أخبار السودان

تفاصيل صادمة عبر المستندات تجاوزات بالجملة في الشركة الوطنية للحفريات خلال العهد البائد

الشركة مملوكة لوحدة تنفيذ السدود.. وعاثت فيها فسادا وتجاوزات

  • شركة الحفريات مديونة لـ6 جهات حكومية بمبلغ (100) مليون جنيه.
  • عجز في سداد مبلغ (22) مليون عبارة عن ضريبة قيمة مضافة.
  • ثلاثة من قادة الحزب المحلول يستغلون آليات تابعة للشركة لمصلحتهم الشخصية.
  • حصول النافذين الثلاثة على مبلغ 823,500 جنيه.. من إيجار آليات لمنفعتهم.
  • فصل عاملين من السدود وإعطاؤهم حقوقهم؛ وتعيينهم في الشركة بلا خبرات ومؤهلات.

تحقيق : لبنى عبدالله
منذ إعادة تأسيسها في العام 2015 الماضي بعد 21 عاما من تجميد نشاطها، وفصل عاملين فيها في عهد النظام البائد، ظلت الشركة الوطنية للحفريات والاستثمار المحدودة التابعة لوزارة الري بؤرة من بؤر الفساد والتجاوزات التي كانت السمة السائدة في غالبية مؤسسات الحكم قبل ثورة ديسمبر المجيدة.
وتكشف ” المواكب” عبر هذا التحقيق عن سجل صادم من التجاوزات المالية والإدارية، الى جانب تجاوزات قانونية، في ما يلي وحدة تنفيذ السدود داخل الشركة، فضلاً عن عجز بائن في سداد مبلغ (22) مليون عبارة عن ضريبة قيمة مضافة.

وأكدت مستندات وتقارير وجود فساد وتجاوزات لإدارة وحدة تنفيذ السدود عبر استغلال سلطتها على الشركة، من خلال عدم تسديدها لمديونياتها لبعض الجهات طوال عهد النظام البائد، والتي وصلت (127) مليون جنيه، بالإضافة لتجاوزات في تنفيذ مشاريع لم تتم؛ وفقا للطرق القانونية المعتادة؛ التعاقد والتعامل المالي؛ في ما يتعلق بالبيع والشراء؛ حيث كان الأمر كله يتم وفقا لسياسة ” اخوي واخوك”.
وبلغت مديونية الضرائب على الشركة (22) مليون جنيه؛ عبارة عن قيمة ضريبة مضافة، بالإضافة لديون بلغت (100) مليون جنيه، من قبل (6) جهات حكومية وغيرها.

وكشفت المستندات عن فساد الإدارة السابقة من خلال عدم متابعة الدعاوى الخاصة بمطالبات الشركة على بعض الجهات.

وتشير المستندات لتورط ثلاثة من قادة حزب المؤتمر الوطني المحلول؛ يعملون بالشركة عبر استغلال سلطاتهم والقيام بإيجار آليات تتبع للشركة عبارة عن سطحة وحفار، يبلغ سعرهما (25) مليار جنيه لمصلحتهما الشخصية، وتفصح المستندات بأن الآليات المعنية تم إيجارها في منطقة تلودي بولاية جنوب كردفان.

ووفقا للمستندات فإن هذه الآليات أخذت بحجة الاستثمار لصالح الشركة دون عقد تشغيل رسمي، مع تشغيلها بعمالة تتبع للشركة بواسطة مدير إدارة الاستثمار فيها إدريس عفيفي وطارق عبد الغفار وأحمد يس إداري بالشركة، ويظهر الفساد بوضوح عبر تشغيلهم لهذه الآليات لمصالحهم الذاتية.

وأكدت لجنة تحقيق وتقصي حقائق؛ تم تشكيلها لهذه الغرض من مستشار بوزارة العدل، حققت في استثمار هذه الآليات بمناطق التعدين في الفترة من يونيو 2019 وحتى اكتوبر من ذات العام، وبلغت المبالغ المحصلة لصالح المعنيين من قيمة إيجار الحفار (619,500) جنيه، ومن قيمة إيجار السطحة (204,000) جنيه، لتصل جملة المبالغ الى 823,500 جنيه.

