أخبار السودان

فرح عباس فرح والد (شهيد الترس) في حوار بمناسبة ذكرى مجزرة فض الاعتصام 

آخر ما قاله الشهيد عباس: "يجب أن نكون هناك لنحمي تروسنا".

قمنا بتدوين بلاغات في مواجهة كل قيادات المكون العسكري
رفضنا لجنة المحامي نبيل أديب لأنها لن تخدم قضية أسر الشهداء وتضم ممثلين المكون العسكري
حصرنا حتى الآن 292 أسرة شهيد تم دفنهم بشهادة وقرار طبي
منظمة العفو الدولية قدمت دعوة لأسر الشهداء واستمعت لقضيتهم
نطالب بمحاكم ونيابات خاصة وضمانات للشهود ورفع الحصانات عن المتورطين

الخرطوم – سامي عبد الرحمن
المقدمة
كان الشهيد عباس فرح، يخفي جراحه وهو يتوكأ حتى سقط بعد أن اخترق الرصاص جسده النحيل، استشهد دفاعا عن المتاريس التي شيدتها الجموع الثائرة، ودفاعا عن الحرية التي دفع حياته ثمنا لها لننعم بها نحن ورثة دمائه من أبناء الشعب، لم يشهر عباس سوى جسده وهتافه أمام وابل الرصاص، لفظ أنفاسه الأخيرة في مجزرة فض الاعتصام أمام مقر قيادة الجيش في يوم 29 رمضان الموافق 3 يونيو 2019م، التقت (الجريدة) الأستاذ فرح عباس فرح والد (شهيد الترس) وناقشت معه بعض تفاصيل الذكرى الأولى للمجزرة.
حوار – سامي عبد الرحمن
*كوالد تختزن الكثير عن حياة عباس، كيف كانت الأيام الأخيرة لعباس؟
في الأيام الأخيرة كان الشهيد عباس منتظما بوجوده في الحراك الثوري بالقيادة العامة، ملتزما بالروح الدينية في شهر رمضان الكريم بصورة عالية، وقد علمت مؤخرا أنه كان نشطا في توزيع الطعام والمساعدات المطلوبة للثوار.
*علمنا أنه كان من النجباء في التعليم حدثنا عن مراحله التعليمية!
درس عباس مرحلة الأساس وحتى الصف الثالث ببئر بني هرماس بمدينة تبوك بالمملكة العربية السعودية حيث كنت أعمل هناك، كان متفوقا ويحرز المرتبة الأولى في كل الصفوف، بعدها عدنا للاستقرار في السودان وتم تسجيله في مدرسة صهيب الرومي الابتدائية بمدينة أبوعشر بولاية الجزيرة، حافظ على مستواه وكان الأول حتى امتحن شهادة مرحلة الأساس.
بعد استقراري في الخرطوم تم توزيعه على مدرسة المجمع اليمني الثانوية وكان متميزا في مستواه، دخل جامعة السودان كلية الهندسة المدنية بنسبة (88.7%) وتخرج فيها مهندسا ليعمل في شركة (ليدر) للأعمال الهندسية لمدة ثلاثة أعوام، وكان مديرا للورشة وتم انجاز الكثير من المشاريع على يده حسب إفادة مدير الشركة، كان متميزا وجادا في عمله، في العام الأخير عمل مع شركة (أيكون) للأعمال الهندسية ومن الأعمال التي شارك في تنفيذها كان نادي الشرطة بضاحية بري فكان هو المسؤول عن وضع الخرط والتنفيذ، وعلى المستوى الشخصي كان “شهما كريما يحب معاونة الناس من غير من أو أذى واكتشفنا الكثير بعد وفاته، كان طموحا يعشق الرياضة والقراءة والكتابة ومحبوبا وسط زملائه.
*أين كان عباس يوم 29 رمضان ؟
