مقالات سياسية

عذراً الأستاذ المحترم محجوب محمد صالح

سعيد أبو كمبال   

قرأت صباح اليوم السبت الرابع من أبريل 2020 مقالاً للاستاذ الصحفى المحترم محجوب محمد صالح منشوراً فى صحيفة الراكوبة السودانية الألكترونية. والمقال بعنوان: (ثورة السودان تستحق منا أداءً أفضل).

وموضوع المقال الخلاف بين اللجنة الإقتصادية لقوى إعلان الحرية والتغيير التى تتمسك بالإبقاء على السياسات الموروثة من نظام الحكم المخلوع وخاصة سياسة سعر الصرف وسياسة دعم إستهلاك الرغيف والبنزين والجازولين وغاز الطهى والكهرباء والرافضين لإستمرار تلك السياسات ومنهم وزير المالية والتخطيط الإقتصادى وعدد كبير من الإقتصاديين يعتقدون أن تلك السياسات فاسدة وظالمة وغير رشيدة. ويعرف القارئ الكريم أن سياسة سعر الصرف الموروثة من النظام المخلوع  تقوم على وجود سوقين للعملات ؛ سوق رسمية تحدد فيها أسعار العملات بقرارات إدارية تصدرها الحكومة وسوق شبه حرة هى السوق الموازية حيث تحدد أسعار العملات عن طريق التعامل بين البائعين والمشترين للعملات.

والرافضون لتلك السياسة يقولون إنها تقوم على الفساد والضلال.لأن السعر الرسمى يحدد بطريقة إدارية إعتباطية ولا علاقة له بالقيمة الشرائية للجنيه السودانى ولا يقوم على التراضى بين البائعين والمشترين ويستخدم بطريقة فاسدة وتعسفية لبيع العملات إلى أصحاب الحظوة وشرائها من المصدرين والمغتربين وغيرهم بأسعار تقل كثيراً عن سعر السوق مما يؤدى إلى محاربة التصدير وتشجيع التهريب وطرد المغتربين من قنوات تحويل العملات الرسمية والآمنة( فى هذا اليوم السبت 4 ابريل 2020 السعر الرسمى 55 جنيه سودانى للدولار وسعر السوق حوالى 138 جنيه سودانى) .وسياسة دعم إستهلاك الرغيف والبنزين والجازولين وغاز الطهى والكهرباء تقوم على إتاحة تلك السلع لمن يستهلكونها بأسعار تقل كثيراً عن الأسعار التى كانوا سوف يدفعونها بدون الدعم ويتحمل فروقات الأسعار ، الخزينة العامة أو جيوب المواطنين السودانيين الذين يدفعون الضرائب .ويعتقد من يرفضون إستمرار دعم الإستهلاك إنه فساد وظلم وضلال .

هو فساد لأنه رشوة سياسية لأصحاب العضلات السياسية وهم سكان المدن وخاصة العاصمة .وهو ظلم لأن من يستفيد من الدعم نسبة ضئيلة جداً من السودانيين هم الذين بستهلكون كميات كبيرة من الرغيف ويملكون عربات خاصة ويستهلكون كميات كبيرة من الكهرباء وكلهم من سكان العاصمة ولا يوجد  رغيف مدعوم أو بنزين أو جازويلين أو غاز مدعوم خارج العاصمة.ودعم الإستهلاك ضلال وعدم رشد لأنه يشجع الإسراف فى الإستهلاك بدل الترشيد ويشجع تهريب السلع المدعومة إلى الدول المجاورة وينطوى الدعم على إهدار مبالغ كبيرة جداً بدل صرفها فى التعليم والصحة وفى الإستثمار لأزالة خوانق الإنتاج وفى مقدمتها النقل والكهرباء والأيدى الماهرة والتمويل لأتاحة فرص العمل المنتج وزيادة دخول الناس وتوفير السلع والخدمات وزيادة الصادرات .فمثلاً يقدر أن يصل مبلغ الدعم فى هذا العام 2020 إلى (252) مليار جنيه سودانى حسب تقديرات الحكومة وإلى (421)مليار جنيه سودانى حسب تقديرات صندوق النقد الدولى. ولكن الأستاذ المحترم محجوب محمد صالح يقول إن الخلاف سببه وجود مدرستين فى الإقتصاد.

