مقالات سياسية

تعقيب على مقال التعليم بين ضرورة الإصلاح وشخصية القراي

بدر موسى

تعقيب على مقال: (التعليم بين ضرورة الإصلاح وشخصية القراي ..) لكاتبه أ. د. محمد عبد الرحمن الشيخ

كتب أ. د. محمد عبد الرحمن الشيخ مقالا عجيبا ومحيرا تحت عنوان: (التعليم بين ضرورة الإصلاح وشخصية القراي ..) نشر بصحيفة سودانايل الالكترونية بتاريخ: ١٧ مايو ٢٠٢٠، قال في أوله:

(… لا أعرف القراي، مدير المناهج، في شخصه، ولم اتشرف يوما بلقائه وإن كنت قد تحادثت معه من تلفون أحد الأصدقاء المعاصرين له في أمريكا في الأسبوع الأول من تعيينه مديرا للمناهج مشجعا له ومؤازرا ومبديا استعدادي للتعاون معه إنطلاقا من إيماني بأن إصلاح التعليم أهم لبنات بناء الأمة. إذ كنت قبل ذلك بسنتين قد أعددت دراسة أبين فيها ما أصاب التعليم في السودان من خلل مؤكدا على أهمية الاصلاح. لم يكن همي، وقتذاك انطلاقاته الفكرية والتي إن كنت أحترمها فليس بالمؤمنين بها. فمع احترامي لجهود أستاذه المرحوم محمود محمد طه وفكره فإنني حتي الآن لم أستطع أن أبتلع فكرة الرسالة الثانية لقناعتي بأن لكل نبي رسالة واحدة وإن أختلفت معطيات الزمان والمكان.)!

وسبب حيرتي وتعجبي يبين من هذه الفقرة التي استهل بها الكاتب مقاله. فهو يحرص بصورة واضحة على تثبيت اعتباره الأدبي لوضع ألقابه العلمية (أ. د.) سابقة لإسمه، وهي التي تعني أنه (أستاذ (بروفيسور) ودكتور) ويستكثر على الدكتور عمر القراي لقبه العلمي، ويذكر إسمه مجردا، فيكشف بذلك عن حجم احترامه وتقديره للدرجات العلمية والمكانة الأدبية التي يحرص عليها، وما علم أن احترامه وتقديره لنفسه يبدأ باحترامه للآخرين وحفظ مقاماتهم!

ثم إن بالمقال العديد من الأخطاء الإملائية التي لا نقبلها من تلاميذ المدارس الأولية، والتي جعلتني أشك حقيقة في مؤهلات كاتبه، مثل (فليس بالمؤمنين بها) ويقصد (فلست من المؤمنين بها)، وقوله: (تعرفت على بعضا منهم)، بدلا عن قوله: (تعرفت على بعض منهم)، وكأنه لم يسمع بحروف الجر! وكذلك قوله: (فكان أن أنبري)، وهو يقصد (انبرت)، وقوله في عنوان ورقته: (رؤي نحو اصلاح التعليم)، وهو يقصد (رؤية نحو اصلاح التعليم)! وغير ذلك من الأخطاء اللغوية العديدة والواضحة في مقاله، والتي جعلتني أتعجب وأتساءل: هل هذا شخص مؤهل حقيقة لأن يعلم الآخرين؟! وهل هو مؤهل لأن يكتب ورقة علمية تهدف لإصلاح التعليم؟! أليس الأولى والأهم له هو أن يبدأ بتعليم نفسه أوليات الكتابة باللغة العربية؟!
ثم هو يقول:
(… ولقد عرفت الجمهورين أول ما عرفت وأنا طالب في الثانوي حينما جاء إلى مدينتنا الرهد في أواخر الستينات الأستاذ محمود محمد طه ليلقي محاضرة في النادي الثقافي إنتهت بصخب لتركيز الحضور في أسئلتهم على أدعائه بأن الصلاة قد رفعت عنه ..)

فهل هذا نقل أمين لما سمعه من الأستاذ محمود في تلك المحاضرة التي أشار إليها؟! هل قال الأستاذ محمود أن الصلاة قد رفعت عنه؟! وهل استقصى وبحث (أ. د.) محمد عبد الرحمن الشيخ عن حقيقة ما قال الأستاذ محمود عن الصلاة، كما تقتضيه الأمانة العلمية، وقبل ذلك، ما تقتضيه المسئولية الدينية، ليعرف ويستوثق مما قاله الأستاذ محمود، حتى يتبين، ويبين لغيره، ولا يصيب الآخرين بجهالة، فيصبح من النادمين، كما أمرنا الله في كتابه الكريم: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ)؟!

