
حينما تكونت حكومة الثورة برئاسة السيد الدكتور عبد الله حمدوك، بعد مخاض عسير وصراع مع شريك المدنيين، المكون العسكري لمجلس السيادة في نواح عدة، قررالجميع ألا يتعدى مجلس الوزراء عدد الثمانية عشر وزيرا، عملا بإختصار المناصب الدستورية وتوفير المبالغ الضخمة التي تصرف على الأعداد الضخمة من الوزراء التي فاقت السبعة والسبعين وزيرا في العهد الاسود المباد، ناهيك عن تخصيص أعدادا من السيارات لكل وزير أو حتى مجرد موظف كبير وتحمل الدولة لعلاج أسرته في الخارج وتكاليف دراسة أبنائهم في الداخل والخارج، والحق يقال أن هذا السفة الغريب في سلوك حكومة المؤتمر الوطني، لابد له من ردة فعل عنيفة جعلت مجلس السيادة وصناع الوثيقة الدستورية يتجنبون مجرد الإقتراب من شكل حكومة العهد البائد وعدد وزائه.. حتى أن وزراء حكومة الثورة رفضوا المنازل الحكومية التي هي أقل ما يقدمه البلد لهم..
لاحظنا أن في توزيع الوزارات على عدد الثمانية عشر وزيرا، خللا كبيرا لا أشك أنه قد فات على حكومة الثورة ملاحظته، وهو أن توكل وزارتان من الوزن الثقيل إلى وزير واحد.. تلك الوزارتين هي وزارتي الصناعة والتجارة، وبالطبع لا أحد يعترض على أهمية هتين الوزارتين وأثرهما الكبير في التنمية والنهوض السريع بالوضع الإقتصادي، خصوصا في هذا الوقت الحرج الذي مازالت قوى الحكومة الخفية من المؤتمر الوطني وأذنابه متمكنين من الصناعة والتجارة في البلاد، مما يلقى على أي وزير يتقلد هتين الوزارتين عبئا كبيرا ومضاعفا.. فوزارة الصناعة وحدها تشكل تحدي ضخم في إدارتها لتعيد وضع الصناعة في السودان إلى نصابه ، بل المطلوب منها أن تحدث في إنجازاتها قفزات كبيرة تنقذ بها الصناعة وبالتالي توقف هذا الزحف الأسود للأسعار المتصاعدة بصورة غير مسبوقة، حتى في عهد حكومة المؤتمر الوطني المشؤومة.. ولا أحتاج أن أتحدث عن الفوضي والعبث الذي أسسته حكومة العهد البائد في التجارة على مستوى التصدير والإستيراد والأسواق، مما جعل الأسعار تقفز قفزات أعجزت أي مواطن عن أن يفي بمتطلبات حاجات أسرته في حدها الأدنى.
بعد كل هذا، هل يكون الجمع بين تلك الوزارتين الضخمتين عمل ثوري أأم أن أنها غلطة العمر؟ قد يعارضنا أحدهم فيقول أن الوثقيقة الدستورية حددت عدد الوزراء بالثمانية عشر وزيرا!! فهل الوثيقة الدستورية هي وسيلة أم غاية لننجز بها أهداف الثورة المجيدة؟ أم أنها قرآ منزل لا يتغير؟
أدركو السيد الوزير مدني فوزارتيه ليستا مثل وزارة الشؤون الدينية والأوقاف ولا حتى الشباب والرياضة ولا حتى الثقافة والإعلام.. إنها وزارات تشكل إنقاذ الإقتصاد السوداني.. وما أوجنا لذ1لك لنكمل أهداف الثورة.
وما الفشل الظاهر الذي يتناقله ويسوق له أعداء الثورة إلا بسبيل من مثل هذه الأخطاء.
خلف الله عبود الشريف
مختص التربية الفنية والبيئة
[email protected]
و ازيدك شوية يا خلف الله الوزير الحالي ليس الشخص المناسب لهاتين الوزارتين لو استسلمنا لهذا الخطأ.