مقالات سياسية

استنكار واسع في السودان لقرار المحكمة الامريكية العليا فرض غرامة اربعة مليار دولار

محمد فضل علي

في الانباء ان المحكمة العليا الأميركية بإجماع غالبية قضاتها قررت الاثنين ان يدفع السودان ما يصل إلى 4.3 مليارات دولار كتعويضات عقابية يتوجب دفعها لضحايا الهجمات الإرهابية التي استهدفت سفارتي الولايات المتحدة في كينيا وتانزانيا في صيف عام 1998.

واستندت المحكمة الامريكية في حيثيات قرارها علي أن ” زعيم منظمة القاعدة اسامة بن لادن بن لادن قد حصل على دعم وحماية المخابرات والجيش السودانيين .

” وقالت المحكمة ايضا ان السودان قد زود بن لادن بمئات من جوازات السفر السودانية وسمحت المخابرات السودانية لاعضاء منظمة القاعدة “بالسفر عبر الحدود السودانية الكينية من دون أي قيود”
كل ما اورده قضاة المحكمة الامريكية العليا في هذا الصدد صحيح بنسبة مية بالمائة ولاخلاف عليه.

ولكن ماعلاقة الحكومة السودانية الراهنة المفوضة من اغلبية الشعب السوداني لادارة البلاد بعد انتصار الثورة الشعبية التي اسقطت وازاحت نفس النظام واجهزة امنه ومخابراته الذين هم موضوع الاتهام الامريكي في هذه القضية.

وماعلاقة الحكومة السودانية وكل شعب السودان بكل ذلك وكيف يكون التفاوض في ذلك وعلي اي اساس وكيف تكون التسويات المالية امرا قانونيا او حتي اخلاقيا عندما تتم مطالبة شعب وبلد ورث خزائن فارغة من نفس النظام الذي قام بتسهيل تلك الهجمات ومطالبته بتسديد مثل هذا المبلغ الخرافي ومنذ متي كانت القوانين تطبق باثر رجعي علي اناس ليست لديهم اي علاقة بالحوداث موضوع الاتهام.

المفاجاة الكبري ليست في القرارات الجزافية لقضاة المحكمة العليا الامريكية بقدرما ماتمثلت في تصريحات لمساعد وزير الخارجية الامريكية للشؤون الافريقية والتي اعلن فيها التوصل إلى تفاهم مع السودان ويعني بذلك حكومة عبد الله حمدوك بشأن معالم اتفاقية المطالبات الثنائية المستقبلية المتعلقة بضحايا تفجيرات السفارتين الأميركيتين في كينيا وتنزانيا عام 1998.
واضاف المسؤول الامريكي قائلا في هذا الصدد :

أن “الاتفاق النهائي سيعكس موافقة السودان على الدفع وسيشمل دفع تعويضات لأهالي الضحايا غير الأميركيين الذين قتلوا وأصيبوا بجروح في تفجيرات السفارة الأميركية”

ولكن من اين وكيف ستقوم حكومة الخرطوم بتسديد حتي ربع المبلغ المطلوب وفي حالة صحة الخبر وقيام الحكومة الانتقالية السودانية بتسديد اي مبلغ في هذه القضية فستوقع نفسها في حرج كبير ومواجهة كبري مع الشارع واتجاهات الرأي العام السودانية.

ولكن عن اي عدالة تتحدث السلطات الامريكية وهل كانوا يجهلون ان اغلبية الشعب السوداني قد كانت تذبح من الوريد الي الوريد وتتعرض الي القمع والتعذيب والابادة والتجويع في بلد تعيش اغلبية شعبه تحت خط الفقر في نفس تاريخ ارتكاب تلك الهجمات فكيف تقوم الولايات المتحدة بالمساواة بين القاتل والضحية وبين شعب السودان ونظام الحركة الاسلامية وبعض المنظمات الراديكالية الاجنبية المتحالفة معه.

نعم لقد منحوا الارهابيين الاجانب جوزات السفر والهويات والاقامة في الاراضي السودانية ولكن بعد ان نزعوها من اغلبية النخب الفكرية والسياسية والاعلامية ورجال الصحافة والقضاء والمحامين ورجال الاعلام وضباط الامن والجيش السودانيين الذين اجبروا علي مغادرة البلاد في عمل مدبر ومتعمد وبكمية ضخمة وبطريقة لم تشهدها البلاد من قبل في مختلف العهود السياسية السابقة في السودان.