إن مما قاله الأستاذ محمود محمد طه، هو أن الصلاة قد صارت “جثة بلا روح”… ماتت!! ولذلك دعا المسلمين إلى أن يصلوا من جديد، وإلى أن يبعثوا الروح في صلاتهم…
وقال الأستاذ محمود محمد طه تحت عنوان “الصلاة ماتت!” من كتابه “تعلموا كيف تصلون”:
(… إن الصلاة ميتة اليوم.. هي، كما يؤديها الناس، اليوم، جثة بلا روح.. والدعوة التي يقوم بها الجمهوريون، اليوم، ويلقون في سبيلها ما يلقون، إنما هي من أجل بعث الصلاة.. من أجل بعث: (لا إله إلا الله)، لتكون دافئة، حية، خلاقة، في قلوب الرجال، والنساء، كعهدنا بها حين خرجت من منجمها، وانطلقت، في شعاب مكة، في مستهل القرن السابع الميلادي.. ولن تعود الصلاة حية إلا إذا دخل فيها الفكر، فجددها.. وإنما بدخول الفكر على العبادة يكون بعث (السنة).. وذلك ما عناه المعصوم حين قال: (الذين يحيون سنتي بعد اندثارها ..).

ثم يقول (أ. د.) محمد:
(… جاءنا الدكتور عبدالله زائرا بكلية القانون فكان أن استضافته الجامعة لتقديم محاضرة فآثر أن تكون عن المرأة في الإسلام. في محاضرته تلك حاول النعيم، وهو يخاطب جمعا غالبه غير مسلم، أن يثبت بأن الإسلام يضطهد المرأة ويهضم حقوقها وما إلى ذلك…)!

والبروفسور عبد الله النعيم جمهوري معروف ومشهور، ليس فقط على نطاق السودان، بل في أركان الدنيا الأربعة، والجمهوريون لا يقولون مطلقا بأن الإسلام قد ظلم المرأة بل يقولون:
(… لما كانت الشريعة الإسلامية الأولى قانون وصاية فإنه ليست هنالك نهضة ترتجى إلا بتطوير التشريع الاسلامي.. ومن العبث، بل من الجهل، أن تظل الحركة النسائية في بلادنا تطالب بحقوقها تحت ظل هذه الشريعة السلفية ..).
وقالوا تحت عنوان:

(حقوق المرأة في شريعة الاسلام المطوّرة):
(… شريعة الإسلام المطورة هي أصل الدين.. ومتعلقها الآيات المكية.. منها تنبعث، وعليها تعتمد.. وهذه الآيات المكية إنما هي آيات حرية، وآيات مساواة: (فذكر !! إنما أنت مذكر * لست عليهم بمسيطر) .. أو (كل نفس بما كسبت رهينة) .. في هذه الشريعة تسقط وصاية الرجال على النساء .. وتجئ المساواة بين الرجال والنساء.. فيدخل الرجل والمرأة في العلاقة الزوجية بمطلق إختيارهما.. فهي إذن علاقة بين شريكين متكافئين، ومتساويين، في الحقوق والواجبات.. ليس هنالك وصاية على أيهما فيه، إلاّ وصاية يفرضها، على كليهما، القانون الدستوري.. والقانون الدستوري هو القانون الذي يوفق، حين يطبق، في كل جزئية من جزئياته، بين حاجة الفرد للحرية، وحاجة الجماعة للعدالة.. وفي هذا الزواج ليس هناك ولي، لأن المرأة مسئولة مسئولية تامة ..).

ويقول أ. د. محمد:
(… إن الإصلاح التعليمي الذي يحتاجه شعب السودان ،أيها القراي، هو الذي يعمل على تخليصه من علله تلك دون أن يقدح في دينه وعقيدته. لكن الشفاء لا بد أن يكون على يد مصلحين متجردين لا تحركهم الأيدلوجيات وتتنازعهم الأهواء ، أقدامهم راسخة في فهم عقيدة الأمة وأخلاقها وثقافتها وتنوعها الديني والأثني والثقافي ، عقولهم منفتحة وأفهامهم متسعة ذوي ثقافة فكرية وإنسانية عالية ومتنوعة متجردين من كل هوي شخصي وأيدلوجي وقبلي وطائفي وحزبي ومذهبي. إخلاصهم للسودان ورفعته لا غير….)!

فهل قال الدكتور القراي أنه يريد أن يستبعد الإسلام والقيم الدينية والأخلاقية ويستثني المناهج منها؟! أين الأمانة العلمية والورع الديني الذي يقتضي إنصاف من نختلف معهم، ويلزمنا أن نقول الحق ولو على أنفسنا؟
جاء في صحيفة الراكوبة الالكترونية:

(… قال مدير المركز القومي للمناهج د. عمر القراي، ان النظام البائد تعمد تدمير المجتمع السوداني بوضع مناهج تفتقر لكثير من المعلومات.
وأكد القراي، في مؤتمر التعليم، بقاعة الصداقة بالخرطوم، السبت, المضي في تغيير المناهج رغم الجدل الكثيف واللغط بشأن إستبعاد الدين من المنهج.
(.. وجزم بأن الدين باقٍ بالمناهج، ولن يتم إخراجه، وأضاف: ” لا نريد إخراج الدين من المنهج بل جعل المقررات المدرسية أكثر لطفاً ”.
(.. ونبه إلى العمل على التعليم المدني في المرحلة الإبتدائية، واستخدام النهج التفاعلي والاعتماد على الأنشطة الصفية بالفصل وخارجه…)!
هذا ما قاله الدكتور القراي وأعلنه على الناس مرارا وتكرارا، وكل هذه المحاولات للتشكيك في سعيه سترتد على كاتبيها ومروجيها، ولن تكسبهم إلا الحسرة والخزي، وليت قومي يعلمون!

بدر موسى
[email protected]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..