السباق نحو “لقاح كورونا”.. خبير يجيب على 5 أسئلة مهمة

تتسارع الجهود العالمية لإيجاد لقاح فعال للقضاء على فيروس كورونا المستجد، فيما تلوح في الأفق عدد من التجارب الناجحة التي تبشر بقرب التوصل إلى اللقاح المنتظر، لكن هذه العملية “المتسارعة” تثير عددا من الأسئلة الأساسية.
وأعلن عدد من شركات اللقاحات والأدوية الكبرى حول العالم عن تطوير أكثر من 100 لقاح يجري تجربة بعضها سريريا في الوقت الحالي، ومن بينها شركات مثل مودرنا الأميركية وأسترازينيكا البريطانية، اللتان تتقدمان السباق العالمي في إنتاج اللقاح، حيث من المتوقع أن يخرج إنتاجهما للنور في الفترة ما بين يوليو وسبتمبر، إذا مضت التجارب بشكل إيجابي.
وبالإضافة إلى ذلك، يعمل معهد باستور الفرنسي على 3 مشروعات لتطوير لقاح ضد وباء كوفيد-19، ترتكز النسخة الأكثر تقدما منها على لقاح معدل ضد الحصبة، يتوقع أن تظهر أولى نتائجه في أكتوبر المقبل.
وفي روسيا، يعكف مركز “غامالي” للأوبئة والبيولوجيا المجهرية على إنتاج لقاح، كما عهدت الصين إلى شركة كانسينو بيولوجيكس لتطوير لقاح في أسرع وقت، وبدأت في بناء مصنع ضخم للمباشرة في إنتاج اللقاح.
وفي ألمانيا، تسير شركة “بيونتيك” التابعة لشركة فايزر الأميركية بخطى واسعة لإنتاج لقاح فعال. كما بدأت الهند واليابان وعدد آخر من الدول في تطوير لقاحات.
وتحدث موقع سكاي نيوز عربية مع تمام العودات، نائب المدير التنفيذي للحملة العالمية للوصول إلى الأدوية الأساسية (Access Campaign) التابعة لمنظمة أطباء بلا حدود، في محاولة للإجابة على عدد من الأسئلة المتعلقة بالسباق العالمي لإنتاج لقاح كورونا.
آخر الأرقام التي لدينا هو أن هناك 118 لقاحا لفيروس كورونا وكوفيد19 قيد التطوير، منها ثمانية في طور التجارب السريرية أو جاهزة لخذه التجارب.
يغلب الظن أن اللقاح الفعال لا يزال على بعد حوالي السنة إلى سنة ونصف قبل أن يصبح جاهز للاستعمال على نطاق واسع.
وهذه اللقاحات التي يتم تطويرها تختلف عن بعضها في التركيب وآلية العمل، حيث هناك عدد من الطرق المختلفة لتطوير لقاح فعال كما نعلم جيدا من اللقاحات المتوفرة للأمراض الأخرى.
ولا يوجد بروتوكول عالمي لتوحيد اللقاح وهذا البروتوكول غير ضروري أو مرغوب حيث أننا في غياب معلومات كاملة عن طبيعة اللقاح التي ستكون أفضل لمنع الإصابة بالمرض، يتوجب علينا تجربة كل الاحتمالات. تعدد اللقاحات قيد التطوير يضمن لنا أنه حتى في حال فشل بعضها في توفير وقاية جيدة من الفيروس فإن البعض الآخر سوف يتوصل إلى هذا الهدف.
والبدء من حقل واسع من الاحتمالات يساعد على الوصول للقاح الأفضل بأقصى سرعة ممكنة.
ولكن توجد بروتوكلات لضمان أن اللقاحات المطورة هي فعلا قادرة على منع المرض وآمنة للاستخدام على نطاق واسع.
تعمل التجارب السريرية على ضمان هذه النتائج وهناك جهات وطنية وعالمية كالهيئة الوطنية للغذاء والدواء في الولايات المتحدة وهيئة الأدوية في الاتحاد الآوروبي تمنح الأدوية توثيقا يؤكد فعاليتها وأمانها.
