دولارات الإعلام الممنهج

إمتداداً لسلسلة المقالات تحت عنوان ( دولارات الاعلام الممنهج ) في محاولة لتجسيد وتشريح المشكلات التى صاحبت ميلاد هيئة الاذاعة والتلفزيون بالبحر الاحمر منذ أن كانتا قطاعين منفصلين , في هذه المساحة سنتناول اهم الادارات المحورية و التى تعتبر العمود الفقري للعمل فى قطاعي الاذاعة والتلفزيون وهي (ادارة الموارد المالية والبشرية وادارة البرامج)
وتعتبر البرامج في أي مؤسسة اعلامية ( مرئية ومسموعة) مثلها ومثل هيئة التحرير في المؤسسات الصحفية حيث يقع على كل من الإذاعة والتلفزيون تحويل الافكار والخطط الى خارطة برامجية والعمل على تنفيذها عبر سلسلة من الادارات الفنية المصاحبة ويعملان لإنفاذ الخطة التي تتسق مع هوية المؤسسة أما ادارة الموارد المادية والبشرية لأي عمل اعلامي فهي تهتم بتوفير الموارد المالية و الكوادر المتخصصة بالإضافة لتوفير معينات العمل والدعم اللوجستي الذى يتعلق بطبيعة العمل بكامل تفاصيلها . بناء على هذه المفاهيم العامة سنسلط الضوء على ادارة البرامج بالإذاعة والتلفزيون بالبحر الاحمر حتى نضع القارئ في موضع التقييم.و نلاحظ ان معظم القنوات الاقليمية التى انشئت فى بعض ولايات السودان كانت لأغراض محددة في وقتها فمثلا قناة البحر الاحمر نشأت فكرتها للترويج للسياحيه والمهرجانات والاستثمار نسبة لطبيعة الولاية وموقعها المميز بالإضافة الى المناشط الاخرى التي تتعلق بعكس ثقافة وموروثات منطقة البحر الاحمر وأي قوالب اعلامية أخرى ، وكذلك الحال بالنسبة للإذاعة التي تعتبر واحدة من الادوات الاعلامية الاكثر انتشارا من خلال ارسال بثها الاذاعي الذي كان يصل حدود الولاية وتخاطب جماهيرها بكافة اللهجات مما ساهم في توعية الكثير من مجتمعات البحر الأحمر في ريفه . ومن الادور المهمة التى يفترض ان تلعبها (ادارة البرامج ) في اطار مسؤوليتها المجتمعية تجاه مجتمع المنطقة ، اتاحة الفرصة لأكبر عدد ممكن من طلاب الاعلام وحتى المبدعين من أبناء الولاية لإظهار قدراتهم . ولكن للأسف ظلت هذه الفئة تطرق ابواب هذه المؤسسة باعتبارها احدى المنابر الاعلامية المتاحة بالولاية التى تتيح لهم فرصة للتدريب دونما أي طائل !
فاكتشاف المواهب الاعلامية هو جزء من وظيفة مثل هذه المؤسسات لتسهم في تطوير الاداء الاعلامي بشكل عام مع فرصة لتغذية الخارطة البرامجية بأفكار قد تكون متجددة تواكب تطلعات المرحلة ، لذا نجد الكثيرين يتحفظون على الخارطة البرامجية وحتى المتعاونين الذين يرغبون في اقامة برامج للأسف يواجهون كافة اساليب التهميش ( وتكسير المجاديف ) والاحباط والمعوقات والمتاريس . وهذا يدعو مرة اخرى للأسف لهذا الحال بمؤسسة اعلام حكومي تموله وزارة المالية بالولاية بمبالغ توازي اكثر من ميزانيات ( 10 ) وزارات بمبلغ يتجاوز (2) مليون و(500) ألف جنيه في الشهر كانت احق به وزارتي (الصحة والتعليم) حيث لم يصل تسيير كلاهما هذا المبلغ المتضخم الحجم !!! رغم ان الوزارتين تقدمان خدمات تتعلق بصحة و تعليم انسان البحر الاحمر على مستوى المدن و الارياف عكس الوضع فى الهيئة البورتسودانية.
غياب قسم للإعلان بالهيئة
ومعلوم ان مثل هذه المؤسسات يفترض أن يكون بها قسم نشط وفعال وحيوي للإعلان والتسويق يساهم بشكل كبير في تغطية نفقات التشغيل حيث كانت القناة في عهد الوالي الاسبق محمد طاهر ايلا تعتمد بنسبة 80% على مواردها الذاتية من الاعلان وانتاج البرامج بالتعاون مع شركات الانتاج الاعلاني التي كانت تحجز مساحات للبث مدفوعة القيمة .