من الصدف أن يوم 29 رمضان، هو اليوم الوحيد الذي جلس فيه عباس في المنزل بعد أن كان (صابيها) في القيادة العامة، تناول معنا وجبة الإفطار والعشاء والسحور، وحتى صلاة الفجر أديناها سوياً.
*هذه هي اللحظة التي يقول المعتصمون أن عملية فض الاعتصام بدأت فيها كيف خرج عباس؟
بعد عودتنا من المسجد وجد رسالة واتساب على هاتفه من بعض الأصدقاء تدعوه للحضور إلى ميدان الاعتصام، استجاب للدعوة وغادر المنزل.
*في لحظة اقتحام ساحة القيادة كان الوضع صعب جدا هل طلب منه أحد عدم الذهاب؟
علمت أن بعض الأصدقاء الذين هاتفوه طلبوا منه العدول عن رأيه وعدم الذهاب إلى مقر قيادة الجيش، لكنه كان مصرا وقال لهم: “هذا هو اليوم الذي يجب أن نكون فيه هناك لنحمي تروسنا”، وكان زملائه يؤكدون له أنه “يوجد إطلاق رصاص حي”، وعدم مغادرة المنزل وألا تتحرك، لكنه أصر على الذهاب، وبعد ذهابه لم يمكث كثيرا.
*كيف تلقت الأسرة نبأ استشهاد البطل عباس؟
شاهدته إحدى معارفنا على قناة الجزيرة الإخبارية بالصورة التي شاهدها العالم بأثره، فاتصلت بنا، وعلى وجه السرعة.
*كيف كانت ردة فعل الأسرة؟
سارعنا بالذهاب إلى مقر القيادة العامة ومنها إلى مستشفى رويال كير، وصلنا إلى هناك في ظرف ساعتين تقريبا رغم أن المشوار من منزلنا إلى مقر القيادة العامة لا يتجاوز 10 دقائق نظرا للظروف الأمنية المشددة في ذلك اليوم.
*هل تحدث مع أحد من الأسرة بعد إصابته أو حين دخوله المستشفى؟
لا، فور وصولنا وجدنا جثمان الشهيد عباس، لكن قبل استشهاده بلحظات كان يتحدث مع من حوله من الشباب وأعطاهم أرقام هواتف أصدقائه للاتصال عليهم في حالة وفاته، وعندما رأيته دعوت الله الصبر وقلت (إنا لله وإنا إليه راجعون) اللهم أربط على قلبي وألزمني الصبر الجميل، والدته كما شاهد الناس في فيديو مصور كانت متأثرة جدا ولم تتمالك نفسها وهدأت بعدها ولله الحمد.
*بعد وصولكم إلى المستشفى كيف كانت إجراءات تسليم الجثمان؟
تسلمنا الجثمان من مستشفى رويال كير، بعدها تحركنا وقمنا بتدوين بلاغ لدى الشرطة، وبعد تدوين البلاغ كانت هناك إجراءات كثيرة ومطولة جدا ذهب شقيقه مع الجثمان إلى مشرحة مستشفى بشائر وذهبت أنا في جانب آخر لتكملة الإجراءات الرسمية، بعد اكمال الإجراءات كان الوقت متأخرا حضرت إلى مستشفى بشائر لاستلام الجثمان بعد التشريح. بعدها غادرنا إلى مسقط رأسي مدينة أبو عشر حيث تم دفنه هناك.
*هل واجهتم صعوبات في تدوين البلاغات بالقتل؟
بدأنا الإجراءات الخاصة بالبلاغ في ذات اليوم من الساعة العاشرة صباحا ولم نستطيع اكمال الاجراءات إلا بعد ساعة الإفطار في رمضان، حتى استطعنا أن نستلم الجثمان، نعم كانت هناك مصاعب كبيرة جدا جدا في البلاغ وتسليم الجثمان.
*في مواجهة من تم تدوين البلاغ؟