مدرسة إنسحابية ومدرسة تدخلية:

يقول الأستاذ محجوب محمد صالح : ” الخلاف أساساً بين مدرستين فكريتين فى دنيا الإقتصاد إحداهما تريد إنسحاب الدولة تماماً من الساحة الإقتصادية وتحرير النظام الإقتصادى ووضعه فى يد القطاع الخاص دون قيود، كجزء من مشروع العولمة والخصخصة والتحرير. وبين مدرسة أخرى ترى إنه لابد من دور للدولة فى عالم الإقتصاد، بحيث تحمى القوى الضعيفة من قوى السوق المتوحشة .وكل المؤسسات المالية العالمية تقف بالطبع مع الرأى الأول. وتعتبر إعادة هيكلة إقتصادات الدول النامية لتسير فى هذا الإتجاه هى الطريق الوحيد للخروج من أزماتها رغم أن العديد من التجارب العالمية اثبتت فشل كثير من تلك التجارب .وقد ترتب على ذلك ان كثيراً من الإقتصاديين بدأ يطرح أطروحات تحاول أن تخرج بحلول وسطى. ولكن مازال الصراع بين الطرفين الأساسيين محتدماً.”

وللأسف الشديد فى حديث الأستاذ محجوب تشويه  للخلاف بين الرافضين لإستمرار السياسات المختلة وغير الرشيدة وبين المتمسكين بها و أغلبيتهم من قبيلة اليسار. ولا يتعلق الخلاف على الإطلاق بدور الدولة فى الإقتصاد.وأنا كاتب هذا المقال من أكثر الذين كتبوا وإنتقدوا تلك السياسات حتى فى عهد الإنقاذ وطالبوا بتصويبها وترشيدها ولم أطالب ولم يطالب الذين يتفقون معى فى الرأى بإنسحاب الدولة من الساحة الإقتصادية ووضع الإقتصاد فى يد القطاع الخاص وقوى السوق المتوحشة وبدون قيود كما يقول الإستاذ محجوب محمد صالح.

ما هى حججهم الإقتصادية والأخلاقية والدينية؟

من حق الأ ستاذ المحترم وأعضاء اللجنة الإقتصادية لقوى إعلان الحرية والتغيير أن يتمسكوا بالسياسات الموروثة من النظام المخلوع ولكن عليهم بدل إتهام الآخرين بما لم يقولوه أو يطالبوا به؛ عليهم أن يوضحوا للشعب السودانى الحجج الإقتصادية والدينية والأخلاقية التى تجعلهم يتمسكون بتلك السياسات؟ نحن الذين نرفضها نقول إنها سياسات فاسدة وظالمة وغير رشيدة فلماذا هم يعتقدون إنها غير ذلك؟

سلاح فى أيدى من يعارضون الإصلاح الإقتصادى:

والأستاذ المحترم محجوب محمد صالح ليس شخصاً عادياً يقول أى كلام وتذهب به الريح. بل لما يقوله تقدير كبير عند القراء الذين قد يصدق بعضهم أن الخلاف فعلاً بين مدرستين إقتصاديتين وأن الذين يعارضون إستمرار السياسات الموروثة من النظام المخلوع أناس ليست فى قلوبهم رحمة يريدون أن يرموا المواطن السودانى الضعيف  فى عرين قوى السوق(المتوحشة!).وسوف يكون ذلك الكلام سلاحاً فى أيدى صديقى وزميلى فى الدراسة الدكتور صدقى عوض كبلو وعادل خلف الله وكمال كرار وغيرهم الذين يعارضون عودلة وإصلاح وترشيد السياسات الإقتصادية الموروثة من نظام الإنقاذ المخلوع الذى كان مشروعه للحكم يقوم على فقط التمكين الحزبى والشخصى وتحطيم الخصوم السياسيين.

