مقالات سياسية

“مصفوفة التدارك” هل منحت حكومة حمدوك صلاحية الردع الثوري؟

حقيقة في الآونة الأخيرة لقد إتسعت دائرة الإحباط عند الكثيرين ،وبلغ السخط عند الثوار مبلغا عظيما وفي مواقف كثيرة صراحة عجزنا معها عن الدفاع عن مواقف حكومة حمدوك ، وإن كنا لم نجهر بذلك في كتاباتنا المتواضعة والراتبة، بل “قطعناها في مصارينا ” كما يقولون !

ليس لاننا كنا نمارس نفاقا ما – ولم يسبق لنا في كل ما كتبنا منذ معارضتنا لنظام مايو وحتي اللحظة ، ان مارسنا رذيلة النفاق او “حرقنا بخورا ” في ما نكتب، ديدننا دائما ان الوطن يعلو ولايعلو عليه . ولكن لاننا كنا ندرك تماما اي هجوم علي حكومة حمدوك وهي تمشى في حقل من الألغام و علي راس هذه الالغام دولة التمكين القابضة علي مفاصل الدولة ،وقد نجحت فعليا في شل حكومة حمدوك بالعراقيل الممنهجة تارة والتآمر تارات أخري ،خاصة من قبل وزارات كان فيها عش الدبابير عميقاوخطيرا ، مثل وزارة المالية والداخلية والثقافة والإعلام والخارجية ،وهذا علي سبيل المثال لا الحصر.

كنت مؤيدا لحكومة حمدوك ومازلت لاني ادرك تماما ان في زوالها يعني الإنزلاق الي مزالق الفوضي التى ستجعل من السودان لقمة سائغة لاعداء الثورة في الداخل و الخارج على السواء.

لقد إستبشرنا خيرا بان شركاء الثورة لم يكابروا او ” يركبوا راسهم ” بل إعترفوا صراحة بما إرتكبوه من اخطاء فادحة كادت ان تعصف بثورتهم ، واعادوا رص الصف بعد فرقة كادت ان تمزقهم ،وإتفقوا علي كلمة سواء بعد ان تفرقوا أيدي سبا، وما الكلمة السواء إلا ” مصفوفة التدارك ” الاخيرة ، لعلها الفرصة الذهبية لضبط نطاق صلاحيات كل مكون ومنع التداخل والتغول بينهما بما يخفف من اخطاء الوثيقة الدستورية وعوارها،وتمكن لحكومة حمدوك من الردع الثوري الذي كانت تفتقره طيلة الشهور السابقة.

ما اعلنت عنه هذه المصفوفة علي سبيل المثال لا الحصر ، مثل اصلاح واعادة هيكلة الاجهزة الامنية والشرطية، وتنظيم وإصلاح المنظومة العدلية، ووضع اليد علي شركات الأجهزة الامنية / الشرطية والقوات المسلحة عدا المشتغلة بالتصنيع الحربي ،وتسريع محاكمات رموز النظام ،ودعم لجنة التفكيك بالمزيد من قوانين الردع والمزيد من الكوادر البشرية والإمكانيات المادية حتي تقوم بدورها كما ينبغي ، خاصة وقد اصبحت مقياسا أسبوعيا لرصد مدي حماس الناس وإلتفافهم حول الثورة وغيره الذي لايسع المجال لذكره .
الآن حكومة حمدوك امامها فرصة جديدة.

هي ” مصفوفة التدارك ” لتثبت للجهات التى اتت بها ،ولجان المقاومة الشعبية التى تنظر لها بعين الترقب والحذر ، وكل جماهير الشعب السوداني التى صنعت ثورة ديسمبر العظيمة.

انها هي حكومة الثورة ،وتكف عن التلكؤ والتسويف والتردد في إتخاذ القرارات الثورية ، وتكاشف شعبها بالشفافية والصدقية عن ما يعترض طريقها من مشاكل او عقبات ، لتستمد من شعبها الثقة والقوة في مواجهتها . كما ينبغي مع بداية هذه المرحلة التصحيحية ان يخرج السيد رئيس الوزراء بين الحين والآخر ليعلن علي الناس مواقف حكومته الإيجابية منها والسلبية يضعهم في صورة الاحداث ، وان يقلع عن عادة حكومته في” الصهينة ” وهي للاسف عادة مرذولة كثيرا ما تحبط الثوار وتفتح الباب مشرعا لاعداء الثورة لنساجة الشائعات وصناعة المكايد والتربص وخروج مواكب الفلول التي تستفز الشهداء واهليهم وتشكل صفعة صفيقة علي وجه الثورة .

جعفر عبد المطلب

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..