مقالات وآراء

وإذا المصفوفة ثبُتت

بسم الله الرحمن الرحيم
يكاد المراقب يجد تطابقاً ما بين سياسة مقاومة القطيع في الجائحات وتعامل الحكومة مع الحراك المضاد.فقد تعايش مجمل الوضع الانتقالي مع حقيقة وجود مفطومي النظام البائد من ضرع السلطة ، ولا سكوت لمفطوم اللبن لمجرد( اللولاي ) أي الهدهدة .ولئن أصاب الفيروس رئيس الوزراء البريطاني الذي انحازت حكومته لهذا الخيار الصحي وأدخلته غرفة العناية،فإن الأعراض من جراء تململ انصار الماضي الذي لا رجعة له ، قد أصابت الوطن والمواطنين برهق على رهق. فتكسرت في أجسادهم النصال على النصال وهم بعد صابرون. ما يشير الى شدة مناعة الثورة ومقاومة الثوار. ويبدو أن الخط البياني لهذا الرهق قد بلغ مداه .ولئن كتبت فيما مضى عن لحظة بداية سقوط النظام السابق بإصابة أقوى خطوط دفاعه بهزيمة رئيس ما سميت بهيئة علماء السودان أمام ضربات ناشطات في مقام حفيداته ، فإن بداية الضربة القاضية للبقايا من الواهمين بإعادة عقارب الساعة إلى الوراء وحلوك بهيمه ،كانت في حل و (بل) منظمة الدعوة الاسلامية . وكل ما أتى من الحراك المضاد بعد ذلك حتى محاولة اعتصام الأمس تعبير عن الوهن والإفلاس.ويتجلى ذلك في توهمه إن وضع حوافرهم على حوافر الثوار وتكرار شعاراتهم وأدبياتهم حذوك النعل بالنعل ،كافيتان لنجاح الحراك.. ويكمن بؤس هذه الرؤية ، في مماثلة الظن أن لبس عاهرة للنقاب يجعلها بؤرة للعفة . متناسين أنه لا يمكن عبور مياه النهر في ذات المكان مرتين. والأدق ، أنه تقليد بلا اعتداد بمراكمة عوامل الثورة. لذلك ، لم يكن غريباً أن ينتعش الثوار لأي إجراء مضاد للحراك مهما كان صغيراً . وهتاف الجوع ولا الكيزان ، والذي تكرر بالأمس في عطبرة ، ليس مجرد هتاف للصبر على الجوع . ولكنه موقف مبدئي يتماهى ويتسق مع تيار الثورة الجارف0. فلا تغيير إلا للأمام رضي من رضي أو كابر من كابر.
وهكذا كانت المصفوفة المعلنة ، أياً كانت توقعات نجاحها ، رداً عملياً للحراك المضاد من جهة ، وأملاً للوطن والمواطن من جهة أخرى. ففي مقابل دعوات الحراك الفجة لعودة العسكر ومغازلة البرهان ومناشدته ب(حسم ) الأمر من سيئ الذكر الخال الرئاسي وغيره،بلا حياء والتحرك صوب القيادة في أسرع الاعتصامات انفضاضاً،وحملات التشكيك في وجدة شركاء الوضع الانتقالي. جاءت المصفوفة رداً عملياً بعد ممارسة النقد الذاتي والشفاف . فعاد حميدتي لرئاسة لجنة الطوارئ الاقتصادية كقرار موضوعي صائب ، فقواته حرس حدود في بلاد تئن من ضربات التهريب.وكان الوصول لفكرة زيادة الرواتب بإعادة توزيع الدعم المادي عوض الدعم السلعي ينبئ باقتناع الأغلبية برأي وزير المالية باعتبار الخطوتين معاً ، ترياقاً ضد الانكماش أو الركود التضخمي كون العاملين بالدولة ، هم الأقرب للشراء بطبعهم متى توفرت السيولة بأياديهم. لكن قمة فعل التغيير الإيجابي وكبرى ديمه الإعلامية ، كانت في لقاء الأمس التلفزيوني الذي تألق فيه التلفزيون تقديماً وإخراجاً.فيكفي توسط المحاور لوزير وعضو سيادة من جانب ، وعضوين من الحرية والتغيير من جانب آخر. والامساك بخيوط الحوار بحنكة ، لتقيس مدى تحول الاعلام واحترام الاعلامي لمهنته وسطوته وفرض نفسه بالتوازي مع من يمسكون بملفات الوطن. بعد أن عايشنا رجفة الاعلامي أمام المسئول الحكومي والتطبيل للحكومة طوال العهد البائد.بإيجاز ، لقد ثبتت المصفوفة وهزم كل من يعارضها أياً كان موقعه. ولتأكيد ذلك ، انتظروا الحوار القادم للقمان بالسبت.

معمر حسن محمد نور
[email protected]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..