
الوالي المكلف بإدارة ولاية شمال كردفان، من غير شك وللأسف الشديد؛ جعل من هذه الولاية مرتعاً لفلول النظام البائد والمدحُور، بل أضحت مسرحاً للعبث والعروض الميلودرامية التي تقوم بإخراجها كوادر الإسلاميين المنبوذين! وترك لهم الحرية الكاملة في إدارة دولاب العمل بالولاية دون رقيبٍ أو حسيب! بل تجاوز ذلك الأمر سوءً؛ بأن جعل منهم مستشارين وإداريين وغيرهم كُثر في مرافق الولاية الحيوية والخدمية، في غياب عدم إستكمال هياكل السلطة الإنتقالية لأسباب معلومة تتعلق بمفاوضات السلام، وأخري دون ذلك لا نعلمها بالضرورة، تجدهم يدسُون السُم في الدسم بكل إطمئنان وحرية؛ لتمرير أجندتهم الإجرامية الخبيثة التي دأبو عليها أبان عهدهم البائد الذي شرّع لهم الفساد وسرقة المال العام والتعدي علي حقوق الناس وحرياتهم؛ وبذلك ترك لهم الملعب فسيحاً للعبث في قضايا الناس وهمومهم ومعاشهِم؛ المتمثلة في ضبط خدمات المياه والصحة والمواصلات وتنظيم الأسواق، وكذلك عدم تقنين وتنظيم الفوضي العارمة التي نشهدها يومياً في طلمبات الوقود، وسط غياب تام للكوادر النظامية؛ ومناديب المحلية من ضباط أو غيرهم، وذلك عن قصدٍ أو دون ذلك!
هذا الواقع وهذا المشهد الذي يفوق السوء بمفهومهِ العريض! يكتمل غرابةً عندما نسمع عبر المذياع المحلي بأن ما يسمي برابطة العالم الإسلامي تقوم بتقديم خدماتها لأنسان الولاية للتصدي لفايروس كورونا، رابطة العالم الإسلامي تظهر في مثل هذه الأيام !!!!!، وتختفي أيام الإبادة الجماعية في دارفور وجنوب كردفان.
طيب أين دور وزارة الصحة الولائية المنوّط بها الأشراف الفني والإداري والصحي واللوجستي؛ في مثل هذه الظروف الإستثنائية لإدارة الأزمة، وإستقطاب الدعم وإستلامهِ عبر بوابتها فقط، دون سواها؛ من إي جهة كانت حكومية أو طوعية، من خارج الحدود أو من داخلها.
وعليها أن تتصدر المشهد وتنسق الجهود وتتحمل مسئولياتها في ظل إمكانياتها المحدودة، وتُطلِع إنسان الولاية البسيط في كل يوم وعبر كل ساعة، بالدور والمجهود الذي تقوم به في درء هذا الوباء، وإعلام الناس وتحذيرهم من مخاطر الوباء، بالإمكانيات الإعلامية المتاحة والمحدودة علي حد سواء..
والمشهد الآخر، والأكثر غرابةً! هو دور جامعة كردفان، والذي يمكن وصفهِ في أقل تقدير بأنه دون الطموحات!!
الدور المنتظر منها عبر كلياتها الصحية والمهنية، وكوادرها العلمية المؤهله والمدربة
وأعني بذلك دور خبراء علم المناعة، والأوبئة، وخبراء الطب الوقائي وطب المجتمع، أين نشراتهم ومحاضراتهم وبرامجهم الصحية وخططهِم لإدارة الأزمة بالتنسيق مع الوزارة، أين هم في مثل هذه الظروف، هل قدموا خدماتهم التشخيصية والمعملية بكل شجاعة وسخاء (مجاناً)! وإجراء عمليات مسح إحصائي بالولاية لأخذ عينات ولو بشكل عشوائي لتحديد مدي إنتشار الوباء سلباً أو إيجاباً، ومعاينتها مختبرياً أو إرسالها للمعمل القومي( إستاك) بالخرطوم في حالة الإشتباه إذا تعزر الأمر محلياً.
ولكن كالعادة تجدهم داخل مختبراتهِم وعياداتهِم الخاصة، والتي قامت علي أنقاض النظام الصحي المُنهار عمداً! بعد أن قام نظام الحركة الإسلامية البغيض بتصفية المعمل الإقليمي أو كما يُعرف في أوساط أهل المدينة (ببنك الدم)، وتقديمه كصفقة إستثمارية لجامعة كردفان!!
الجدير بالذكر هذا المبني تم إفتتاحه في أوائل الستينيات من القرن العشرين وهو منحة مقدمة من دولة روسيا لحكومة السودان وقد تم تصميمه كمختبر مرجعي متقدم بمقاييس ذلك الزمان؛ يتبع لوزارة الصحة ويشكل أهم روافدها البحثية والعلمية لدعم وتعزيز دورالقطاع الصحي، ويختص بالأغراض التشخيصية والتحليلة ونحوها.
٭من غير شك أن الشراكة بين المدنيين والعسكريين، والتي تم الإتفاق عليها بموجب الوثيقة الدستورية؛ كانت لها سلبياتها، خاصةً فيما يتعلق بالإدارة المدنية في الولايات، في ظل عدم وجود مجالس تشريعية، تؤسس للإنتقال من دولة الفساد والمحسوبية؛ إلي دولة القانون والمؤسسات؛ وتفكيك منظومة الفساد والإستبداد لتمهيد الطريق والعبور بالفترة الإنتقالية إلي بر الأمان.
في ظل التحديات الماثلة والأزمات الطاحنة التي تُحيط بإنسان الولاية إحاطة السِوار بالمِعصم.
ولكن ننتظر بفارغ الصبر والأمل والرجاء، أن تأتي البشريات من مدينة جوبا، وبعدها يمكن أن نقول لكل حدثٍ حديث.
عبدالمنعم عيسى عبدالرازق كرار
[email protected]
الأبيض