تم تدوين البلاغ في مواجهة كل المكون العسكري، لأن المكون العسكري كان من المفترض أن يوفر الحماية لهؤلاء الشباب السلميين، المكون العسكري ذكر في اجتماع رسمي وموثق في التلفزيون بأنهم سيوفرون الحماية للثوار السلميين، لكنهم لم يوفروها بل اغتالتهم أيدي الغدر والخيانة والتاريخ سيسجل في صفحاته السوداء للقيادة العامة ولكل الذين مارسوا هذه الأفعال القبيحة التي لا تشبه الخلق السوداني ما اقترفوه من ذنوب.
*كيف تلقت الأسرة الكبيرة والأهل في أبو عشر الخبر ولحظة وصول الجثمان؟
الجميع سمع وشاهد الحادثة على التلفزيون، كان كل الأهل في حزن كبير وبقوا في الانتظار من الساعة العاشرة صباحا وحتى ساعة الإفطار في رمضان، وعندما وصلنا أبوعشر كانت الساعة 11 وربع مساءً وتم الدفن حوالي الثانية صباح يوم العيد والحمد لله، من هنا أود أن أشكرهم جميعا على التعب الذي لاقوه في ذلك اليوم وإنشاءالله ربنا يكتبه في ميزان حسناتهم فوقوف الأهل والجيران ومواساتهم خفف على الأسرة الكثير، وكان العيد حزينا في كل السودان نسبة للمأساة التي حدثت السودان كله يعلمها وكذلك العالم بأثره شاهدها.
*شكلتم لجنة من أسر الشهداء ماذا فعلت هذه اللجنة؟
جاء تكوين اللجنة التمهيدية بمبادرة كريمة من أسر الشهداء لتهتم بقضاياهم، حيث تم تكوينها بعد فض الاعتصام في يوم 3/6/2019م، اجتمعت اللجنة بعدد ستة أشخاص في منزل والد الشهيد عبدالعظيم في يوليو 2019م، بعدها دعونا إلى اجتماع وكان الحضور حوال 90 شخصا من أسر الشهداء، اتفق الحضور على اللجنة التمهيدية على أن يضاف إليها عدد من أسر الشهداء، وبالفعل تم ذلك، شرعنا بعدها في تكوين المكاتب القانونية والإعلامية والمالية والاجتماعية وغيرها من المكاتب، كان هدفنا حصر أسر الشهداء وكيفية تقديم الدعم القانوني والمادي لهم خاصة وأن هناك بعض الأسر استشهد العائل الرئيسي لها في الأحداث.
*كيف تحولت هذه اللجنة إلى منظمة وما هي أهدافها ؟
في أغسطس 2019م تمت الدعوة إلى جمعية عمومية من أسر الشهداء وصاحبتها إشكاليات كثيرة جدا، وخلال الاجتماع طرحت فكرة إنشاء منظمة وبحمد لله تم تكوين وفي يوم 24/10/2019م كان مولد المنظمة التي ولدت قوية، هدفها أن تعمل لصالح رعاية أسر الشهداء وتوفير الدعم القانوني والمالي لهم وكل المسائل التي تخص أسر الشهداء، ووجدنا اشكاليات في الداخل والخارج.
*إشكاليات مثل ماذا ومن أي جهة؟
كانت هناك جهات وأشخاص لا يرغبون في قيام منظمة لأسر الشهداء، وهنا لابد أن أنبه إلى أن هناك أشخاص وجهات ترغب في (هدم) هذه المنظمة من الداخل والخارج “ولكننا نعي تماما بالأهداف التي تدور حول هدم هذه المنظمة وسنقف لها بالمرصاد إن شاء الله.
*من أين تحصل المنظمة على التمويل؟
قامت المنظمة بفتح حساب خاص حتى يكون هناك دعم مالي وبحمد الله وصل الدعم المالي للمنظمة من كل الناس في أوروبا وأمريكا ومن دول الخليج ومن أستراليا، ومن هنا نسجل صوت شكر لكل الداعمين الذين دعموا أسر شهداء ثورة ديسمبر المجيدة.
