
من النعم ذات البعد الاجتماعى والسياسى بموازنة ٢٠٢٠ الزيادة الكبيرة لمرتبات العاملين بالدولة التى تجاوزت خمسة اضعاف ..رغم التخوف الكبير الذى يدور باذهان الاقتصاديين من تحولها لنقمة اذا تم تمويلها من مصادر غير حقيقية مثل الاستدانة من النظام المصرفي و الاصدار الجديد للعملة التى تزيد عرض النقود فى الاقتصاد.
بدون ما تقابلها زيادة بانتاج السلع والخدمات وتكون النتيجة الاقتصادية المتوقعة زيادة معدلات التضخم المتمثلة فى الارتفاع العام لمستوى الاسعار وانخفاض القيمة الشرائية للنقود والتدهور المستمر لقيمة سعر صرف العملية الوطنية وما يحدثه هذا الاثر من دوامات تاثيرات اقتصادية وسياسية واجتماعية وامنية سالبة..
لذا يكون التحدى الاكبر هو تحقيق ما وعد به السيد وزير المالية من تمويل زيادة المرتبات ومجمل الموازنة من مصادر ايرادات حقيقية فاجمالى الانفاق المقدر بالموازنة العامة مبلغ وقدره ٦٢٦.٦مليار جنيه (١١.٤مليار دولار ) حسب تقديرات سعر الموازنة للدولار ( ٥٥ جنبها) مقارنة (بـ١٩٤.٨ مليار جنيه ) في ٢٠١٩ (٤.١مليار دولار) حسب سعر الموازنة للجنيه السودانى مقابل الدولار (٤٧.٥ جنيه) بمعدل زيادة وقدره (٤٣١.٨مليار جنيه) بنسبة زيادة وقدرها (٢٢١.٦℅ ) حسب التقييم بالجنيه وزيادة وقدرها (٧.٣ مليار دولار )بنسبة زيادة وقدرها (١٧٨℅) حسب التقييم بالدولار الرسمى ..
ولكن حقيقة القيمة الحقيقية للموازنتان مختلفة وفق متوسط السعر الحر لقيمة الجنية مقابل الدولار لموازنة ٢٠١٩ لاتتجاوز حينها ال( ٢.٩ مليار دولار(٦٧ج ) وموازنة ٢٠٢٠ لاتتجاوز (٤.٨ مليار دولار) (١٣٠ج) وتكون الزيادة فى حدود ١.٩ مليار دولار بنسبة زيادة حقيقية وقدرها ٦٥℅ وهى تمثل زيادة حقيقية معتبرة اذا تحققت فعلا كما قدر لها… ولاعتبارات كثيرة حدثت بعد دخول موازنة ٢٠٢٠؛ حيز النفاذ … منها ارتفاع الدولار مقابل الجنيه لما فوق المائة وثلاثون جنيها كما اوضحنا بالسرد اعلاه وعدم التوافق على رفع الدعم بين الحكومة وحاضنتها السياسية.. والذى يتجاوز اثره ال٥٠% من الموازنة… واثر جائحة كورونا على الايرادات العامة المقدرة.. واثرها ايضا الذى ادى لتاجيل المؤتمر الاقتصادى والذى كان مزمع انعقاده بشهر مارس الماضى للنظر فى الامور المرتبطة بها بما فيها التوافق على رفع الدعم .. او البديل.. وكذلك تأجيل مؤتمر المانحين من شهر أ بريل لشهر يونيو مع تأثر المانحين انفسهم بجائحة كورونا واثرها على موازنات دولهم وبالتالى على الدعم الممكن تقديمه..ومن التغييرات الايجابية انخفاض اسعار النفط العالمى لمادون تقديرات الميزانية واثرها على تقليل فاتورة دعم الوقود خلال الثلث الاول من الموازنة مقرونا مع تطبيق نظام سعر الوقود التجارى.. و الانتاجية الكبيرة لمحصول القمح بالسودان واثره على خفض فاتورة الاستيراد ..(رغم عدم كبر اثره على قيم الموازنة المقدرة لسعر شراء التركيز المرتفع)..
والاتفاق الذى تم مع منظمة الاغذية العالمية حول توريد مئتا الف طن قمح على ان تسدد قيمتها بالعملة الوطنية لشراء، محصول ذره من السوق المحلى.. وما تم استرداده من ممتلكات عبر لجنة ازالة التمكين وتوقف الصرف على جهاز الانقاذ الدستورى المترهل وعلى المؤتمر الوطنى ومنظماته وتنظيماته وافراده الذى كان يتم فى حقيقته من المال العام بطر ق ملتوية وامكانية استعادته عبر تسييل الاسطول الضخم من سيارات المؤتمر الوطنى ومنظماته وشركاته وهو مال عام لاشك فى ذلك ..فالاستغلال الامثل لهذه الايرادات والمزايا التى توفرت مع التوافق حول رفع الدعم عن البترول للقطاعات غير الانتاجية وتحرير الدقيق لاحداث الوفرة وايقاف التهريب لدول الجوار وارجاع جزء كبير من الدعم من جيوب بعض وكلاء الوقود و الدقيق واصحاب المخابز غير الامينين ..لموازنته العامة سيوفر ايرادات حقيقية تحد من التخوف من الانفجار التضخمى الذى ينتج لتمويل الزيادة الكبيرة بالمرتبات (٢٥٠مليار جنيه) من ايرادات غير حقيقية…
لكن الامر يحتاج لارادة فاعلة وآليات تنفيذ ناحزة تسبق حركتها معدلات التضخم..فاذا كانت مجابهة جائحة كورونا تحتاج لوعى ولتباعد مجتمعى..فان مواجهة التضخم تحتاج لنفرة مجتمع لمضاعفة الانتاج سرئع العائد خاصة الزراعى والحيوانى والقيام بمبادرات بمجال الصناعات التحويلية التى تضخ قيمة مضافة فى شرايين الصادرات السودانية..وهذا يتطلب تكاتف وتناسق عمل اجهزة الدولة لتعمل على تزليل العقبات التى تواجهه الانتاج وتوفير المعينات التى تساعد على زيادة الانتاجية .. مع مد الوحدات الحكومية الايرادية بما يمكنها من تعظيم الايرادات العامة ..لسد عجز ما احدثته الجائحة وما تتطلبه ضرورات مقابلة انفاق موازنة هى قمة فى الطموح والتحديات..
عادل محجوب علي
[email protected]