
تناولنا في دراسات سابقة فشل تجارب الفترات الانتقالية والديمقراطيات الأربع التي جاءت بعد استقلال السودان عام 1956 ، وبعد ثورة أكتوبر 1964، وبعد انتفاضة أبريل 1985 ، وبعد اتفاقية نيفاشا 2005 التي أدت لكارثة فصل الجنوب ،وتقويض تلك الديمقراطيات بسبب الفشل في حل مشاكل : السلام ،الديمقراطية والدستور الدائم، الأوضاع المعيشية والاقتصادية ،والسيادة الوطنية، مما أدخل البلاد في الحلقة الشريرة ( ديمقراطية – انقلاب – ديمقراطية . الخ) من انقلابات عسكرية أخذت 52 عاما من عمر الاستقلال البالغ 64 عاما، نتيجة لأخطاء الأحزاب التي حكمت مؤتلفة ومنفردة وتدخل خارجي ليس في مصلحته بناء سودان ديمقراطي موحد ومستقر ، صادرت تلك الانقلابات الحقوق والحريات الأساسية باسم الاستقرار أو الدين الاسلامي و دمرت االبلاد ونهب ثرواتها ومواردها ،وعمقت الحروب والكراهية وزادت من رقعتها تحت ظل حكم الإسلامويين لتمتد لدارفور وجبال النوبا وجنوب النيل الأزرق والشرق ، مما أدي لفصل جنوب السودان
الآن تدخل البلاد بعد ثورة ديسمبر 2018 فترة ديمقراطية رابعة، وهي تواجه المشاكل نفسها المتراكمة منذ الاستقلال وعمقّها بشكل كبير انقلاب الإسلامويين الذي أطاحت به الثورة، مما يتطلب التوافق لحلها جذريا، حتى لا تتعرض البلاد للمزيد من التمزق بعد انقصال الجنوب مع اشتداد حدة التدخل الخارجي في شؤون البلاد الداخلية.فما هي التحديات التي تواجه الحكومة الانتقالية؟.
بمتابعة المسار العام لحكومة الفترة الانتقالية بعد أكثر من ستة أشهر لتكوينها، ورغم المصفوفة الأخيرة لمتابعة التنفيذ والأداء ، لاحظنا أن أداء الحكومة اتسم با الأتي :
– اليطء في تفكيك التمكين واستعادة أموال وممتلكات الشعب المنهوبة، رغم الجهد الذي بذلته لجنة إزالة التمكين، والتي استردت جزءا من جبل الجليد من الأراضي وممتلكات وشركات القطاع العام المنهوبة.
– تأخير القصاص لشهداء مجزرة فض الاعتصام ومتابعة المفقودين ، اضافة لمحاكمات رموز النظام البائد الذين ارتكبوا جرائم حرب وضد الانسانية وتسليم البشير ومن معه للجنايات الدولية ، بطء نتائج لجان التحقيق الكثيرة التي تمّ تكوينها في مجازر ( الأبيض، السوكي، 8 رمضان،. الخ)، والبطء في ارجاع المفصولين من المدنيين والعسكريين.
– عدم تكوين المفوضيات والمجلس التشريعي وتعيين الولاة المدنيين بعد أكثر من 6 شهور علي تكوين الحكومة، وتجاوز الوثيقة الدستورية بتأجيل تكوين المجلس التشريعي وتعيين الولاة المدنيين في الاتفاق مع الجبهة الثورية التي هي جزء من “نداء السودان”، اضافة للخلل في المحاصصات الحزبية في ترشيحات الولاة من ق.ح.ت ، وتجاهل تمثيل التساء وبعض المناطق في الترشيحات، اضافة للتدخل الخارجي في شأن داخلي يقرره السودانيون في تكوين التشريعي بطلب دول الترويكا ودول أوربية حجز ثلث التشريعي لحركات الكفاح المسلح ( الراكوبة 27 /4/2020).
– البطء في إلغاء القوانين المقيدة للحريات وأهمها قانون النقابات لعام 2010 ( قانون المنشأة)، وسن قانون ديمقراطي للفئة يؤكد ديمقراطية واستقلالية الحركة النقابية، وإلغاء القوانين المقيدة للحريات، والقانون الجنائي لعام 1991 ، والرجوع لقوانين 1974 مع أخذ المستجدات في الاعتبار.
– إعادة هيكلة الشرطة وجهاز الأمن ليصبح لجمع المعلومات ويخضع لسيادة حكم القانون وأن يكون التقديم له علنيا وفق المهنية وقوانين الخدمة النظامية، وتحقيق قومية ومهنية الخدمة المدنية والنظامية ، وحل كل المليشيات وفق الترتيبات الأمنية.
– ضرورة تعديل “الوثيقة الدستورية ” لتصبح مسؤولية الأمن وتعيين وزيري الدفاع والداخلية من مهام مجلس الوزراء.