*ماهي البنود التي تنفق عليها الأمول؟
ساعدت هذه الأموال في حل الكثير من المشاكل التي واجهتنا، ونضع كافة الحلول التي تجعل المنظمة تسير في طريقها الصحيح”، فالمنظمة قامت بأدوار كبيرة منها حصر أسر الشهداء وتم تكوين 8 مجموعات دعم قانوني تمثلت في مجموعة (بليس) ومحامين من مبادرة الشهيد عبدالسلام كشة، ومبادرة الأستاذ أسامة هاشم ومبادرة كلية القانون جامعة النيلين واللجنة القانونية للجنة التنفيذية بحضور الكثير من أسر الشهداء وكان الحصر حتى ذلك الوقت (292) أسرة شهيد تم دفنهم بشهادة وقرار طبي.
*هل هناك جهات خارجية تواصلت معكم بشأن تحقيق العدالة للشهداء؟
نعم، وصلتنا دعوة كريمة من منظمة العفو الدولية، وكانت الدعوة أن يسافر بعض أسر الشهداء أو ممثل أو مندوب عنهم إلى دولة غامبيا، وبالفعل سافر مندوبنا إلى هناك وعكس وجهة نظرنا أمام المنظمة الدولية، وقبيل السفر عقد مندوبنا مؤتمرا صحفيا وأرجأنا نشره إلى ما بعد مغادرة مندوبنا.
*كيف تنظرون إلى إجراءات لجنة الأستاذ نبيل أديب وقراراتها المحتملة؟
كانت رؤيتنا واضحة منذ البداية تجاه تكوين لجنة الأستاذ نبيل أديب المحامي لأن تكوين هذه اللجنة كان غير منصف؟
*في أي شيء يتمثل عدم إنصافها؟
هذه اللجنة تضم ممثلين من وزارة الدفاع والشرطة وهذه الجهات محل اتهام بالنسبة لنا كأسر شهداء، فلا يمكن أن تأتي بالخصم والحكم في نفس الوقت؟
*هل قدمتم هذه الملاحظة للجنة أو تواصلتم معها بهذا الخصوص؟
سجلنا اعتراضنا على أشياء كثيرة، وتم وعدنا بأن تصحح، ولذلك الخطوات التي قامت بها لجنة الأستاذ نبيل أديب مرفوضة بالنسبة لنا، على اعتبار أننا كأسر للشهداء لم يتم تمثيلنا في اللجنة، ولذلك لا اعتقد أن اللجنة ستأتي بجديد ولن تخدم أسر الشهداء بشيء وستظل تمدد في الزمن ولن تصل إلى حلول.
*باعتباركم أسر الشهداء، ما المطلوب من الحكومة تجاه قضيتهم؟
نطالب بإصلاح الكثير من القوانين، لأن هذه القوانين هي نفسها التي قتلت ابنائنا وهي ذات القوانين التي وفرت الحماية للجناة الذين يفلتون من العقاب، ونناشد الحكومة بالإسراع في تكملة هذه القضايا والمطالب لأن هناك تباطئا واضحا من قبل الحكومة كما نطالب بتكوين المحاكم والنيابات الخاصة بالشهداء وضمانات للشهود وأن ترفع الحصانات عن بعض المسؤولين المتورطين فهذه الخطوات ستعزز من العدالة الانتقالية ونحن ندعم أن تكون المحاكمات وطنية “ونتمنى أن لا نذهب إلى مسارات أخرى”.
الجريدة

تعليق واحد

  1. الشهداء قتلهم الكيزان بمعاونة المجلس العسكري بقيادة كباشي وصلاح الداية وخلفهم الخرع هاشم عبد الكيزان.
    القصاص من المجلس العسكري والكيزان

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..