حاجتنا للسلام
منذ الاستقلال الى يومنا هذا لا يزال يمر السودان بتحديات سياسية واجتماعية جمة, خاصة انه بلد متعدد الثقافات والديانات والاعراق لذلك امر ادارة شؤونه تحتاج الى فهم عميق للتقاطعات السياسية التى مر بها منذ الاستقلال الى يومنا هذا.
فبعد ان نال السودان استقلاله لم يفكر قادة الاستقلال بصورة شاملة ومستقبلية كما فعل اباء امريكا المؤسسون. لقد بدأت المشكلات الاثنية تطفو علي سطح حتي قبل خروج المستعمر وذلك عند الشروع فى سودنة الوظائف وبعدها فى خطاب الاستقلال الذي اعلن عن ميلاد دولة جديدة احادية العنصر احادية الدين دون ادني اعتبار لحقوق القوميات الاخري وارثها وتأريخها, ثم بدأت لعبة الحكم تتدحرج ما بين ديمقراطية عرجاء قوامها الاسياد والاتباع وعسكر ظلمة لا يفقهون شيئا في ادارة شئون الناس ومعاشهم حتى وصل الحال الي الانهيار الماثل امامنا اليوم.
السودان دولة هشة غير مترابطة او متراصة بشكل سليم اذ ان البنية السياسية الاجتماعية فيه تقوم علي اسس تفضيلية معيقة لعملية السلام والعدالة والتنمية اذ لا توجد توازنات اقتصادية وسياسية تساعد علي الاستقرار والتنمية وانما توجد كل مسببات انهيار الدولة وزوالها وذلك بوجود الظلم والقهر الاجتماعي الذي تمارسه مجموعات معينة علي اخرى باسم العنصر والدين والجهة الجغرافية. فحوجتنا للسلام والتنمية تحتم علينا الوقوف برهة لمراجعة وجرد ما ارتكب في حق الوطن باسم العنصر والدين والانانية الاجتماعية فلا يمكن ان ننشد وطنا قويا فيه الحقوق محفوظة والدماء محرمة والكسب بالجد والعمل والاجتهاد الا اذا عملنا على تفكيك التكتل القبلي والنفاق الديني واعملنا العقل بصورة افضل وبكفاءة اعلي وهنا يأتي دور الاعلام العام والخاص اذ انه مسئول مسئولية مباشرة عن توعية المواطن وتصحيح الافكار الخاطئة التي تملأ رؤوس الكثيرين وهذا ليس بالامر الهين فقد قال احد الحكماء الاجتماعيين “ان استئصال ورم خبيث من الجسم لأهون من اقتلاع فكرة سيئة فى رأس مواطن بسيط” فالتباهى بالانساب وسماحة الخلق ورفعة المكانة وبالمقابل اضطهاد الاخر وتسفيه ارثه وحاضره والحط من انسانيته لا يمكن ان تصنع وطنا مستقر معافي من اسباب الحروب.
نحن في السودان غالبيتنا مسلمون والغالب الاعظم من السكان يتناول دينه شفاهة من افواه الشيوخ والمشتغلين بامر الدين بغض النظر عن اخلاقهم او مبتغاهم. فعندنا لا يقرأ الناس او يتمحصون الاشياء ويعملون عقولهم لتثبيت او ضحد اي فكرة حتي لو كان بها خلل واضح وانما يسلمون امرهم لمن التحي وتسرول بجلابيب الائمة فما اخطر هؤلاء خاصة في عهد اصبحت التجارة فيه تشمل كل شئ وحتي المعتقد. فلا بد للدولة ان تنتبه لمن يصيغون الخطب الدينية ولمن يضعون المناهج التعليمية والتي لا بد ان تكون مشبعة بالسلام واحترام وتقبل الاخر مهما اختلف دينا او فكرا ففي الدين اوجه كثيرة وهو بحر عريض يعتمد فيه التفسير والتأويل علي سريرة المتلقي ومبتغاه فاذا كنت فظ غليظ القلب تحب القتل واضطهاد الناس والتضييق علي المرأة والرجل علي حد سواء فيمكن ان تجد ما تدعم به فعلك, وان كنت طيب القلب دمس الخلق محبا للخير محترما للاخرين ايضا ستجد الكثير الغزير الذي يدعم مبتغاك. اذا فعلي الدولة والمجتمع ان يبحثوا عن اصحاب السرائر النظيفة والالسن العفيفة والضمائر الصافية حتي يؤدي الدين دورا ايجابيا بناءا في حيات الناس.
سنحت لي جائحة كرونا ان امكث مع عائلتي لاسبوعين كاملين تنفيذا لامر الاغلاق الحكومي فبدأت مراجعة الدروس المدرسية مع اطفالي فلفت نظرى منهج العلوم الاجتماعية للصف السادس – لولاية نورث كارولينا – والذى من ضمن ابوابه فقرة تتحدث عن الامبراطورية الاسلامية فدهشت للصورة الجميلة الناصعة الي قدم بها الاسلام ورجاله واركانه وحتي مفهوم الجهاد فقد تناوله واضعوا المنهج بصورة بناءة وفعالة يسهل علي الكل استيعابه تأريخيا وآنيا, كما قدم انجازات علماء المسلمين واسهاماتهم فى دفع عجلة الحضارة الانسانية. لم يستدعي المنهج الصور العنيفة التي تخصص فيها شيوخنا وبها اساءوا للبعض وخربوا عقول اخرين ودمروا اوطانا وبلدانا كانت عامرة قبل حين, فالأديان باقية ما بقي الانسان ولذلك فلا بد ان تكون هنالك علاقة ايجابية بين الانسان والدين ايما كان نوع الدين او اختلافه.
واخيرا اختم هذا المقال بديباجة ميثاق الامم المتحدة والتي جاء فيها ” نحن شعوب الامم المتحدة , قد آلينا على انفسنا ان ننقذ الاجيال المقبلة من ويلات الحروب ونؤكد ايماننا بالحقوق الاساسية للانسان, وبكرامة الفرد وبما للرجال والنساء والامم كبيرها وصغيرها من حقوق متساوية اعتزمنا ان نأخذ انفسنا بالتسامح وان نعيش معا في سلام وحسن جوار.” فما احوجنا للسلام حتي تبدأ عجلة التنمية في الدوران ويطلع البلد الي بر الامان…
والسلام
ابوعبيدة الطيب ابراهيم/ نورث اميركا




السلام يعني الطماءنينة نريد ان نطمىن كل طفل مولود في السودان اننا سنكون معه حتى بقلوبنا لماذا لان من يتعلق به الطفل سيخونه او لنقل سيستغله ليعلم اننا فعلنا ما علينا لنحميه الحياة مصالح من تظن الان في بال ملككم اكيد والده عندما كان يطقه هكذا هي الحياة يوم لك ويوم عليك اصنع الجميل لتبقى ذكراك جميلة ان بقيت ذكرى