ولكن مع التغييرات التى حدثت في شكل الحكم , تغير الحال واستغلت الادارة هذه الفجوة واصبحت الهيئة تعتمد بنسبة 100%على الدعم الحكومة حتى وصلت مصروفاتها التشغيلية فوق المليارات بسبب ان الادارات التي تشغل هذه المواقع تعمل بعقلية افندية وتعمل بأسلوب نمطي اعتماداً على موارد الدولة في التشغيل وليست لديها مقدرة على استقطاب الاعلانات وانتاج البرامج الاعلامية للمؤسسات والبيوتات التجارية كما نجدها في القنوات السودانية الاخرى . و يلاحظ تدنى مستوى الخدمة الاعلامية بسبب ضعف الانتاج البرامجي الذي يعتبر واحدا من اهم الركائز للجهاز الاعلامي وهنا ينبغي ان نطرح عدداً من التساؤلات حتى يتبين للقارئ ما سبب ضعف البرامج علي شاشة (قناة وأثير إذاعة البحر الأحمر) .
الأسئلة تحدد إن كان مدير البرامج صالح ام طالح في أدائه ؟؟
أولا : ما هي المقومات المطلوبة التي ينبغي ان تتوفر في الشخص ليكون مسؤول برامج بشكل عام (في الأجهزة الإعلامية الحكومية والخاصة )؟
ثانيا: هل الدرجة الوظيفية مقياسا في ذلك حتى لو كنت مسنودا بخبرات الدفع الأمامي بالمزيد من الدرجات ؟
ثالثا: هل الوجود الميداني والمراقبة في تنفيذ الخطة التي تتسق مع هوية المؤسسة من متطلبات الشخص مسؤول البرامج ؟
رابعا: تعتبر ولاية البحر الاحمر حاضنة لكل القوميات فهل من الضرورة ان يكون مسؤول البرامج ملما بطبيعة وثقافات المنطقة ؟
خامسا : هل تحتمل وظيفة مسؤول البرامج المجاملات والعلاقات الاجتماعية بعيدا عن الكفاءات والمقدرات الإدارية والخبرات العملية و ليس بتكرار السنوات ؟
سادسا : هل كل البرامج التي تبث بالقناة والاذاعة تمت اجازتها من قبل المجلس البرامجي كما كانت في السابق ؟ ام انها تخضع لتقديرات شخصية ومزاجية بعيدا عن المهنية والمؤسسية ؟
سابعا: ما شكل العلاقة بين مسؤول البرامج والاقسام الداخلية والتنسيق لتنفيذ الخارطة وفق هوية المؤسسة ؟
ثامنا: كم عدد مدراء البرامج الذين تعاقبوا منذ انطلاق (بث القناة والاذاعة ) وهل كانت الدرجات الوظيفية مقياساً لذلك ؟ ما صحة تكرار ذات الوجوه الذين ارتبطت اسماؤهم كمسؤولين للبرامج ؟ وهل لا يوجد غيرهم من يصلح لهذه المهمة الدقيقة؟ وهل ينطبق عليهم مثلا (المجرب لايجرب) ؟؟
تاسعا : ما صحة فقدان الاذاعة والتلفزيون لهويتهما وانهما اصبحتا بلا خطة ولا رؤية مما أتاح لمسؤول البرامج الاجتهاد لتعزيز ونشر ثقافة القوميات المحلية حتى أصبح الامر اشبه بالتنافس القبلي واستخدام لغة فرق تسد وشغل المكونات المحلية ببعضها البعض حتى لا ينكشف الفراغ في الخارطة بعدم وجوده في ميدان العمل؟!! وهذا لعمرى أمر ان ثبتت صحته يبدو فى غاية الخطورة بل هو مناقض تماماً لرسالة الاعلام عموماً !!
أخيراً : هل إدارة البرامج الحالية راضية عن اداء خارطتها البرامجية المنفذة في جهازي (الاذاعة والتلفزيون) قبل ان يقيمها المشاهد أو المستمع؟ وهل هنالك اختلاف في الخارطة البرامجية قبل ثورة ديسمبر وبعدها؟
كل هذه الأسئلة وضعناها أمامكم ، ولكم ان تقيموا اداء هذا المسؤول الذي يحظى بحماية ورعاية ودعم ومساندة من ادارة المؤسسة ليقوم بدوره المناط به تطوير الخارطة البرامجية بالشكل الذي يمثل هيئة الاذاعة والتلفزيون بالبحر الاحمر فهل نجح المدير بعد كل ما توفر له ام فشل في ادارة البرامج ؟؟ اذا كانت النتيجه فشل بالتالى ينبغي ان يترك المساحة لغيره ويلجأ لبسمته التي تدخل قلوب كل المشاهدين والمستمعين والمعلنين!! تظل قضية الإذاعة والتلفزيون بالولاية قضية رأي عام في اي زمان ومكان حتى ينصلح حالهما او ايقاف هذا لاستهبال الذى تحول الى نزيف موارد من خزينة ولاية البحر الأحمر.
أحمد محمد طاهر