ولاحظت اللجنة عدم وجود المعنيين وعدم مداومتهم للعمل في عهد النظام البائد؛ الى أن تم تكليف إدارة جديدة بعد سقوط نظام المخلوع الى جانب اكتشاف تجاوزات في الشركة التي يعمل فيها (933) موظفا في كل المشاريع والأعمال؛ يتقاضون مرتبات وبدلات تقدر بمبلغ ( 3400 جنيه).

وعلى الرغم من توقف الشركة التي تعد إحدى أذرع المؤتمر الوطني المحلول، أعد تقرير آخر تحصلت عليه “المواكب” الشركة مكمن الفساد.

ووفقا للتقرير فإنه عقب متابعة الحضور والغياب للعاملين، تأكد عدم وجود موظفين مداومين، الى جانب تقليص العدد الى (445) فردا في شهر فبراير 2020 بفضل اتباع بعض الضوابط التي تلزم كل من يتقاضى أجرا التواجد في موقع العمل.

تأسيس الشركة

والشركة الوطنية للحفريات والاستثمار؛ تم تأسيسها في العام 2015 عقب تجميد نشاطها في العام 1994، وفصل جميع العاملين بها، وواكب تأسيس الشركة العديد من التجاوزات، وتم خارج الأطر القانونية المعمول بها.
ومعلوم أن الشركة شركة خاصة تم تكوينها بقانون الشركات للعام1925م، وتتكون من ممثل لوزارة المالية والري وبها مستشار قانوني، ويوجد بها مدير عام مكلف وهو الضلع الرابع للشركة.

ويرى تقرير آخر لـ ” المواكب ” أنه كان على الجمعية العمومية تحديد أسهم وزارة المالية والري عبر الجمعية العمومية، التي تقوم بتعيين مجلس الإدارة لتعيين المدير العام.

ويشير التقرير إلى أن المدير العام موجود قبل تأسيس الشركة، مما يعد تجاوزا قانونيا وخللا في التكوين، ويلفت إلى أن العاملين الذين تم تعيينهم بالشركة تم إحضارهم من وحدة تنفيذ السدود، التي كانوا يعملون بها، وتم فصلهم وإعطاؤهم حقوقهم المالية ليتم تعيينهم بالشركة، في مخالفة واضحة لقوانين الخدمة المدنية وعدم تعيينهم بواسطة لجنة الاختيار.

ويشدد التقرير على أن كل مؤهلات هؤلاء العاملين تتمحور في أنهم من أصحاب الحظوة، ولايوجد من بينهم مقاول واحد، وأن عددهم كبير، وجلهم يفتقرون للخبرات.

ويؤكد التقرير أن وحدة تنفيذ السدود هي المالك للشركة؛ مع وزارة المالية وهي وحدة مشرفة على تنفيذ مشاريع الدولة ماليا، وتقوم باستقطاب القروض للمشاريع من الصناديق الداعمة، لكنها لا تنفذ ولا تشرف؛ وتعمل عمل وزارة المالية باستقطاب القروض، وتمثل كل مشاريع جمهورية السودان.

ديون النظام البائد في رقبة المدنية:
وكشف التقرير عن عجز في السداد للمشاريع التابعة لوزارة الري في فترة العهد البائد؛ والتي تمت بواسطة الشركة الوطنية للحفريات، ووصلت المديونيات الى مبلغ (127) مليون جنيه، نتاج العجز في دفعها بسبب عدم موافقة الصناديق الداعمة على التمويل، ورفض وزارة المالية السداد؛ بحجة أنه لم تأذن بتنفيذ المشاريع، وأوضح التقرير أن العمل يتم عبر وحدة تنفيذ السدود بواسطة المقاول والاستشاري، وأن علاقات التعاقد لتنفيذ المشاريع لا يسندها قانون علاقة تقوم على (الأخوان). لا تحكمها ضوابط قانونية؛ يأتي مدير عام الشركة لمدير وحدة تنفيذ السدود ويوقع عقودا لتنفيذ مشاريع بين الشركة الوطنية ووحدة تنفيذ السدود، وتقوم الأخيرة بتوفير المواد الخاصة بمشاريع حفر الآبار كمثال 50 بئرا، وعندما يأتي وقت دفع قيمة تنفيذ المشروع، يعتذر مسؤول وحدة تنفيذ السدود بأن الصندوق لم يوافق على تمويل المشروع، ويتم توجيه المقاول لوزارة المالية التي ترفض الدفع بحجة عدم إخطارها، وأخذ الإذن حتى اذا تعسر الدفع من الصناديق المانحة تقوم المالية بتمويل المشروع المعني، وأوضح التقرير أن مشاريع حفر الآبار من المفترض أن تتم عبر مناقصة.

