مقالات سياسية

معاهدة كامب ديفيد سبتمبر 1978م

أسامة ضي النعيم محمد

اللقاء كان تأريخيا في البيت الابيض ، تموضع الرئيس جيمي كارتربين الرئيسين مناحم بيغن وأنور السادات . أظهر مناحم بيغن حنكة سياسية عالية ، تودد الي الرئيس جيمي كارتر في مقترحه باعادة تسمية المعاهدة أو الاتفاق باسم الرئيس كارتر، ثم انتزع حق بناء الاهرامات وخص بها اليهود في ملاحظته الأشهر، تحسب الملاحظات الذكية للرئيس مناحم بيغن في ذلك اللقاء، ربما تحسب للسادات زيارته الجريئة الي تل ابيب في 19 /11 /1977م.

لا يزال الرؤساء الاسرائليون يتقدمون أميالا، يتوسع عندهم البون في التخطيط الاستراتيجي والنظر البعيد ، يتخلف الرؤساء العرب ، يرفض الرؤساء العرب(عدا سلطنة عمان والصومال والسودان) كامب ديفيد من خلال مؤتمرهم الشهيرفي بغداد ، يقابلهم السادات بتعليق خشن فارق فيه الكلمة الطيبة (ان مصر أم الدنيا وعلي العرب الانتساب الي مصر لا العكس) ، يشير الي أصل أمنا السيدة / هاجر – عليها وعلي الانبياء أفضل السلام، يقاطع العرب (جبهة الرفض) مصر السادات في نوفمبر1978 ، تنقل جامعة الدول العربية مقرها الي تونس ، ثم يعود مقر الجامعة الي مصر في يونيو1987م. يتخيط القرار العربي في الصلح مع اسرائيل وقبول كامب ديفيد.

وعلى العكس تمضي قدما دولة اسرائيل وتكسب الجولات ، الي أن حصلت أخيرا علي موافقة أمريكا لنقل سفارتها الي القدس في 2018م. علي المستوي الاقتصادي والتجاري كسبت اسرائيل صفقات تجارية مع كثير من الدول العربية ، بعض دول الخليج أقامت لها ممثليات تجارية بعضها معلن والسرية منها الكثير، حققوا التنوع الديموغرافي بنقل الفلاشا عبر صفقة مع نظام نميري ، برع الاثيوبيون الفلاشا في تربية أسراب النعام وتصدرت اسرائيل اليوم قائمة الدول التي ترفد العالم بمنتجات لحم طيور النعام.

السودان وضعه الرسمي مناصرة كامب ديفيد المبرمة في سبتمبر1978م والوقوف مع مصرفي خندق واحد ، كسبت مصر اتفاقات تجارية واقتصادية مع اسرائيل بعد ايقاف الحرب، أتفاقية نقل وتصدير الغازلاسرائيل هي الاهم، ولكن السودان تخلف في استثماراتفاقية كامب ديفيد ، بل علي العكس ساهمت التصريحات الرسمية والحزبية غير الرسمية لبعض المسئولين في جلب العداء الاسرائيلي لمواقف حكومة السودان ، ساندت اسرائيل الحركات المعادية . ما تزال تصريحات بعض رؤساء الاحزاب تقف حجر عثرة بين الشعب السوداني وتحقيق المصالح من موقفه الرسمي المناصر لاتفاقية كامب ديفيد الذي تبناه السودان عند أوج الخصام بين مصروالدول العربية.

موقف السودان من معاهدة كامب ديفيد في سبتمبر 1978م ، كان موقفا شجاعا يحسب للقيادة السياسية في ذلك الوقت. ولكن للاسف تجمد العقل السوداني وعجز صناع القرار وزعماء الاحزاب ومكونات المجتمع المدني في رفع شعار (مصلحة السودان أولا) ، صحوة المجلس السيادي ممثلة في لقاء الفريق أول ركن/عبد الفتاح البرهان-رئيس المجلس السيادي- ومقابلته لرئيس وزراء اسرائيل بنيامين نتينياهو، وان كانت جاءت متأخرة ، الا أنها خيرا من أن لا تأتي ، أعادة موقف السودان الي سبتمبر 1978م وقبوله اتفاق كامب ديفيد هو البديل ، ادمان الفشل العربي في التعلق بمسار واحد لحل القضية الفلسطينية ، رفض اسرائيل والعيش معها لم يحقق التعاطف المطلوب ، بل تحول الي اتفاقات ثنائية سرية بين بعض الدول العربية واسرائيل فكسبت الاخيرة أضعاف ما كانت ستحققه عبر اتفاقات معلنة تستند الي مرجعية كامب ديفيد.
خاتمة القول ، ليس كل ما تقوله حماس أو بعض (الاخوان) في السودان هو القول الفصل ، تأجيج العداء واعلان الحرب وعدم احترام المعاهدات هو الذي قاد الي انفصال جنوب السودان ، الكل في السودان عاش المناكفات والعداوات بين الحركة الاسلامية والحركة الشعبية بعد اتفاقية نيفاشا ، انعدام تام لاعلاء روح الاتفاق المبرم فكانت النتيجة عداوات مستمرة الي انقضاء أجل الفترة الانتقالية، لم تتحقق الوحدة الجاذبة في جو العداء الطارد ، يتكرر السناريو وتلعب حركة (الاخوان) بعقلية تأجيج الصراع والعداء مع اسرائيل ، الغرض كسب اني والحصيلة اطلاق دولة مسيحية من رحم السودان الكبير، قدم (الاخوان) بفطير الصنيع وخطل الفكر ، هدية لمنظمات التبشير المسيحي، مناهج الحل والنظر الي القضايا تتعدد لتكشف ذكاء الانسان وقدرته علي التكيف وابتداع الحلول والتمترس عند رؤية واحدة جلب لمنطقة الشرق الاوسط سد طريق رحلة الشتاء والصيف لاعظم طريق تجاري في التاريخ ليحل مكانه البيع والشراء من خلال الانفاق.

وتقبلوا أطيب تحياتي.

مخلصكم / أسامة ضي النعيم محمد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..