مقالات وآراء

رسالة إلي الجميع..

الثورة تشهد حالة من السيولة تُنذر بكارثة محدقة بالجميع.

من المؤكد بنسبة مائة بالمائة بأن ثورة ديسمبر هي ثورة شبابية بإمتياز، ولكن للأسف الشباب مُبعثر، و لم تسلم هذه الشريحة المهمة في عملية التغيير، من التجريف الممنهج في التسطيح، ونشر الثقافة السمعية، والتبعية بالعاطفة، بلا تفكير موضوعي، مما جعل المسافة شاسعة بينهم وبين العملية السياسية، وثورتهم التي مهروها بالدماء، والعرق، والدموع.

لعبت ادوات التواصل الإجتماعي دور كبير في الحشد للثورة، وبناء العمل الثوري التراكمي منذ زمن طويل، والآن تلعب في دور عكسي، يمكن ان يهدم كل الذي تم بناءه في عشرات السنين، وذلك لغياب الرؤية الصائبة، والتنظيم، و الجميع كانهم في جزر معزولة، في حالة توهان بلا دليل.

من اكبر عثرات الثورة لم تكن هناك خطة واضحة للمعارضة بشكل علمي، وعملي مدعومة بالدراسات، والبحوث، برغم تطاول الزمن في رصيف المعارضة، فجاء ميثاق الحرية والتغيير علي عجل، حتي انه لم يرسخ في وجدان من صاغوه، فاصبح حبراً علي ورق تتقاذفه الرياح.

كل الخطط كانت تكتيكية، وتحالفات لا تخرج عن ادب، وثقافة النظام البائد نفسه، والتمترس الحزبي، والقبلي، والطائفي، والمناطقي مما زاد الوضع ضبابية، بعد سقوط النظام، وبدت سوءآت الجميع.

ما تشهده الساحة من اخبار بوجود خلافات بين البرهان، و حميدتي، إستناداً علي كشف بسحب ضباط من الدعم السريع، وإنهاء إنتدابهم، مجرد تخمين لا يستند علي ادلة ثابتة، او قرائن يمكن البناء عليها.

كتبنا كثيراً، وتحدثنا اكثر بان النظام في ايامه الاخيرة إنتدب عدد كبير من الضباط الإسلاميين من الصف الاول في الجيش الي الدعم السريع، ونعرفهم من احدث رتبة إلي اقدمهم، في خطة لتدجين هذه القوات التي اصبحت تمثل خطر عليهم، ولكن لم يسعفهم الوقت، فكان امر الشعب، فسقط النظام غير مأسوف عليه.

كل الضباط الذين تم إنهاء إنتدابهم في آخر كشف، هم إسلاميين، نعرفهم تماماً، وهذا ما كان يجب ان يحدث قبل فترة، وان لا يتوقف عند هذا الكشف.

وجود الضباط الإسلاميين في صفوف الدعم السريع، له آثاره السالبة، ونتج عنها مضاعفات كادت ان تذهب بكل العملية، وما فض الإعتصام الذي تقاطعت حوله المعلومات ببعيد، ويبقي الخط الرئيسي هو مؤامرة كيزانية غمست ايادي الجميع في دماء الثوار الابرياء.

يجب سحب كل الضباط الإسلاميين، من صفوف الدعم السريع، لأن وجودهم في الجيش واضح، ولا يمكنهم التحرك بحرية كما في الدعم السريع، وذلك للهيكل التنظيمي العميق في القوات المسلحة برغم غلبته الإسلامية.

تبقى الجدية في تصفية هذه الكوادر من القوات المسلحة، علي عاتق البرهان، وجماعته، لأنهم الادرى، والاعلم بما يدور في صفوف القوات المسلحة.

يبقى الرهان في الشجاعة، والجرأة في فتح ملف القوات المسلحة، والدعم السريع، وإيجاد صيغة لهيكلة القوات المسلحة، بشكل مهني، لأن الإستمرار بهذا الشكل سيجعل من عملية التغيير مستحيلة، ويُهيئ المناخ المناسب لعناصر النظام البائد، لضرب قوى الثورة التي بدت اضعف، وشابها الفتور، والإنقسام.

لنأخذ الامر بشكل جاد، يجب البت في ملف فض الإعتصام، الذي اصبح العقبة الكؤود التي تقف امام قطار الثورة، وضبابية التحقيق تجعل الجميع يتمترس، واصبعه علي الزناد.

لمعرفتي بأمر القوات المسلحة، يمكن إنهاء هذا الملف بمجلس تحقيق، في اقل من إسبوع سيحدد المسؤولية، والجناة بشكل لا لبس فيه، لأن الامر وقع امام بوابات، واسوار القيادة العامة.

من مبادئ الشرف، والواجب كان من الاحرى ان تكون القوات المسلحة هي صاحبة المصلحة في الفصل في هذه القضية، التي تُتعتبر وصمة عار في تاريخ القوات المسلحة.

تحلوا بالشجاعة لأن التاريخ لا يرحم، والجميع سيذهب اليوم او غداً.

بعد تحديد المسؤولية الجنائية، تبقى المسؤلية السياسية، وهنا اتحدث عن الفترة ما بعد السادس من ابريل 2019، والتي تحتاج الي إعمال العقل في عقد مؤتمر للمصالحة الوطنية الشاملة، لطرح الغبن، وهذا التوتر، لنزع الفتيل الذي اصبح قاب قوسين او ادنى من الإنفجار.

علي الجميع قراءة المشهد بشكل جيد، لإنقاذ البلاد من هذه الوهدة، ليتحد الجميع، لضرب الفتنة، وان تجلس كل قوى الثورة بما فيها الحركات المسلحة في مائدة واحدة، داخل العاصمة الخرطوم، وان نتحلل من إنتماءاتنا الحزبية، والجهوية، والطائفية، حتي نضع السودان في تراكه الصحيح ثم نذهب للإعداد لمرحلة الديمقراطية، والتنافس.

التمترس وراء هذا المشهد المرتبك، والمعقد، سيذهب بالوطن، وساعتها سنفقد الارض التي نتصارع عليها، وسنذهب جميعاً إلي الجحيم.

اعتقد حميدتي مُهيأ تماماً لعدم الإلتفات إلي الوراء، فهل البرهان لا يزال يُراهن بالنظر الي الخلف؟

هل تنقصه الشجاعة، ام لا يجيد قراءة التاريخ؟

والثورة في عامها الثاني، ولا يزال صوت الشارع هو الاعلي، والغالب.

أللهم قد بلغت فاشهد.

خليل محمد سليمان

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..