وأوضح التقرير أن مبلغ (127) مليونا مضروب في 17% قيمة الضرائب؛ والتي أصبحت ديونا على كاهل الشركة؛ الأمر الذي جعل المدير المسؤول عقب التغيير أن يتعرض لمباحث الضرائب؛ إذ بلغت مطلوبات الشركة للضرائب (22) مليون جنيه، ضريبة قيمة مضافة على الشركة، مما اضطر الإدارة الجديدة التي تم تعيينها عقب التغيير لجدولة مديونيات الضرائب على الشركة، وكشف التقرير عن مطالبات وديون على الشركة وصلت الى أكثر من (100) مليون من بينها؛ جهات أكثر (6) جهات حكومية وموردون، وأن الشركة كانت تعمل بالخسارة وقت استلام الإدارة الجديدة؛ التي تم تعيينها بواسطة الحكومة الانتقالية، إذ وجدت جميع الآليات معطلة وهنالك مشاريع حصاد المياه التي تم التعاقد على تنفيذها مثل مشروع خور ابو حبل ومشروع بربر بشمال كردفان لسقاية مدينة الأبيض لتوفير 5 مليارات مكعب ومشروع سد ام قديد كلها متوقفة، وأن جميع الآليات بالمشاريع متعطلة منذ العام 2018 ، ورغما عن ذلك يصرف الموظفون مرتباتهم من وحدة تنفيذ السدود؟؟؟

آخر اجتماع للعهد البائد:
وكشف التقرير عن آخر اجتماع لمجلس إدارة الشركة بتاريخ يونيو 2019 لمناقشة الأداء المالي الختامي للعام 2018، وكشف من خلال المصروفات المباشرة للشركة أن الشركة تعمل بالخسارة.

دعاوى ضد الشركة:
و في ذات السياق؛ كشف تقرير صادر من وزارة العدل بتاريخ 30 مارس 2020 والمتعلق بالدعاوى الخاصة بالشركة الوطنية للحفر والاستثمار، وهي دعاوى مرفوعة ضد الشركة والعكس من الشركة ضد بعض الجهات.

الدعاوى ضد الشركة:
وكشف التقرير عن عدد (6) دعاوى مرفوعة ضد الشركة، ووفقا للتقرير فإن هنالك إهمال وعدم متابعة لدعاوى الشركة الخاصة بمطالبات مالية من بعض الشركات.

