبرجميع حُكُومَات الأرض على اصدار قرارات بإيقاف وتعليق كافة الأنشطة التي تصنع التجمعات، وإيقاف كافة وسائل النقل جواً وبراً وبحراً، واللجوء إلى اتخاذ العزل المنزلي وسيلةً لمنع زيادة أعداد المصابين وإنتشار الوباء على نطاق أوسع في كل بلد.
رغم شعور التردد الَّذِي انتابني، قررتُ الكِتَابَة أخيراً، لكن مِنْ زَّاوِيَةٍ أُخرى.والزَّاوِيَةُهي الدور الَّذِي قامت به وسائل الإعلام العالمية في تناول مسألة إنتشار الوباء، وحملات التوعية الَّتِي تلت في منصات التواصل الاجتماعي،عبر الرسائل المكتوبة والرسائل النصية الَّتِي تم إرسالها إلى الهواتف مِن قبل وزارات الصحة في مختلف البلدان والفيديوهات والقصائد الَّتِي كُتِبَتْ والأُغنيات الَّتِي تم تأليفها وتلحينها ونشرها للتوعية بمخاطر الجائحة والتحذير من الاستهتار به.
إنّ دور وسائل الإعلام عالمياً في تسليط الضوء على خطورة الوباء، كان ولايزال أمرٌ لابد منه لإنقاذ الحياة، وفي محل تقدير. لكن هناك ملاحظة واحدة في عملها: العزف على وتر الخطورة بصورةٍ ساهمت في بث الهلع والرعب والذعر في النَّاس في كل الدُّنْيَا. وقد تم ذلك بمهنية وبلا مهنية!وبذلك ساهمت وسائل الإعلام في رسم صورة أشدّ قتامة، فإزدادت الأجواء اكفهراراً، وإزداد الظلام اشتداداً وحلوكةً وكآبةً وإنتشر الخوف في كُلِّ المسكونةِ في فترةٍ وجيزة، أكثر من إنتشار الوباء نفسه.
ونتيجةً لذلك، فالَّذِي يَقْتُلُ النَّاس الآن ليسإنتشار الجائحة فحسب، وإنما إنتشار الذعر والرهبة أكثر من الجائحة نفسها. وبذلك أخطأت وسائل الإعلام عالمياً في ترديد رسالة خطورة الجائحة، دون رسالة الطمأنينة جنباً إلى الجنب مع رسالة الخطورة. إنها رسالة أُحادية أيها السادة والسيدات، ولاتزال وسائل الإعلام حتى الآن أحادية فيما يتعلق بهذا الوباء. ما يؤكد أن الأمر ليس تضخيماً بل تعمداً.
إنّ العالم المتحضر الآن محبوسٌ في الحجر الصحي والعزل المنزلي لمدة شهر أو أكثر منه، ويعتبر حلول شهر إبريل نهايةً للوباء الذي نشر الذعر في كل المسكونة، وفقاً لما أعلنه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في شهر فبراير الماضي. وبما أنّ هناك شكوك حول منشأ ومصدر الوباء–هل هي حرب بيولوجية بين الدول الكبرى عن طريق فيروس تم صناعته في المعامل العلمية أم أنه وباء طبيعي –فإن حقيقة واحدة أصبحت واضحة الآن للجميع، وهي أن العولمة الإمبريالية أتت بخير وبشر للعالم، وهيالآن مَن تحركالبشرية إلى اليمين وإلى اليسار وإلى الأمام وإلى الخلف متى ما أرادت ذلك. ومِن الأشياء الغربية هي أن المعلومات التي تقول أو تتوقع أن يكون شهر إبريل المقبل موعداً لنهاية الوباء، جاءت بالإعلان من البيت الأبيض على لسان ترامب، وليس على لسان منظمة الصحة العالمية.
المطلوب الآن بعد صدور القرارات من قبل الحكومات بالبقاء في المنازل، هو أن نتحلى بالإيجابية والهدوء ونتحرر من الخوف والرعب الَّذِي سيطر علينا، وأن نلتزم باتباع كل الإجراءاتالإحترازاية والوقائية لضمان سلامتنا، وعلينا أيضاً أن نفهم أن هذه فترة عصيبة نمر بها ولكنها ستنتهي، وستعود الحياة إلى طبيعتها مجدداً.
كن مطمئناً أخي الكريم، وكوني مطمئنة أختي الكريمة، ولا تدعو ثقتك بنفسك تتزعزع لحظة واحدة. التزم بجميع الإجراءات الاحترازية وكن مطمئناً. لنحارب هذه الجائحة بروحٍ من الشجاعة والهدوء والإيجابية، وليس بالرعب والذعر اللذان بثتها فينا وسائل الإعلام العالمية. وهنا نتساءل: هل تعمل وسائل الإعلام العالمية نشرالرهبة والذعر في مثل هذه الظروف أم نشر الوعي المصحوب بالطمأنينة وغد مشرق؟
هناك أشياء إيجابية كثيرة تحدث من حولنا هذه الأيام رغم إنتشار الكورونا. ومن أكثر الأشياء الإيجابية التي أعجبتني في زمن الكورونا هذا، هو استغلال هذه الفترة من قبل البشر الشجعان المسكونين بالإيجابية والإنسانية في زمن (الصحة والسلام)وزمن (الخطر والتهديد) الذي يتعرض له البشرية جمعاء الآن، وتحويله إلى زمن الحب والتضحية والتوعية. وتحويله إلى زمن الوصول إلى الشرائح الضعيفة في المجتمع وتقديم خدمة إنسانية لهم. الشكر والتقدير للأطباء في كل العالم الذين قَدَّمُوا أرواحهم قبل خدمتهم للمرضى. وقد مات بعضهم في سبيل تَقْدِّيم الخدمة لمرضاهم . والشكر لكل الفنانين الذين تغنوا لتوعية الناس بخاطر الجائحة.هذه هي الروح التي ينبغي أن نحارب بها هذا الوباء.سلم الجميع من فيروس كورونا، وعودة نشيطة لحركة الحياة المفعمة بالنشاط قريباً بعد توقف كل شئ بإذن الله.
كلمة أخيرة ..
على أفريقيا أن تنهض من سُبات تخلفها وتقوم بتطوير العلوم والتكنولوجيا لمواجهة مثل هذه الظروف لأن تكرار حدوثها في المستقبل غير مستبعد.

دينقديت أيوك

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..