حان أوان الرُشد و الترشيد

في هدر موارد البلاد
التعليم الفني و التدريب المهني
و التعليم التقني و التقاني
وكليات تنمية المجتمع
حان أوان الرُشد و الترشيد
إسماعيل آدم محمد زين
من العسير تناول أمر التعليم الفني دون النظر للوضع الحالي للبناء عليه و لتكن البداية بالمعهد الفني ، معهد الخرطوم الفني KTI Khartoum Technical Institute فهو قد بُني علي غرار نظام البولي تكينيك البريطاني(شيدت جامعة السودان للعلوم و التكنولوجيا علي أنقاضه وكذلك علي أنقاض الكلية المهنية العليا.) وهو نظام للتعليم الفني جيد يُعد مهنيين جيدي المهارات في الميكانيكا و الكهرباء، في المساحة و الفنون الجميلة و غيرها من المجالات. و لكن تناوشته المشاكل ، بعضها نتاج الغيرة المهنية لخريجيه عبر مطالبهم التي لم تني تتواصل في مساواتهم بخريجي الجامعات الأخري. وهي مطالب غير سوية واجهتها إدارات حكومية غير مرنة، فقد كان من الميسور إقناع الخريجين بتعويض في الراتب و الهيكل الوظيفي سخي و معقول يتناسب مع دورهم الهام.
بينما الكلية المهنية العليا بنيت بواسطة المعونة الأمريكية لتستوعب فائض خريجي المدارس الصناعية و للأسف في مهن مشابهة لما يقدم المعهد الفني و بقية الجامعات. مع غياب تام لدور كل فيئة. مما خلق إزدواجية ما زالت سارية في مجالات التعليم الفني و المهني حتي في المستويات الأقل – مثل المدارس الصناعية التي تتبع لوزارة التربية و التعليم و مراكز التدريب المهني التابعة لوزارة العمل و المدارس الصناعية التابعة للحكم المحلي.
وزاد الطين بلة نطام الانقاذ بادخاله لما عرف بالتعليم التقني و التقاني ! و لئن سُئل من أتي به لن يدرك من أمره شيئاً و قد لا يعرف الفرق بين التقني و التقاني أو الفني و الصناعي. فقد كان همه بناء إمبراطورية يجلس علي قمتها دون مؤهل من علم أو تقنية. كان مؤهله الأول قربه من سلطة الانقاذ. و لا أدري ما حل به بعد فشل الانقاذ ؟ لذلك تلزمنا نظرة جديدة للتعليم الفني و توحيد مناهجه و توسيع مظلته لتستوعب أعداداً كبيرة من الشباب للدفع بهم في سوق العمل.
أيضاً سعت الانقاذ بفهمها القاصر لخلق مراكز و معاهد جديدة أو أخري علي أنقاض ما هو قائم ، بدلاً من تطويرها و زيادة مجالات التدريب. مثلما نجد في مركز التدريب النفطي – فهو يحتاج لمقال كامل.
أسباب فشل التعليم الفني كثيرة منها عدم وجود سياسات تنظم مساره و إنعدام الهياكل الوظيفية و نظرة المجتمع لخريجيه. إضافة لما ذكرت من الغيرة المهنية التي أدت للتشاكس بدلاً من التعاون و التكامل بين المهنيين من خريجي الجامعات و المعاهد الفنية و الكليات المهنية.
أيضاً أدخلت الانقاذ كليات جديدة أسمتها كليات تنمية المجتمع علي غرار التجربة الأمريكية و لكنها لاتماثلها من إنفتاح علي المجتمع و تجويد لمخرجاتها.
لذلك قد يكون من الأوفق إعادة تقييم مجالات التدريب المهني و الفني في المستويات الوسيطة. مثل مراكز التدريب المهني و المدارس الصناعية و نظيراتها. وعدم التصديق بمدارس خاصة في هذه المجالات فهي جد مكلفة و لا قدرة علي القطاع الخاص توفير الموارد و الكوادر اللازمة بما يضمن تميز مخرجاته. وهو أمر يستوجب متابعة الخريجين لمعرفة مسيرتهم العملية (دراسات المتابعة( Tracer Studies و الاستبيانات للمخدمين و ذوي المصلحة كافةً.
من المهم توحيد الادارة و لعل وزارة العمل أو الخدمة هي الأنسب لهذه المهمة ، خاصة مع كثرة مراكز التدريب المهني و تميز خريجيها. و لتركز وزارة التربية و التعليم علي التعليم الأكاديمي.
نجد كذلك مراكز و معاهد تتبع لبعض المؤسسات مثل معهد ود المقبول الذي يختص بتخريج فنيين في مجالات المياه من حفر للآبار الجوفية و دراسات المياه السطحية و نوعيتها. نجد مركز الخطوط الجوية السودانية و هو للأسف لم تناله يد التطوير ليستوعب فنون الطيران و الملاحة، مثل ما نجد في مركز الخطوط الجوية الاثيوبية – فهو يخرج طيارين مهرة. لقد سبق السودان إثيوبيا في مجال الطيران و لكنها بالعمل و المثابرة و التدريب الجيد تمكنت من إنشاء واحدة من أميز شركات الطيران في القارة الافريقية. نجد مراكز للتدريب في بعض البنوك ، مثل البنك الزراعي. وكذلك كلية المصارف.
نجد أيضاً معهد البحوث و الاستشارات الصناعية بجهة بحري- فهو أيضاً قد إنتاشته الأيادي فقد كان يتبع لوزارة الصناعة ثم أُلحق بوزارة العلوم و التقانة و زارة النفط. لقد ضاعت رؤية مؤسسيه ليصبح مركزاً إقليمياً يخدم دول الجوار. و كذلك ضاعت رؤية مؤسسي معهد ود المقبول ليضحي مركزاًإقليمياً. ففقدنا بذلك الكثير و عطلنا مسيرتهما. يجب أن تعمل كل المؤسسات علي إنشاء أقسام أو وحدات للتدريب فيما يليها و لرفع قدرات منسوبيها و لمواكبة المستجدات في مجالات المعرفة المتزايدة.
شأن التعليم يهم الجميع و علي الكل المشاركة بالرأي لتطويره و تحسين آدائه ، بما يضمن تميز خريجيه. و بما يحد من هدر الموارد و إستخدامها يشكل رشيد لخدمة البلاد و مواطنيها. و لنعد النظر في رؤيتنا للمال العام. و ليتحلي متخذي القرار بالأمانة و المسئولية.