عربي جوبا …. جسر حيوي للتواصل بعد القطيعة الموجعة بين شمال وجنوب السودان

عربي جوبا …. جسر حيوي للتواصل بعد القطيعة الموجعة بين شمال وجنوب السودان

استضاف برنامج استوديو كافيه شو في الإذاعة الدولية لمونت كارلو بتاريخ 27 يوليو 2017 د. هجو عبد المنعم أحمد ناصر، المتخصص في لغة “عربي جوبا” في جنوب السودان ….وبرع مقدم البرنامج الإعلامي المبدع الأستاذ عاطف صالح وزميلته الأستاذة حنان عبدالله في إدارة حوار ممتع وشيق ومفيد حول موضوع كان يمكن ـ بإعتبار طبيعته الأكاديمية ـ أن يكون ثقيل الوقع على المستمع…..
ولعل الصداقة التي تجمعني بالإثنين: د هجو المتحدث والأستاذ عاطف جذبتني لمتابعة اللقاء والإستمتاع حقيقة بحوار ثر مفيد….وقد عودنا د. هجو في لقاءتنا العديدة خلال الأعوام الأخيرة في ضواحي العاصمة الفرنسية باريس أن نتشوف في أطروحاته عمق الباحث ومنطق العارف بمايقول…. فقد تبادلنا الحديث عن سنجة وسنار وماحولها اليوم والخزان ومشروع الجزيرة ومملكة سنار، وهو بإنتماءه لهلهذه المنطقة تشبع بدماثة وبروح أهلها الطيبين وخلقهم الكريم وحبهم للفزعة في مساندة ونجدة الأخر….وهجو بابتسامته التي لاتفارق وجهه وأصبحت سمة من سماته يسمو في أحاديثه علي الصراعات الضيقة والشخصية والحزبية، ويحلق بنا دائما نحو آفاق رحبة من الشجن الثقافي المترع، ومن الاهتمام بتاريخ بلادنا وبشخصية السوداني…والعوامل التي ساعدت علي تكوين تلك الشخصية….ولعل من أهم ماتحاورنا حوله ـ ومانزال ـ هو دور مايمكن أن يوصف بالنخبة أو الصفوة والتي يحملها هجو مسئولية كبيرة في إنحدار بلادنا إلي الهاوية التي ترزح تحت نيرها اليوم…
أبدأ أولا بتهنئة الصديقين العزيزين هجو وعاطف علي هذا اللقاء الذكي البارع الذى عرفنا بصورة ممتعة ومفيدة وسلسة بعربي جوبا ودوره كوسيلة للتواصل علي الصعيدين: أولا داخل المجتمع الجنوبي نفسه وهو مجتمع متعدد الثقافات واللغات واللهجات، وثانيا علي صعيد أوسع بين الجنوب في مجموعه وشمال السودان…
جذبني الحوار وظللت متابعا له علي المذياع حتي نهايته….كل مايمس الجنوب من قريب أو بعيد يشدني ويثير اهتمامي….فقد عشت من جانبي ردحا من الزمن في جوبا والإستوائية ويافعا تابعت لبعض الزمن دراستي في مدرسة جوبا الأولية في الملكية، حيث كان والدي المرحوم د. إسماعيل أمين نابري يعمل طبيبا بمستشفي جوبا الملكي، وسمحت لي تلك الفترة الغنية التي لاتنسي بأسفار واسعة خاصة في غرب الإستوائية، تلك المنطقة الممتدة من جوبا عبر ياي ومريدي ويامبيو وثورثيبو في منطقة الزاندي حتي حدود دولة أفريقيا الوسطي….. وكانت لغة عربي جوبا هي وسيلتنا للتواصل مع زملاءنا ومع أهل جنوب الوطن…وبالرغم من محاولاتنا للتحدث بالبارية وهي لغة قبيلة البارية التي تطغي علي مدينة جوبا وماجاورها إلا أن عربي جوبا كان هو المسيطر والملاذ عندما نواجه صعوبات التعامل بالبارية….
حدثنا وأكد لنا د. هجو ـ في اللقاء الإذاعي هذا ـ وذلك بعد أن قد قضي سنوات في إعداد رسالته للدكتوراه والتي تتكون من ثلاثة أسفار ـ أكد لنا في ردوده علي تساؤولات عاطف وحنان بضعة حقائق أساسية من أهمها مايلي:
ـ أن من يتحدثون عربي جوبا ليسوا بطبيعة الحال عربا…ومصطلح عربي الملصق بجوبا هنا هو إشارة إلي أن اللغة عربية لكنها ? كما أشار هجو في تلميحة لبقة ذكية ـ ولدت بأرض إفريقية.
ـ عربي جوبا لا يقتصر فقط علي مستوي التواصل بين المتحدثين لكنه إرتقي ليصبح أيضا لغة ذات أبعاد ثقافية وإجتماعية وحضارية، بل وحتي دينية فعربي جوبا تستخدمه الكنيسة في مناسباتها وفي التراتيل….
ومن أهم النتائج والتوجيهات التي ينصح بها الباحث د. هجو يمكننا أن نشير إلي مايلي:
? ضرورة التوسع والتعمق في الأبحاث المتعلقة بعربي جوبا فهي علي أية حال مازالت قليلة وغير كافية….وأن ماقام به هجو نفسه لم يكن إلا بداية الطريق….وذكر وأشاد بروح من الأمانة العلمية أنه إستفاد وبني علي الأبحاث القيمة التي قام بها الأستاذ محمود عشاري والأستاذة كاثرين ميلر..
? عربي جوبا هو واقع حيوي له مستقبل مهم واعد، ليس في الجنوب فقط بل قد يمتد ليشمل أجزاء من المنطقة ويشبهه هجو هنا بالسواحيلي. وهذا في حد ذاته توقع لدور أكبر مما نتصوره لدور كامن لعربي جوبا في المستقبل..إنها بارقة أمل.
? عربي جوبا لايعني بالضرورة تعريب الجنوب أو أسلمته لأنه كلغة كائن حي لاعلاقة له بالدين او الأديان أو حتي الأعراق.
تساؤل مهم من الإعلامي أستاذ عاطف برز عندما قال: (…لعله من الممكن القول بأنه بعد إنفصال الجنوب من الشمال في السودان، بإمكان اللغة ـ والمقصود هنا عربي جوبا ـ أن تمثل عنصرا وعاملا مهما للوحدة بين الإثنين)…
في معرض إجابتة علي هذا التساؤول توصل أستاذنا هجو إلي نتيجة مستقبلية ذات مغزي عميق بقوله: (…اللغة تملك مستقبلا زاهرا مذهلا…وستقاوم كل وسائل محاربتها وتعطيلها..).
وإستطرد د. هجو فيما يشبه النبوءة:( أعتقد أن الأبحاث التي يجب أن تنطلق والمبادرات الأكاديمية سيكون لها دور محوري…وهو مايمكن أن أسميه إصلاح ماأفسدته السياسة).
ونحن نقول نقول أن نبوءة هجو هذه ـ إن تحققت ـ سيكون عربي جوبا قد أدي دورا تاريخيا لم تتمكن من أداءه قوي المجتمع الأخرى…وأعادت لمجتمعينا في الجنوب وفي الشمال لحمة التجانس والتلاؤم التي إفتقدها زمنا وكان ثمنها سنوات من الحروب والدماء، وأدت إلي الإنفصال والتباعد.
كل الشكر والتقدير والود لدكتور هجو والأستاذ عاطف علي صالح والأستاذة حنان عبدالله علي إتاحتهم لنا هذه الفرصة النادرة للتعرف علي عربي جوبا ودوره الحالي والمستقبلي….وأنه في خضم صراعات بلادنا اللامتناهية يبرز عربي جوبا ليمثل بارقة أمل وضاء.
حسين إسماعيل أمين نابري
باريس في 31 أغسطس 2017