– اصلاح الخلل في منهج السلام في جوبا القائم علي المحاصصات والمسارات والتدخل الخارجي الضار بوحدة السودان، بديلا للحل الشامل والعادل الذي يخاطب جذور المشكلة.
– تدهور الأوضاع الاقتصادية والمعيشية من شأنه أن يطيح بالفترة الانتقالية، فلا بد من لجم ارتفاع الأسعار والتدهور المستمر في قيمة الجنية السوداني، ورفض خط وزير المالية د. إبراهيم البدوى لفرض شروط صندوق النقد الدولي برفع الدعم عن الوقود والسلع وتخفيض الجنية السوداني، والتحرير الاقتصادي، والخصخصة وتشريد العاملين .الخ، تلك السياسة التي جربناها متذ العام 1978 ودمرت الاقتصاد وعمقّت الفقر وأدت للاطاحة بنظام النميري والبشير.
– ضرورة تركيز الأسعار مع زيادة الأجور، وتوفير الاحتياجات والخدمات الأساسية: الصحة ، التعليم، المياه والكهرباء، الخدمات البيطرية، صحة البيئة ،التنمية المتوازنة بين الأقاليم.
– دعم الإنتاج الزراعي والصناعي والخدمي وتأهيل قطاعات النقل ( السكة الحديد، النهري ، الجوي، البحري)، وتوفير العمل للعاطلين ، ودعم الصادر لتقوية الجنية السوداني.
– سيطرة الدولة علي ثروات الذهب والبترول وشركات الصمغ والقطن والحبوب الزيتية ، بقيام شركات تتحكم في التجارة الخارجية من صادر ووارد، وعودة العائدات من العملة الصعبة لبنك السودان، وتقوية القطاع العام والتعاوني والمختلط ، والخاص المنتج ، ووقف سوق العملات الأجنبية وتحكم الدولة في تحديد قيمتها.
– ولاية المالية علي شركات القوات النظامية واستعادة كل أموال وممتلكات الشعب المنهوبة.
تاج السر عثمان
[email protected]
طيب نمسكها واحده واحدة ، ونبدأ من مؤتمر المائدة المستديرة من كان خلف فشلها والتي كانت من المفترض أن تأسس لحكم فدرالي مستقر في السودان وفقا لمقدم الفكرة رئيس حزب سانو وليم دينق وذلك في عام 1965 بعد ثورة اكتوبر، وقد تم افشال المؤتمر عن طريق الصادق المهدي وحسن الترابي.
بعد الانتهاء من مؤتمر المائدة المستديرة بدأ حزب الامة وجبهة الميثاق الاسلامي وساعدهم بالصمت الحزب الاتحادي على انهاء الفترة الانتقالية بعد التأمر عليها ومحاربتها وشيطنتها وكان لهم ما ارادو وتم حل الحكومة وإجراء انتخابات مبكرة.
وبعد ثورة ابريل 1985 طالبت عدة احزاب ونقابات ومنظمات باطالة الفترة لمدة ثلاثة سنوات حتى تستطيع الحكومة الانتقالية انهاء مشكلة الحرب في الجنوب بقيادة الجبهة الشعبية (جون قرنق) ، ووضع اسس للاقتصاد والسياسة واختيار طريقة الحكم والعلاقة بين الشمال والجنوب، اتحادية ام فدرالية او كومفدرالية وكالعادة رفض حزب الامة (الصادق المهدي)، طبعا بمساندة الجبهة القومية الاسلامية بالرغم من انهم كانو مسيطرين على الحكومة الانتقالية ومعظمهم كانوا اسلاميين وحزب امة (المشير سوار الدهب) (والجزولي دفع الله) وتم له ما اراد وتم تقليص الفترة الانتقالية لمدة سنة واحدة واستمرة حرب الجنوب مستمرة.
والان الصادق المهدي يطالب بانتخابات مبكرة ، وهل يلدغ شعب عاقل من جحرا مرتين.
الأستاذ تاج، وددت لو ذكرت الأسباب خلف كل واحدة من نقاط الخلل التي ذكرتها في مقالك وطريقة معالجة ذلك معالجة موضوعية تأخذ في الاعتبار الواقع علي الأرض المتمثل في ان الدعم السريع اصبح واقعا لا مفر منه، والتعامل مع الخارج وخاصة الإمارات أيضا لا بد منه خاصة وان الوضع يحتاج الي مساعدات خارجية، كذلك تعقيدات وضعية الأجهزة الأمنية والجيش الذي اصبح يمتلك الشركات وأصبح كبار الجنرالات من أثرياء المجتمع ولن يفرطوا في ذلك بسهولة .
كل واحدة من نقاط الخلل آلتي وردت في المقال تقف خلفها عدة أسباب ، يجب مناقشة هذه الأسباب بصورة مستفيضة للخروج بحلول عملية. ذكر الإخفاقات والتنويه لها فقط دون دراسة اسبابها بعمق وطرح المعالجات يجعل جميع الكيانات السياسية شريكًا في الفشل .