كما أن منظمة الصحة العالمية تمارس دورا في تأكيد فاعلية وأمان اللقاحات والأدوية ونشر المعلومات حول استخدامها وضمان أن تصنيع الأدوية واللقاحات يتم تحت ظروف جيدة.
كيف نضمن أن اللقاح آمن ولا تنجم عنه أضرار صحية في المستقبل، خاصة في ظل تسريع وتيرة إنتاج اللقاحات وتخطي إجراءات عديدة في سبيل الحصول عليه في أسرع وقت؟
التجارب السريرية هي خط الأمان الأول عند تطوير اللقاحات والأدوية حيث أن هناك عدة مراحل عادة في التجارب السريرية تبدأ بتجارب على الحيوانات لمعرفة كون المادة فعالة وآمنة على الحيوانات بدون تعريض أي شخص لخطورة غير ضرورية.
المراحل التالية تعمل مع عدد محدود من المتطوعين لمعرفة أن المادة آمنة للاستخدام البشري وتحديد الجرعات الآمنة والأعراض الجانبية. المراحل الأخيرة بعد معرفة أمان المادة هو فعاليتها على البشر حيث يتم تجريبها على مجموعات بشرية كبيرة ومتباينة تحت بروتوكولات مفصلة وفي حال كونها آمنة تكون جاهزة للترخيص والاستخدام.
هذه التجارب السريرية المعقدة هي أحد الأسباب وراء الحاجة إلى أشهر طويلة لتطوير اللقاحات.
ويمكن تسريع التجارب السريرية أحيانا بزيادة عدد المتطوعين أووضع مصادر مادية أكبر للتجارب ولكن هذا لا يجب أن يسمح للتراخي في هذه التجارب أو تجاوز مراحل حساسة لضمان أمانها أو فعاليتها.
فيما يتعلق بتوزيع اللقاحات على الدول، هل له أولويات محددة، أم يجب أن يتم التوزيع بشكل متزامن؟
الأولويات يجب أن تكون للناس لا للدول. بعض الدول تملك الإمكانات المادية أو القدرة على الضغط سياسيا أو اقتصاديا خاصة على شركات الأدوية التي تعمل على أراضيها ولكن هذا لا يجب أن يعطي هذه الدول الحق في احتكار اللقاحات أو الأدوية لمواطنيها على حساب الآخرين خاصة في المناطق محدودة الدخل أو الفئات المستضعفة في هذه الدول نفسها.
من الواضح أن الأولوية الأولى هي للأشخاص الذين في خطورة عالية أينما كانوا وهذا يتضمن كبار العمر والذين يعانون من أمراض مزمنة تزيد الخطورة عليهم. كما أن العاملين في المجال الصحي على قدر عال من الخطورة ويتوجب إعطاءهم أولية في الوقاية والعلاج.
من هذا المنطلق الذي يركز على الناس لا على الدول، يجب على جميع الحكومات عدم احتكار الدواء أو إنكاره على دول أخرى أقل غنى أو قدرة على المساومة في سوق الدواء العالمي.
الوباء العالمي لا يعرف حدود الدول ولا يمكن إيقافه بدون تضامن وتعاون عالمي على أعلى المستويات.
نظن أن زيادة القدرة الإنتاجية عبر إيقاف الشركات من ممارسة الاحتكار عن طريق تحديد الملكية الفكرية للقاحات وعن طريق مشاركة التكنولوجيا والمعلومات على أوسع نطاق ضرورية لزيادة الإنتاج وتوفير الأدوية على أوسع نطاق ممكن.
إذا لم تقم الشركات بعمل ذلك بشكل طوعي فهناك طرق قانونية خاصة عبر بيان الدوحة عام 2001 وهو جزء من اتفاقية منظمة التجارة العالمية يسمح للدول المعنية بتجاوز حقوق الملكية الفكرية في إطار الطوارئ الصحية.
ونؤمن أن هذا الطريق يجب أخذه بعين الاعتبار في حال فشل شركات الأدوية المعنية بإيقاف التربح ومشاركة المعلومات والتكنولوجيا التي ستمكن من تصنيع اللقاحات على أوسع نطاق.