عمت الشارع السوداني موجة من الاستنكار والدهشة لقرار القضاء الامريكي في هذا الصدد ولايتوقع الناس من حكومة حمدوك السودانية الاستسلام لهذا النوع من العدالة الجزافية الطائشة والظالمة والفشل القانوني والاخلاقي في تحديد المسؤوليات وعدم التمييز بين القاتل والضحية.

ردود فعل حكومة الخرطوم حتي هذه اللحظة اشبة بتاجيل الكارثة وكان من المفترض ان تتشاور حول امكانية احالة موضوع التعويضات المذكورة الي التحكيم الدولي وان تطالب بنقض حكم المحكمة الامريكية العليا واسقاط هذه الغرامات الخرافية والجزافية.

الشارع السوداني لن يقبل المزيد من التنازلات او الخضوع للجبايات الامريكية ونتمني ان تتخذ حكومة الخرطوم القرارات التي تتسق مع ماعلية اتجاهات الرأي العام السوداني وان تتخلي عن حالة الضعف في مواجهة هذه القضية والتوجه بالنصح الي الامريكان بالرجوع الي اصدقاء الامس في النظام السوداني وكبار الارهابيين الذين كانوا ينسقون معهم في ملفات الحرب علي الارهاب حتي تاريخ قريب قبل سقوط نظام البشير وان تقاضيهم امام القضاء السوداني او الدولي وان تجبرهم علي دفع هذا التعويضات من اموالهم التي يمكن للامريكان الوصول اليها وتحديد مكانها بدلا عن ملاحقة شعب السودان ومطالبته بتسديد هذه التعويضات المالية بهذه الطريقة المعيبة.

محمد فضل علي .. كندا
[email protected]

‫3 تعليقات

  1. اربع مليار بسط لنوا موسى هلال عندوا اكثر من اربع مليار في الامارات ودبي يعني نشيلها ونسدد ماعلينا.قروش موسي هلال وحميدتي كفيلا لي السداد المبلغ

  2. الأميركان كان اهتمامهم فى البدء بادانة الحكومة اكثر من اهتمامهم بالتعويضات لأنهم عن طريق هذا الأتهام الذى كانوا يعرفون سلفا ان السودان دولة مفلسة وثانيا : ليحققوا انفصال الجنوب وقد كان لهم ما خططوا له وثانيا : حكموا على البنوك الأوروبية بأكثر من 8 مليارات دولار لتعاملهم مع هذه الدول التى وردت فى القائمة ومن ضمنها السودان. اميركا كسبت مرتين عن طريق هذا الأتهام , فى المرة الأولى تملصت من الأيفاء بشروط انفصال الجنوب والثانية استغلته فى ان يكون ورقة ضغط على الحكومة لكى لا تتحرك وتطالب بحقوقها الناتجة من اتفاقية فصل الجنوب . الآن توجد حكومة خالية من هذه الضغوط والأتهامات وعليها ان تطالب اميركا والترويكا الأوروبية بالأيفاء بما عليهم حسب الأتفاقية والا سوف يكون السودان فى حل من تنفيذ الأتفاقية وبهذا الأمر سوف يعمل الشمال الى عودة الجنوب بسبب فشل الطرف الآخر فى تنفيذ الشروط الوجبة عليه حسب الأتفاقية . السياسة كر وفـر ويوم ليك ويوم عليك . الأن الكرة فى الملعب مرة اخرى ويمكن للحكومة السودانية ان تعيد عقارب الساعة الى الوراء مرة اخرى باثارة اتفاقية الجنوب وان تطالب بكل ما نصت عليه الأتفاقية .

  3. نعم الاخ الكريم كل ما اوردته في هذا الصدد سليم … النظام العالمي الجديد اشبه بصالة قمار السادة الامريكان يتعاملون مع العلاقات الدولية مثل اي مراهق مندفع يتعامل مع العاب الفيديو والكومبيوتر… وعلي ذكر الجنوب فهو اليوم عبارة عن مقبرة كبري والكل يخادع في نفسه ويتجاهل هذه الحقيقة من النخبة السودانية الشمالية التي خضعت للضغوط والابتزاز الامريكي منذ ان كان تقسيم البلاد في المهد بتمرير مطلب الانفصاليين الجنوبيين والغرب والامريكان والقبول بتقرير المصير ثم الانفصال ..

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..