الدعوى الأولى بالرقم (2544/2017): والمدعي الشركة الوطنية للحفر والاستثمار المحدودة؛ ضد الشركة الصينية، وتتعلق بمطالبة مالية تقدر بمبلغ (3.918.000) وشكا المحامي من عدم استلام ملف الدعوى من المستشار التابع للعهد البائد، وتقدم المحامي بطلب لمحكمة الخرطوم شرق، واتضح أنه صدر حكم بتاريخ 4/1/2018 بأن تدفع المدعى عليها مبلغ (3.918.000)، وأن تتحمل رسوم الدعوة وأتعاب المحاماة، وتم استئناف الحكم من قبل المدعى عليها، وجاء قرار الاستئناف بإرجاع الدعوى لمحكمة الموضوع للفصل فيها من جديد، ونتيجة عدم إخطار المستشار القانوني تم حفظ الدعوى وشطبها للتخلي بموجب المادة (100) من قانون الإجراءات المدنية لسنة 1983، ويواصل التقرير بأنه عقب مرور ستة أشهر؛ وبعد أن أبدت الشركة الصينية استعدادها لإجراء تسوية شريطة إحضار مستند من المحكمة؛ يفيد بتنازل الشركة الوطنية عن الدعوى، تم عقد اجتماع بمقر الشركة الوطنية للحفر والاستثمار المحدودة؛ حيث ضم الاجتماع كلا من الشركة الوطنية والشركة الصينية، بالإضافة لممثل لوحدة تنفيذ السدود بحضور المستشار القانوني للشركة الصينية ومستشار الشركة الوطنية، حيث اقترح ممثل الشركة الصينية توقيع اتفاق يقضي باستلام المستند الذي يفيد بتنازل الشركة الوطنية عن الدعوى المرفوعة، وإحضار شيك بالمبلغ بعد أسبوع من التوقيع على الاتفاق؛ تم الاعتراض على المقترح من قبل الشركة الوطنية، وشددت الشركة على ضرورة أن يكون توقيع الاتفاق وتسليم المستندات واستلام الشيك في يوم واحد، ومجلس واحد؛ وتم الاتفاق مع المستشار القانوني للشركة الصينية على توقيع الاتفاق وتعديل البند (2) من الاتفاق، وذلك بحذف عبارة: تدفع مرة واحدة خلال أسبوع واحد؛ من يوم استلام المستند؛ الذي يوضح سحب الدعوى من قبل الطرف الثاني، وإضافة عبارة تدفع مرة واحدة في نفس اليوم، ووقت استلام المستند الذي يوضح سحب الدعوى من قبل المدعية بدلا عنها، وأن تبقى جميع الأوراق والمستندات بطرف الشركة الوطنية لحين إحضار الشيك بعد أسبوع واحد من التوقيع على الاتفاق بالهدم؛ يعتبر الاتفاق كأن لم يكن، وعلى ضوء ذلك تم توقيع الاتفاق؛ حيث وقع ممثل الشركة الوطنية وممثل الشركة الصينية، وومثل من وحدة تنفيذ السدود؛ كشهود على الاتفاق، وبعد أسبوع من توقيع الاتفاق تم استلام شيك بمبلغ (3.918.000) من ممثل الشركة الصينية، وتم إيداع الشيك بحساب الشركة الوطنية بتاريخ 29/12/2019.

ووفقا للتقرير؛ فإن الإدارة الجديدة للشركة الوطنية وجدت أيضا دعوى ضد الشركة بالرقم (2537/2019) المدعية شركة السرحات للاستثمار المحدودة ضد الشركة الوطنية للحفر والاستثمار محكمة الخرطوم الجزئية، وتعود تفاصيل الدعوى الى مطالبة مالية تقدر بمبلغ (1.800.000) وبعد مخاطبة السيد مدير الشؤون المالية المكلف للتأكد من حقيقة المطالبة، أفاد بوجود مديونية تقدر بمبلغ (1.612.080) الف جنيه، تم إدراجها في الموقف المالي، كما أفاد مدير الإمدادت باستلام بضاعه بمبلغ (51.480)، ولم يتم إدراجها في الموقف المالي؛ لعدم اكتمال عملية جرد المخزن. تم مخاطبة السيد المدير العام المكلف بمذكرة قانونية من قبل إدارة الشركة بضرورة إجراء تسوية عاجلة وفورية قبل الجلسة المحددة بتاريخ 12/ يناير 2020 جلسة الرد على الدعوى، وذلك حتى يتم تجنيب الشركة سداد قيمة الدعوى وأتعاب المحاماة البالغ قدرها (50.000) خمسون ألف جنيه، وذلك لثبوت حق المدعي من قبل المدعي عليها نفسها، ويشير التقرير إلى أنه تم الجلوس مع مستشار شركة السرحات للاستثمارات المحدودة بمقر الشركة الوطنية، وتم التوصل لتسوية، وتم التأمين على مبلغ المطالبة وهو (1,663.560) وليس (1.800.000) على أن تتنازل المدعية عن رسوم الدعوى وأتعاب المحاماة، وأن يتم تقسيط المبلغ على خمسة أقساط تبدأ من يوم إجراء التسوية، وذلك بأن تستلم المدعية 20% المبلغ في يوم التسوية و20% بتاريخ 1/6/2020 و20% يوم 1 اغسطس 2020 و20% شهريا الى نهاية العام، وأشار التقرير إلى أنه تم استلام شيك بمبلغ 332.712 جنيه من قبل المدعية، في نفس يوم إجراء التسوية، وتم تسجيل التسوية بالمحكمة في يوم 12/1/2020 جلسة الرد على الدعوى، وتم التنازل عن رسوم الدعوى وأتعاب المحاماة.

المواكب

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..