
من دروس ثورة ديسمبر المجيدة انها باضت وأفرخت لنا لجان المقاومة من المظاهرات العفوية الي التنظيمات التي وقف العالم مشدوها بعظمتها ومنح المصور الياباني ياسويوشي شيبا جائزة لافضل صورة للصحافة العالمية التقطت لعام2020 وكانت من بين ساحة ثوار السودان فتحولت قوة الدفع خلف تلك المظاهرات الي ظاهرة تستحق لا الدراسة والتأمل فقط بل لمنحها الاستمرارية بهيكلية ديناميكية توقد فيها الحياة عبر أجيال تأتي تقف بين الطغاة وطريق الحكم لينعم السودان بنظام حكم يحق فيه للجميع تبادل الادوار بين حاكم ومعارض ثم معارض وحاكم ويرضي الجميع بأدوارهم المهنية في الحياة لخدمة الوطن.
لا تغيب عني تجارب الانجليز في ادارة البلاد التي حكموها مثل الهند ونيجريا والسودان فمن خلال مراقبة سلوك وتفاعل المجتمعات خرجوا بنظام الادارة الاهلية الذي مكن الاستعمار من حكم تلك البلاد لعقود من الازمان بتكلفة لا تقارن مع العوائد والفوائد فكانت النزاعات تحل عبر النظاروالعمد والمشايخ والمجرم في القبيلة له ملف حاضر في ذاكرة شيخ القبيلة وللاخير وسائل الضغط لوضع الامور في نصابها ورد الحقوق وجبر الكسر.
ألغت حكومة نميري نظام الادارة الاهلية وجاءت قفزا بالزانة لنظام الضباط السيارة ومن ذلك العهد تدحرجت المشاكل القبلية والاهلية كما كرة الثلج حتي وصلنا الي اراقة الدماء في دارفور وجنوب كردفان وجنوب النيل الاورق وفقدنا أحباب وأعزاء بالاف لعجز مكونات المجتمع عن ادارة المشاكل داخل المجتمع المحلي الذي تعجز دواوين الحكومة وموظفيها في سبر أغواره والالمام بمجريات التعقيدات التي تحيط به.
فكرتي لا تدعو لاعادة نظام الادارة الاهلية الذي بدأ بصورته الاولية في العام 1919م ولكن لاستلهام التفكير السليم وتدبر النظام الفاعل الذي ينقل لجان المقاومة الي فعل ثابت وجسم مادي يتحرك لخدمة المجتمع حشره للمواطنين لا يكون للتظاهر عند نقص الخبز أو الغاز أو تعديل سلوك الحاكم في مليونية بل ادارة الحياة اليومية في المدن الكبيرة من خلال جمعيات تعاونية وشركات مساهمة تعمل في تدوير النفايات والامداد الكهربائي بالطاقة الشمسية وصناعة الالبان وزراعة الخضروات ثم الحرص علي نشر نتائج أعمالها ربع سنوي عبر مجالس ادارة مقننة في البورصة أو حضور عند مسجل الشركات والغرف التجارية وتسيرعجلة الرقي والتقدم في أعمال الخيربرعاية المسنين والعجزة داخل الاحياء في جو أسري وتدريب الشباب علي الاعمال الاجتماعية لاعدادهم كقادة في المجتمع ثم الوطن ويتحول الاسم الي مجلس حماية الديمقراطية مثلا تتفرع أجسامه الاقتصادية كما الحبل السري لتغذية الجنين .
لجان المقاومة تنتقل من حشد الجماهير الي حشر للوطن في أجزاء تتوزع علي طول خريطة السودان ومدرسة سلوكية يتخرج فيها قادة العمل الحزبي والوطني وتبقي سيرتهم الذاتية مبذولة في مكونات لجان المقاومة في الاحياء والمدن الصغيرة والقري والفرقان يتمحور مركزها عند الناظر وأعمدة الادارة الاهلية كما جاء في قانون تنظيمها الذي و رثناه من الانجليز بعد اجراء تعديلات تناسب معطيات القرن الحادي والعشرين مثل تولي مناصب الادارة الاهلية بالانتخاب لفترات معلومة وبناء أجسام اقتصادية رديفة كالجمعيات التعاونية وأبقاء (النفير) فعلا دائما عند عمليات الزراعة ويمكن تعديل مسمي لجان المقاومة هنا الي مجلس حكماء القرية أو المدينة وتعميم فكرة لجان المقاومة يبقي جذوتها حية ومسايرة للنشاط الاقتصادي وتمليكها القدرة علي الصرف علي أنشطتها الاجتماعية مثل مساعدة العجزة وكبار السن وتقديم وجبة أفطار لتلاميذ المدارس والعمل الاجتماعي منخل كبير يتحقق فيه الفرز عند الترشح لمناصب العمل العام و يسهل علي الناخب التفريق بين موسي وفرعون .
وتقبلوا أطيب تحياتي
مخلصكم / أسامة ضي النعيم محمد