تعليق واحد

  1. الـمـلاحظ ان الجـنوبيون الذين يعـيشون فى الشمال يتـخـاطـبون بلغة عـربية اقـرب ان لم تكن مـتساوية للغة العـربية التى يتخاطب بها بـقـية السـودانيين وفى هـذا ما يوضح بأن الجنوبيون عـندهـم القابلية للتعـلم السريع للغة العربية بل ويتـفـوقون عـلى بعض القبائل الشمالية التى لديها لهجة خاصة بها ” رطانة ” . طبعا اللغة الأنجليزية هـى ما يمكن ان نطلق عـليها ” انجليزى الجنوب أو انجليزى جوبا ” وهى خاصة بالمتعـلمـين لأنها تدرس لهم فى المدارس وهم اقلية وطبعا النظام الجديد فى الجنوب بعد الأنفصال اتخذ اللغة الأنجليزية كلغة رسمية فى دوواين الحكومة ولا ادرى ما موقف اللغة العربية فى الدوواين الحكومية وايضا ما موقف تعليم اللغة العربية فى المدارس الجنوبية هل ما زال نفس الوضع عندما كان الجنوب جزء من دولة السودان ” قبل الأنفصال ” , اما السواد الأعظم من الشعوب الجنوبيون ” القبائل ” فلغتهم هى عـربى جوبا . واعـتـقـد بأن عـربى جوبا مشابه للغة السواحلية فى تنزانيا التى هى خليط بين اللهجة المحلية والعربى وهـى تكونت من الوجود العربى فى المنطقة التى كانت تحكمها سلطنة عـمان . لأسـتمرار عـربى جوبا فى التـفـرد بمـيزة لغة التخاطب فى الجنوب دون منافس له , يجب عـلى الشمال ان يتواصل مع الجنوب فى شتى المجالات والنشاطات الثقافية الخ … من النشاطات والفعاليات التى تدعـم رسوخ اللغة العربية وتطويرها .وطبعا اسهل وسيلة لتعلم اى لهجة أو لغة هى عـن طريق المسلسلات والأفلام التى لعـبت دورا مهما فى ذلك . ونـهـنى الدكتور/ هـجـو عـلى اهـتمامه باللغة العربية ” عـربى جوبا ” ونيله درجة الدكتوراة فى هـذا المجال وحتى تعـم الفائـدة الجـميع لا بـد من نـشـر اطـروحة الدكـتوراة فى شكل مقالات متوالية فى الصحف حتى تعـم الفائـدة الجـميع وهـذا هـو الهـدف الأساسى من رسالات الدكتوراة .