سعيد أبو كمبال

‫6 تعليقات

  1. ارفع الدعم ي السيد الوزيرعن جميع السلع وسلم المواطن محدود الدخل بديل نقدي كاش بفتح حساب لرب الاسرة بالرقم الوطني وبديهي جدا وابسط انسان يعرف ان المستفيد من الدعم هم التجار واصحاب المركبات الخاصةوغيرهم من التجار هولاء ليس بحاجة لدعم .

  2. ارفع الدعم ي السيد الوزيرعن جميع السلع وسلم المواطن محدود الدخل بديل نقدي كاش بفتح حساب لرب الاسرة بالرقم الوطني وبديهي جدا وابسط انسان يعرف ان المستفيد من الدعم هم التجار واصحاب المركبات الخاصةوغيرهم من التجار هولاء ليس بحاجة لدعم .

  3. كلامك يصلح أساسا لاقتصاد دولة تتملك بنيات أساسية حقيقية في قطاعات الخدمات و الصناعة و الزراعة و النقل و كهرباء و التقية و لا يصلح في حالة اقتصاد طفيلي و منهار البني الاساسية ك الذي تركته جحافل التتار الكيزانييين ،،، اهم شي الان للاقتصاد السوداني ان يتم تغييييير العملة السوداني و ذلك حتي يتثني ضبط السيولة في الاقتصاد لان تلك السيولة لا زالت بايدي الطفييليين المتاسلمييييين من كيزان و شرازمهم ،،،،،

  4. “… هو فساد لأنه رشوة سياسية لأصحاب العضلات السياسية وهم سكان المدن وخاصة العاصمة…”
    هو نفس الكلام اللي كان قالو البشير قبل انتفاضو 2013 … بى ضبانتو …
    ودا كلام باطل في باطل مقصود بيهو الدعاية السياسية “الشعبوية”..
    كتبنا ليك قبل كده .. نتحداك ان تقول لينا كم عدد سكان المدن في السودان …واحسب “خاصة العاصمة”؟
    واحسب على كده كم يستحقون كنسبة من العدد الكلي للسكان …
    اما باقي كلامك فما عندنا ليهو غير كلام ” البصيرة ام حمد” ….

  5. لم افهم جيدا الى ماذا يرمى ابوكمبال الى تناقضات الاستاذ محجوب ام الى انتقاد الحرية والتغيير وايا كان المقصد فلم يلامس حيوية ما كتبه استاذ الاجيال باستحقاق الشعب الذى ضحى لان ينال مراده عبر قرارات اقتصادية عند قحت السانحة
    وهناك ثمة امر اقحمه سعيد اقحاما وهو انعدام الدعم فى الولايات واستفادة اهل العاصمة فقط من ذلك وتلكرغم انها غير صحيحة الا انها ليست سببا لرفع الدعم لان بعض الولايات لا تستفيد منه وابو كمبال سيد العارفين بان كل الولايات الان لها امتداد بالخرطوم اذهب للشمالية ولسوق ليبيا وللامتدادات المهولة من الجخيس حتى الوداى الاخضر وعد سكانها هل هم من دول اجنبية

  6. لم يقطع الاستاذ محجوب برأى فى ذلك المقال وانما كان تركيزه بالتنبيه على اهمية كسر الجمود واخذ الامور الى الامام
    محجوب كاتب ذو رؤية شاملة اما انتو الاقتصاديين اقعدوا اتغالطوا لينا كدة
    ما فى النهاية صاحب القلم الذهبى كلامه صاح لازم يتطبق مذهب من المذاهب وفق مدرسة ما اما الغلاط الكتير فانه يجلب النحس

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..