بوادر انهيار الحكومة الانتقالية

انتفض الشعب السوداني ضد نظام السفاح عمر البشير وقد نجحت ثورته بإسقاط رأس النظام البشير ونائبه ابن عوف وهذا يعد انجاز لم يحصل في التاريخ اسقاط رئيسين في خلال ثمانية واربعون ساعة ، الثورة على نظام الانقاذ جاءت للقضاء علي الفساد والمحسوبية والقتل والتشريد والانتهاكات التي استمرت ثلاثين عام . ويبدو أن معطيات الواقع في النظام الانتقالي يكتنفها الغموض خصوصا ضعف اداء الوزراء في ازالة التمكين ، وايضاً هذا الغموض يرجع الي عدم تحقيق اهداف الثورة المتمثلة في حق الشهداء والحرية والعدالة . من قتل الشهداء واضح وضوح الشمس لا يحتاج الي لجنة تحقيق ولكن يبدو ان المعلومات المتداولة في مواقع التواصل الاجتماعي التي تفيد بان القحاتة وبعض الاحزاب هم شركاء في عملية فض الاعتصام وقتل الشهداء صحيحة . المشكلة في السودان ليست مشكلة اتفاق وانما هي مشكلة تنفيذ لان العقلية السودانية كلها واحد ، عدم التوصل الي اتفاق سلام حقيقي في جوبا يهدد الفترة الانتقالية الحالي بالعودة إلى المربع الاول . يرتبط الواقع السياسي الراهن في السودان تاريخياً بخارطة خلافات تعود إلى زمن بعيد ، والتي شهدت انشقاقات كثيرة بين الكتل السياسية المعارضة ان كانت احزاب او حركات مسلحة وهذه الخلافات والانشقاقات هي التي اضعفت العمل المعارض وساهمت في بقاء نظام الانقاذ ثلاثين عاما والان بعد سقوط رأس النظام لم تتفق هذه الكتل فيما بينها . وفي ظل استمرار عدم الاتفاق ستواجهنا عملية مخاض لولادة كيان كيزاني جديد إذا لم تستطع القوة السياسية التغلب على الأزمات وإيجاد آلية لإدارة اختلافاتهم، فإن السودان سيواجه أزمات أعمق وسيناريوهات أكثر سوءا من ضمنها قد تحدث انفصالات اخري . بوادر انهيار الحكومة الانتقالية بدأ يلوح بقوة ، وبات حمدوك ووزرائه مدركين تماماً أننا دخلنا في بداية النهاية، وهذه النهاية ستكون مأساوية إذ ليس هنالك من أمل في وجود حكومة مدنية مع العسكر ومليشياتهم ، وزراء قحت استنفدوا في البقاء كل موارده وأوراقه الرابحة، ابتداء من وزير المالية والخارجية والتجارة وانتهاء بالحاضنة قحت نفسها . خطأ قحت القاتل أنهم ظنوا مشاركة العسكر ومليشياتهم هي مركب الخلاص، وستبقى فاعلة ومتينة ليوم القيامة، لكن اليوم نراها تتآكل ببطء أمام انهيار اقتصادي كامل ، والعاصفة تتشكل في الأفق القريب وأصبح يراها عياناً، وتنذر بحرب أهلية داخلية ، قد يقول قائل ألا يعرف القحاتة خطورة هذا الأمر ؟الجواب أن القحاتة يعرفون تماماً خطورة هذا الأمر، خاصة أنهم لا يملكون أدوات وآليات لحله . أي خلل او تقصير من الحكومة الانتقالية يعتبر مكسباً للكيزان لأنه يقصّر من عمر الحكومة الانتقالية وبالتالي يعجل بنهايتها . قد نتفق أو نختلف بمدى أخلاقية ووعي عن الثورة ولكن من يطمح لبناء سودان قوي، وإنشاء نظام حكم ديمقراطي عليه أن يضغط أكثر على جراحه ويفكر بشكل يرتقي لمستوى أهداف الثورة حرية سلام وعدالة مدنية خيار الشعب .
الطيب محمد جاده
هو ده لسه بكركب؟