  2. شرا استاذ نابري ودز هجو والاستاذين عاطف وحنان ومن المؤكد ضرورة الاهتمام ب عربية جوبا خاصة بعد الانفصال لاسباب يضيق المجال عن ذكرها . قرأت للدكتور عشاري رسالته عن اللغة العربية في الجنوب وأظنها رسالته للدكتوراة من احدى الجامعات الامريكية وقرأت لآخرين لكني لم أجد وصفا لخواص عربية جوبا من جهة الأصوات وبنية الجملة وطريقة إبراز المعاني ومدى الأثر ثقافيا ومجتمعيا ثم ما مستقبل عربية جوبا بعد هذا الواقع الذي جرى ..مجددا أحيي الاساتذة الكرام

  3. الـمـلاحظ ان الجـنوبيون الذين يعـيشون فى الشمال يتـخـاطـبون بلغة عـربية اقـرب ان لم تكن مـتساوية للغة العـربية التى يتخاطب بها بـقـية السـودانيين وفى هـذا ما يوضح بأن الجنوبيون عـندهـم القابلية للتعـلم السريع للغة العربية بل ويتـفـوقون عـلى بعض القبائل الشمالية التى لديها لهجة خاصة بها ” رطانة ” . طبعا اللغة الأنجليزية هـى ما يمكن ان نطلق عـليها ” انجليزى الجنوب أو انجليزى جوبا ” وهى خاصة بالمتعـلمـين لأنها تدرس لهم فى المدارس وهم اقلية وطبعا النظام الجديد فى الجنوب بعد الأنفصال اتخذ اللغة الأنجليزية كلغة رسمية فى دوواين الحكومة ولا ادرى ما موقف اللغة العربية فى الدوواين الحكومية وايضا ما موقف تعليم اللغة العربية فى المدارس الجنوبية هل ما زال نفس الوضع عندما كان الجنوب جزء من دولة السودان ” قبل الأنفصال ” , اما السواد الأعظم من الشعوب الجنوبيون ” القبائل ” فلغتهم هى عـربى جوبا . واعـتـقـد بأن عـربى جوبا مشابه للغة السواحلية فى تنزانيا التى هى خليط بين اللهجة المحلية والعربى وهـى تكونت من الوجود العربى فى المنطقة التى كانت تحكمها سلطنة عـمان . لأسـتمرار عـربى جوبا فى التـفـرد بمـيزة لغة التخاطب فى الجنوب دون منافس له , يجب عـلى الشمال ان يتواصل مع الجنوب فى شتى المجالات والنشاطات الثقافية الخ … من النشاطات والفعاليات التى تدعـم رسوخ اللغة العربية وتطويرها .وطبعا اسهل وسيلة لتعلم اى لهجة أو لغة هى عـن طريق المسلسلات والأفلام التى لعـبت دورا مهما فى ذلك . ونـهـنى الدكتور/ هـجـو عـلى اهـتمامه باللغة العربية ” عـربى جوبا ” ونيله درجة الدكتوراة فى هـذا المجال وحتى تعـم الفائـدة الجـميع لا بـد من نـشـر اطـروحة الدكـتوراة فى شكل مقالات متوالية فى الصحف حتى تعـم الفائـدة الجـميع وهـذا هـو الهـدف الأساسى من رسالات الدكتوراة .

  4. شرا استاذ نابري ودز هجو والاستاذين عاطف وحنان ومن المؤكد ضرورة الاهتمام ب عربية جوبا خاصة بعد الانفصال لاسباب يضيق المجال عن ذكرها . قرأت للدكتور عشاري رسالته عن اللغة العربية في الجنوب وأظنها رسالته للدكتوراة من احدى الجامعات الامريكية وقرأت لآخرين لكني لم أجد وصفا لخواص عربية جوبا من جهة الأصوات وبنية الجملة وطريقة إبراز المعاني ومدى الأثر ثقافيا ومجتمعيا ثم ما مستقبل عربية جوبا بعد هذا الواقع الذي جرى ..مجددا أحيي الاساتذة الكرام

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..