مقالات سياسية

في شأن الذي يجري على حدودنا الإثيوبية

تتشكل إثيوبيا من قومية الأمهرا وهم الحكام التاريخيين ومنهم سلالة الامبراطور هيلاي سلاسي وأسرته و من قومية التقري التي حكمت لربع قرن عبر زعيمهم الأكثر شهرة ملس زناوي منذ اجتياحها العاصمة أديس أبابا بدعم من الخرطوم عام 1992م وإسقاطها لنظام منقستو هيلا مريام ،  و قومية الأرومو المسلمة وهم يشكلون أكثر من نصف السكان بقليل ، إضافة الى العفر وقوميات صغيرة أخرى في الجنوب الإثيوبي. لكل من هذه القوميات أقاليم شبه مستقلة و جيش لكل إقليم.

لفهم ما حدث ، وللوصول للحل يجب أولا تسمية الأشياء بمسماها الصحيح ، الذي نحن بصدد الحديث عنه اليوم هو اعتداء من ميليشيا من إثنيه الأمهرا تعرف بشرق السودان بالشفتة مدعومة بالجيش الأمهري و تم الاعتداء على أعالي نهر عطبرة ، إذن هو اعتداء ، لا يوجد عاقل يقلل من خطورة ما حدث ، ابتداء واجب أي جيش هو التواجد على الحدود ، وان كان هناك عذر للجيش السوداني في الماضي نتيجة حرب الجنوب واضطراب دارفور ، اليوم لا يوجد عذر ، عليه التواجد في الحدود والأماكن التي كان يتواجد بها هناك و بناء سلك شائك  مع وضع علامات واضحة و إصدار أمر اتحادي بمنع تأجير الأراضي الزراعية لأي إثيوبي بل و عدم الاستعانة بالعمالة الأثيوبية من أساسه واستخدام تكنلوجيا ومكائن حديثة للزراعة والحصاد فالأرض هناك بكر وواعدة ، و هذه سانحة لمراجعة الوجود الزائد للعمالة الإثيوبية بالخرطوم ، ومنع الدخول من الجانب الإثيوبي بغير تأشيرة دخول ، تماما كما تفعل إثيوبيا مع السودان ، هناك عندهم اذا تجاوزت موعد التأشيرة يوما دون الخروج من بلادهم تفرض عليك غرامة 65 دولار و لا استثناء لأحد ، يجب ان تكون المعاملة بالمثل.

كيف نحل مشكلة قلة عدد السكان بالحدود الشرقية؟
يجب بناء قرى نموذجية على الحدود و مدها بخدمات الكهرباء والمياه و ربطها بطرق أسفلت بحواضر القضارف و كسلا لتشجيع الناس على الهجرة والاستيطان هناك والزراعة مع إقامة قاعدة دائمة للجيش السوداني .

الهجرة الى هناك الأولوية فيها لسكان الشرق والقرى المجاورة فان لم يكفي العدد يستجلب الناس من ولايات أخرى فالأرض هناك بكر وواعدة والهاجس الأمني يمكن حل مشكلته بجرة قلم وبدون حتى حرب كبيرة مع أثيوبيا بل من الحصافة الإعلامية تسميتها باعتداء الشفتة وليس تجريم كل إثيوبيا او كل الامهرا  ، تسميته باعتداء الشفتة هذا يعطيك مسوق أخلاقي لتضرب بقوة و ترد الاعتداء دون لفت المجتمع الدولي بأنك تثير الحروب وتهدد السلم الدولي و نحن نريد العودة للمجتمع الدولي حاليا ، و يجب على جنرالات الجيش عدم التصعيد لحرب كبيرة ، المزاج الشعبي لن يقبل ذلك الآن ، نحن نريد الخروج من سيف العقوبات الدولية وعلى قادة الجيش عدم الانجرار لأي أجندة هنا او هناك بل الرد الإعلامي والعسكري يكون فقط في حدود المحفاظة على سلامة الحدود و سلامة الأراضي السودانية و ليس خدمة هذا الطرف او ذاك.

إقليم دارفور يعاني من شح الموارد ودارفور اغلبها صحراء جرداء ، لا تصدقوا ان فيها معادن يجب ترحيل الفقراء من دارفور الى شرق السودان لتخفيف الضغط على الموارد هناك مع بناء قرى نموذجية حديثة بالشرق تتوفر فيها الخدمات.

من الخطأ اعتقاد الامهرا ان السودان وعقيدة جيشه تحابي التقري على حسابهم ، يجب تصحيح هذه الصورة النمطية  نحن الآن في عهد ديمقراطي جديد لذلك وجب مخاطبة العقلاء و قادة الرأي من الامهرا ان تلك كانت مرحلة لها سياقها التاريخي بدعم منقستو هيلا مريام لمعارضة الخرطوم والرد بدعم الخرطوم لمعارضيه من التقري  و ان تلك كانت السياسة التي تسود معظم بلدان إفريقيا في القرن العشرين وانتهت الى غير رجعة وهي سياسة ابو قدح الذي يعرف مكان يعض رفيقه ، أي دعم المعارضات المتبادل و نحن الآن في تباشير عهد ديمقراطي يفترض ان تولي هذه السياسات البائسة دون رجعة.

