مقالات وآراء

فيديوهات البث المباشر على الفيس بوك غرض أم مرض؟

ينشط عدد من الشخصيات على مواقع التواصل الاجتماعي ببث مباشر مستمر يكاد يكون شبه يومي في الحديث عن الشأن العام السوداني بدون فكرة او دراية، هل هنالك علاقة بين سلوك الافراد هذا وبين سمه اعراض نفسية وسلوكية. قد يعتقد البعض ان حب الظهور والاستعراض من السمات العادية للشخصية دون وجود جذور حقيقية تربطها بشخصياتهم. ولكن في الحقيقة ان حب الظهور الاستعراضي هذا يصنف من ضمن العقد النفسية والسلوكية. وقد تتداخل معها عقد اجتماعية ايضاً. الظهور الاستعراضي ظاهرة تتأصل جذورها في التكوين الفردي للشخص وبالتربية والمحيط الاجتماعي والطبقة والطموح ما بعد الحراك الذي ادي الى تنحى راس النظام أصبحت الحياة اليومية في السودان تأخذ كثيرا من الاحتقان وعدم الاستقرار وفى مثل تلكم الأجواء فان الكثير من الأشخاص يكونوا متعطشين للفت الانتباه ويصاب كثيرين بعقدة حب الظهور بشتى الطرق سواء من خلال بث مباشر على مواقع التواصل الاجتماعي وتعمدهم الظهور بكلام غريب وهرطقات وتحليلات قائمة على ابعاد شخصية ونفى لحقائق علمية مؤكدة للفت الأنظار او من خلال اثارة مواضيع ليست ذات قيمة او ملاحقة اشخاص بعينهم ونشر معلومات مضللة عنهم . وقد تكون عقدة حب الظهور والاستعراض واضحة في الطريقة التي يتحدثون أو يفكرون بها، كالتحدث بطريقة مختلفة عن الآخرين أو برفع الصوت عند التحدث لجذب الانتباه مع مراقبة ردود فعل الناس من خلال تعليقاتهم للتأكد من انجذابهم بالفعل. كثير من مصابي عقدة حب الظهور الاستعراضي لديهم نزعة الأنـــــــــــا. وبانه شخص غير عادي أو هو شخصية مهمة جداً مع تضخم واضح وكبير في الأنا وهنا يسود الثلاثي القاتل «أنا»، «لي»، «عندي». ولكي نكون منطقيين في تحليلنا فان سمة حب الظهور ولفت النظر هي حاجة نفسية غريزية لا تختلف كثيراً عن غيرها من الحاجات البيولوجية الجسدية كالحاجة للطعام والهواء والشراب والحاجات العاطفية والاجتماعية الأخرى كالحب والعطف وكسب الاحترام. فالرضيع يبكي لكي يلفت انتباه أمه والمحيطين به وقد يكسر الطفل الصغير حاجيات المنزل بهدف لفت انتباه أهله إليه. وبنفس الطريقة قد يكتسب الإنسان في حياته المبكرة الكثير من السلوكيات الجيد منها والسيئ لتحقيق نفس الغرض وهو حب الظهور والتميز ولفت الانتباه. فقد يتعلم طفل ما الاجتهاد أو الترتيب ليكسب اهتمام ذويه وقد يتعلم العكس عندما لا يثاب على السلوكيات الجيدة، بمعنى انه يحصل على الاهتمام عند تكسيره للأشياء أو عند اتلافها مما يحقق لديه الحاجة للفت النظر وتحقق له السلوكيات الخاطئة الإثابة المرجوة (عندها فقط يتعلم الطفل السلوك المزعج لكسب الانتباه) وقد تتميز مرحلة عمرية ما بسلوكيات معينة تندرج ضمن سمة حب الظهور والاستعراض كمرحلة المراهقة والشباب مثلاً والتي يعتمد أفرادها السلوكيات المتهورة كاستعراض القوة والشجاعة ولدينا املة كثيرة في السودان للشباب والشابات ومن الطبيعي ان تتراجع ثورة لفت الانتباه عند الشباب تدريجيا بتقدم العمر بمجرد أن يستقر نظام القيم الاجتماعية لديهم وبعد أن تجد الشباب عوامل الاستقرار في دروب الحياة. ولكن ما يحدث للشخصيات المريضة هو استمرار تلك الرغبة الجامحة في لفت انتباه الغير لدرجة يصاب صاحبها بحالة من الهوس وقد يصاحب هوس الظهور نوع من الكبر والاستعلاء والاعجاب بالنفس والافتخار بها وحب الشهرة يقابله نوع من حب المدح والرياء. حالة الشخص المريض بحب الظهور الاستعراضي هذا قد تصل حالته مرحلة متأخرة في تتبع وتصيد سقطات وزلات المنافسين له بهدف التقليل من شأنهم كما تتفجر داخلة حساسية وغيرة شديدة تصل حد الضيق عند ذكر إنجازات وابداعات من أي من الذين يري انهم منافسين له. تتجسد في الشخص الاستعراضي، الانانية لدرجة الحقد فهو لا يرضي لغيرة بالبروز والتميز حتى لا يخفت بريقه ويأفل نجمة وتتلاشى نظرات المعجبين من حوله. لنري ما يميز الشخصية المصابة بداء حب الاستعراض: – • عدم صبر صاحبها على الاستماع لمقترحات الآخرين وعدم تقديره لما يطرحونه. • يتميز أيضاً بعدم التراجع عن الخطأ وعدم الاعتراف به. • يتوق دائماً لتسلق أكتاف الآخرين واستقلال منجزاتهم. • يتميز باللسان اللاذع وانتقاد المجتهدين دون حرج من كشف حسده من المؤكد ان المصاب بالظهور الاستعراضي مريض نفسي بحاجة الى إعادة تأهيل نفسي وسلوكي وروحي فهو من نفسه يحتاج للتدرب على السلوك المضاد ونعنى به أن يستدرك الشخص نفسه بسياسة ضبط النفس وقمع رغبته في إلحاق الأذى النفسي بالآخرين ليكسب ودهم بدل حقدهم. وأن يدرب نفسه أيضاً على تقبل الرأي الاخر وعلى حسن الاستماع وعلى محاولة إعادة بناء الذات وتهذيبها ومقاومة جموحها. دمتم

اكرم ابراهيم البكري
[email protected]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..