
منذ أكثر من عام يمر السودان بظروف لا يحسد عليها بسبب الأعراض الجانبية لسقوط النظام المخلوع ،واصبح الأمر أكثر سوء هذه الايام بعد انتشار جائحة كورونا فصارت المصيبة مصائب ، خاصة وان النظام المخلوع لم يترك أساس لأية شيء يمكن للحكومة الانتقالية أن تبني عليه ، لا نظام صحي ولا مال ولا أحزاب سياسية نزيهة تساعد وتدعم ولا حتى شعب متعاون ،هذا بالإضافة إلى الثورة المضادة التي يقوم بها كوادر النظام المخلوع عديمي الرحمة والإنسانية، وهي ورطة كبيرة نسأل الله أن يخرج منها السودان بالسلامة.
جميع القوى السياسية والمدنية الفاعلة الآن، ارتضت قوى الحرية والتغيير كيان يجمعها، وأغلبها التحق بالثورة بعدما تبين أنها منتصرة ، وهي من شاركت في تشكيل الحكومة الانتقالية برضاء تام ،وساهمت في اختيار الوزراء وكل حزب تم تمثيله ،وعليه يجب ان يلتزم الجميع بدعمها مهما اختلفت وجهات النظر حتى يحين موعد الانتخابات ، وليس من العدل أن يهرب كل بنفسه لمجرد أنه شعر بالعجز في أن يكون فاعل ، ومن لديه قاعدة لا يحتاج إلى أن يضعف الآخرين ويصنع له تحالافات مبكرة مع كيانات هي نفسها لم تكن أمينة مع الشعب.
حقيقية الوقت غير مناسب لأية خلافات سياسية من شأنها ان تفكك قوي الحرية والتغير ،و غير مناسب تماما للدعوة لانتخابات مبكرة، بل يجب أن تنجح الفترة الانتقالية فهي الأساس الذي يضمن قيام انتخابات نزيهة فعلا ،اما الانتخابات المبكرة ستكون غير شريفة ومزورة عن طريق (خم) المواطنين وهناك أحزاب لديها فرصةكبيرة (للخم ) لأن أغلب هذا الشعب مغيب العقل ، وفي الحقيقية كل الحكومات الديمقراطية التي مرت على السودان احزابها فازت (بالخم )، ولذلك هي تريد استعجال الانتخابات حتى لا تفقد الجزء المغيب من الشعب من خلال عمليات التوعية والتنوير التي ستتم أثناء الفترة الانتقالية.
الانتخابات المبكرة ستعيد لنا نسخة الديمقراطية التي غوضتها الحركة الإسلامية، وإن حدثت سنكون قد وفرنا لها المناخ المناسب لتعود مرة أخرى ، وهذا ما لن ترضاه أجيال الثورة الشابة التي اقتلعت النظام المخلوع الذي تعايشت معه نفس هذه الأحزاب وفشلت في تهز شعرة من رأسه، حتى ولدت هذه الاجيال وكبرت وقامت بالتغيير ، نعم من أسقطوا النظام المخلوع لم يعاصروا ديمقراطية ..
ثار الشعب السوداني ضد النظام المخلوع واقتلعه لينعم بسودان جديد و بحياة سياسية جيدة مبنية على اساس سليم وليس على الخداع ، ولن يترك رغبته تصدم برغبات أحزاب فاشلة لا يمكنها بناء دولة مزدهرة ،والثورة لم تنتهي بعد فهي ليس هدفها إسقاط النظام المخلوع فقط بل ومنع الأحزاب الفاشلة من أن تأتي إلى السلطة وهي لا تملك من البرامج غير الابتزاز العاطفي لشعب أكثر من نصف قرن مغيب ومجهل، لذلك لا بديل الفترة الانتقالية.
من حق أي حزب أن يحلم بحكم السودان عبر انتخابات حرة ونزيهة، ولكن بعد تهيئة المناخ حتى ولو تطلب الأمر زيادة الفترة الانتقالية.
اسماء محمد جمعة
[email protected]
ينصر دينك يا أستاذة فقد لمحنا إلى لزوم هذا منذ أن طالبنا بديمقراطية بلا أحزاب رغم كره الأحزاب لقولنا هذا ورد مفكروهم بمسلمة جوفاء وهي أن لا ديمقراطية بلا أحزب وكان هذا مبلغ علمهم – وقلنا لهم إن الفترة الانتقالية ستؤسس لحكم مدني مستمر لا تعاقب ولا تداول فيه لانتفاء مبرر التداول للسلطة ببساطة لأنها لن تكون أبداً في أيادي سلطة سياسية أو حزبية معينة حتى يلزم انتقالها لغيرها، كما شككنا في ضرورة وجود سلطة سياسية لأي كيان حزبي في مؤسسات الدولة وسلطاتها الثلاث التنفيذية والتشريعية والقضائية بالذات. أما التشريعية فقد تعتبر سياسية لوظيفتها الرقابية أكثر من التشريعية. فالبنسبة للرقابة فسوف تمثل عضويتها كافة التقسيمات الادارية على أساس جغرافي بالاضافة إلى التمثيل الفئوي والمهني ليس على أساس الدعاية والانتماءات الحزبية وإنما بناء المؤهلات والمعطيات الشخصية ويلغى أي ترشيح أو انتخاب على أساس حزبي.
أما من ناحية التشريع فتقوم به ذات العضوية الرقابية المشار إليها حيث ترتبط التشريعات بمصالح هذه العضويات الفئوية والمهنية والسكانية للمناطق الجغرافية المختلفة هذا طبعاً إلى جانب وجود المفوضيات والمستشاريات المختلفة الموضوعية منها والفنية التي تعين المجلس التشريعي في تجويد وإحكام أعماله.
نواصل…..