اليوم وصل الجيش السوداني لأبعد نقط في الفشقة التي كانت تحتلها إثيوبيا ورد وقتل معظم أفراد السرية المهاجمة للمعتدين بنهر عطبرة ، ضعفه الإعلامي للجيش السوداني و عدم نشره لصور قتلة أعدائه بعد تغطية وجوههم هو ما يجعل الفضائيات العربية ، وهي بحد ذاتها لا تخلو من الغرض ، تصوره على انه ضحية اعتداء إثيوبي وتصيغ الخبر بصيغة قتلى عسكريون ومدنيون من الجانب السوداني فقط  ، لقد وصل الجيش السوداني الى آخر نقطة في الحدود في الفشقة أي أنها أعيدت بالكامل تحت السيادة السودانية ويجب الحفاظ على هذا المكسب و رد أي اعتداء بقوة نارية كافية ، ورادعة ، وان يعرف الآخر ان أي اعتداء سيكون  ثمنه باهظا جدا .

اليوم يجب التهدئة مع اثيوبيا فليس لنا مصلحة في أي تصعيد كبير ، ترد و تحافظ على حدودك بقوة و تصر على الحصول على الضمانات بعدم تكرار ذلك ، أيام البشير الكالحة انتهت و هذا عهد جديد ، و على قادة الجيش ان يعوا ان المزاج الشعبي ليس مع تصعيد كبير ، هناك وعي الآن ،  نحن نريد العودة الى المجتمع الدولي كدولة تحترم السلم و الأمن الدوليين و على السيد حمدوك القيام بمبادرة توفيقية في أزمة  سد النهضة ليحفظ حق السودان و ليكون للسودان دوره المهاب دوليا في هذه المنطقة.

بعد ان أعيدت أراضينا محل الاعتداء الأخير وبما ان الفشقة قد أعيدت فيتبقى دفع الطرفين المتبقيين للتحكيم الدولي و اعني الجارين الآخرين الذين لديهما معنا. نزاعات دولية في آبيي و حلايب وشلاتين وهما جنوب السودان ومصر.

طارق عبد الهادي
[email protected]

‫5 تعليقات

  1. رد على طارق عبد الهادي :
    احييك على وطنيتك وعدم انسياقك وراء جوقة مزاعم المؤامرة المصرية و(اثبوبيا يا اخت بلادي) ولكن ارجو منك مراجعة معلوماتك بخصوص قولك ان الجيش السوداني قد وصل الى اخر نقطة في حدودنا..
    هذا ليس صحيح.. لازالت اثيوبيا تحتل وتزرع غصبا عننا اكثر من 700 الف فدان في الفشقة. وازيدك علما بان الاشتباك الاخير حدث في قرية بركة نورين التي تبعد حوالي 17 كيلومتر من الحدود. وبعد الاشتباك تخندق الجيش الاثيوبي على بعد كيلومتر واحد فقط من قرية بركة نورين. بالاضافة الى معسكرات اخرى للجيش الاثيوبي كثيرة جدا داخل السودان. بل منع الاثيوبيين الجيش السوداني من الانتشار في مواقعه التي كان يتواجد فيها على الحدود منذ الاستقلال قبل سحبها من طرف نظام المخلوع قبل 25 عاما باعتبار انه اختراق لحدودهم!!
    والهدف طبعا اخلاء الاراضي من الجيش ليسهل عليهم الاستيلاء عليها وارهاب المزارعين السودانيين وتخويفهم وطردهم.
    العلاقات بين الدول لا تقوم على العواطف والرومانسية. الفشقة سودانية وحلايب ايضا.

  2. هكذا تكون المساهمه الصحفيه ويجب علي كل متصوحف أن يكتب مقالات فيها فائده ومبسطه ومباشره. بدلا من الفتن ومحاباة الظالمين . شكرا لكاتب المقال السيد طارق عبدالهادي

  3. يجب تشييد معابر و كباري و طرق تعبر نهر عطبرة و الخيران لردم الفواصل بين الأراضي السودانية و تسهيل و صول الإمدادات و الخدمات و تحرك القوات النظامية

  4. لماذا لا تكون لنا استراتيجيا وخطط خاصةبالقري والمدن الحدودية تهتم وتهم بانسان تلكم المناطق و خدماته و بالتالي التمكن من الحدود و التعامل معها و المصالح المشتركة علي خلفية مؤسسية تضمن سلامة و امن و تعائش تلكم الاصقاع و نقفل هذه الابواب التي عادة ما تكون تكلفتها كبيرة.
    علي العموم المقال يستفاد منه بمفهوم أستراتيجيي

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..