مقالات سياسية

الصادق المهدي ورهاب التغيير 

د. زاهد زيد

استمعت كغيري لخطاب الصادق المهدي في العيد ، ولم أكن كغيري ـ كذلك ـ أتوقع الكثير من رجل أدمن التنظير مع الفشل.

خرجت من كل ما قاله بنتيجة واحدة وهي أن الصادق المهدي يعيش في خوف ورعب من التغيير الذي أصاب المجتمع والوسط السياسي ، وشعر أن الوقت لا يعمل لصالحه في كل الأحوال .

وهو محق في خوفه ، فالواضح أن حزب الأمة يعاني من أزمة متعددة الجوانب ، منها  ما يتعلق بكيونة الحزب ومدى مواكبتها للعصر الحديث ومنها ما يتعلق بإدارة الحزب وقيادته ، و منها ما يتصل مباشرة بمواقف الحزب وما انشق منه من تيارات بعهد الانقاذ ومشاركة ابن الصادق فيها ومن تلك المواقف موقفا ألقى بكثير من الظلال وتأثر به الحزب عميقا وهو مشاركته في اعتصام القيادة وانسابه من الميدان في اللحظات الأخيرة .

حاول رئيس حزب الأمة معالجة هذه المسائل بطرق مختلفة ، منها اعتذار ابنه عبدالرحمن على لسانه ، عن تلك المشاركة التي ليس لم يجد لها مبررا غير الاعتذار . ومحاولة تلميع ابنته مريم والدفع بها للصف الأمامي للحزب كبديل للأبن غير المقبول جماهيريا . 

وفي خطابه في العيد هذا حاول الصادق المهدي أن يسوق فكرة المهدية وفق رؤية تستبعد الفكر “الإمامي” المعروف في كل من أدعى المهدية لطرحها كتجديد للدين دون الاستظلال “بالقدسية الإمامية ” . 

للأسف الشديد فإن ما يحاوله الصادق المهدي كمن يرقع في ثوب مهترئ كلما رتق فتق ظهر آخر .

والسيد الصادق وإن أدرك الأزمة التي يعيش فيها حزبه ، يجهل تماما أو يتجاهل أمرين مهمين :

أولهما : أن حزبه الهرم لم يعد فيه ما يجذب الشباب اليوم ، بسبب تغير الزمن وتفتح اسباب المعرفة ، ومهما حاول الصادق أن يجدد في فكر المهدية فإنه لا يستطيع أن يجردها من هالة القدسية التي أحاط آل المهدي بها أنفسهم ، ومنها استمدوا الزعامة الأبدية والمتوارثة للطائفة ومنها للحزب ولا فكاك بين الطائفة والحزب إلا بإنتقال الزعامة لطرف آخر بعيد عن بيت المهدي وهذا محال .

ثانيها : أن الصادق المهدي بمواقفه التي جر إليها حزبه من الستينات إلى اليوم هو السبب الرئيس في أزمات الحزب خاصة وأزمات السودان عامة . وهذا لا يحتاج لدليل ، والرجل ظل نيفا وأربعين عاما رئيسا للحزب وتبوأ منصب رآسة الوزراء مرتين بعد ثورتين عظيمين ولم يحقق فيهما سوى جلب العسكر للسلطة .

هذه الأزمة المتفرعة الجوانب ليس من السهل على الصادق المهدي ولا حزبه أن يلملم شعثها ، ويعتقد أن الهروب للأمام سيخرجه وحزبه منها ، لذلك يود لو تقوم الانتخابات غدا ليشغل الناس بها معتقدا أن قواعده الموروثة لازالت سليمة وهي كفيلة بمعالجة الأمور .

ولأن الانتخابات بعيدة ويخشى تمديد الفترة الانتقالية ، لابد من صرف الانظار بعيدا عن أزمة حزبه الداخلية بخروجه من تجمع الحرية والتغيير “قحت” واثارة الغبار حوله ، وكلام غير مفهوم عن العلمانية كمداعبة لبقايا النظام السابق واللعب بشعار الدين الذي يجدون تحته الغطاء لممارساتهم الفاسدة .

أما كلامه عن الامم المتحدة وخلطه الواضح بين الفصلين السادس والسابع فهو نتيجة خوفه ورعبه من الرعاية السياسية للعملية الانتقالية بما يقيد حركته في المناورة واللعب السياسي الذي يظن أنه حق للاعبين في بلد أهلكته المغامرات السياسية .

من الغريب أن تجد مع كل فشل الصادق المهدي الذي يراه البعيد قبل البعيد لا يجد من يقف أمامه لينصحه أو يوقفه عن تدمير الحزب واللعب بمستقبله لا من داخل بيت المهدي ولا من خارجه من المنتمين إليه ، ومبارك الفاضل شأنه شأن عبد الرحمن الصادق لا مستقبل له في عالم السياسة فهو كرت محروق .

الخلاصة أن الصادق المهدي يدق الآن آخر اسفين في نعش حزب الأمة ويدمره من الداخل تماما مثلما دمر الديمقراطية في السودان مرتين وضع مستقبل أجيال بأكملها . 

د. زاهد زيد
[email protected]

‫2 تعليقات

  1. الحبيب الامام (كم يحلو لهم تسميته) كنا نظن انه بعد تجربة الاسلامويين المريرة قد انتهي الي فكرة باتعة بان هؤلاء القوم لا ياتي من ورائهم خير…وانهم حتي اطفال بلادي اصبحوا يشعرون بالاهانة و الازدراء اذا هاتفهم الاخر بعبارات الكوزنة و مسمياتها…
    ولكن يبدو ان الجبل قد تمخض فولد فأرا اجربا اعرجا ادلجا اصنجا عندما اختار عقده الاجتماعي المتصالح مع الاسلامويين و امثالنا السودانية حبلي بوصف من يختار المجرب (من جرب المجرب…..)..
    ويبدو ان ارادة الله سبحانه و تعالي قد هيأت له ذلك الطريق ليسلكه الي حيث يصبح حزبه من احزاب التراث التاريخي فيريح و يستريح…

  2. والله متعاطفين معه ومع اسرته الكريمة لاسباب كثير واهمها والده الخلوق صديق المهدي وجده الوطني عبدالرحمن المهدي وياما حاول المحبين اقناعه بتقديم الدكتورة مريم والابتعاد عن الصورة ، فمريم أبنة اليوم وتستطيع التفكير خارج الصندوق ومخاطبة جيلها والاجيال من بعدها بلغتهم والابتعاد عن افكاره الغير واقعية،

    اكيد وصلته الرسالة بطرق عدة منها الشبة مباشر والغير مباشرة لانه ذكي لا يعطيك اي فرصة للحديث فيما لا يرغب سماعه ولكن الرسالة وصلته بطريقة أو اخرى اكثر من مائة مرة ولكن الامام عنيد وذكي يعرف كيف يجيش حب واحترام من حوله ويحيدهم عن الواقع ويجعلهم يعيشون حالة تمنى في مشاريعه السياسية، وهاهو حرق نفسه وحزب الامة ومريم الصادق للاسف.

    الامام الصادق لن يستسلم وسيقاتل هنا وهناك وفي نفس الطريق وهو لا يعلم انه يضع المزيد من الحطب في نار تستعر تحته.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..