مقالات سياسية

سلاح في يد كل مواطن

اسماء محمد جمعة

الشائعات تعتبر واحدة من أكثر  الأسلحة دمار وفتك بالمجتمعات ،فهي تجعل الشعوب تموت بالحياة  بما تسببه  من  خوف وقلق  وترغب،وهي منتشرة على جميع المستويات  فهناك شائعات عالمية تقودها دول عظمى وجهات عالمية لها أهدافها، وشائعات محلية تصنع وتنشر داخل المجتمع  وترتد عليه فتجعله في حالة قلق لا ينتهي، ويعتبر المجتمع السوداني خير نموذج للمجتمع الذي أدمن تعاطي الشائعات حتى اثرت على صحته.

سبب انتشار الشائعات في المجتمع السوداني يعود إلى أنه يمر  بالكثير من الصعوبات والمشاكل والازمات،ويعيش فترة تحول اقتصادي واجتماعي وسياسي كبيرة ،وهذا هو  المناخ المناسب جدا  لنمو  الشائعات التي أصبحت هي نفسها أزمة تؤدي إلى مشاكل  جديدة ومتكررة تؤثر على أداء الدولة، وقد أصبحت سلاح في يد كل مواطن.

بصفة عامة الشائعات لا تنبع من فراغ ، وانتشارها  في أية دولة يعتبر مؤشر حقيقي لغياب تداول المعلومة الحقيقية، وانتشار الأمراض الاجتماعية مثل الجهل والفقر والفراغ وغيرها وهذه كلها موجودة في المجتمع  بنسبة عالية،وكثيرون يقضون أوقات طويلة في منصات  التواصل الاجتماعي ينتجون الشائعات أو يروجون لها  أو يفعلون الاثنين معا، منهم من كانوا في موقع مسئولية وشيوخ كبار  ويحملون درجات علمية رفيعة.

عادة الشائعة تبني على جزء ضئيل من الحقيقية بعد التحريف طبعا ، ويقول العلماء أن الشائعات، تعتمد على قاعدة أساسية، تقول: (إن الناس مستعدون لتصديق الكذب، مهما بدا زيفه، إذا ما صادف هواهم، وتكذيب الصدق مهما بلغ وضوحه، إذا ما خالف هواهم) وغالبًا ما يتجاهل الناس الانتباه إلى المعلومات الحقيقية  التي لا تتناسب مع أفكارهم ومعتقداتهم ومصالحهم.

كذلك وضع العلماء معادلة جبرية حول الشائعات، تقول أنّ قوة انتشار الشائعة تساوي أهمية الموضوع  مضروب في درجة الغموض الذي يكتنفه ، وقوة تزداد  تزداد عندما يكون لدى الناس رغبة في تصديقها ، حيث إنّ الإنسان يسرّه تكرار القصص التي تُحقّق شكوكه وتُعبّر عن مخاوفه، بل يشعر بالرضا عندما يسمعها ويُكررها، ما يعني أن الشائعة تلبي حاجة  عند الناس.
أحيانا يتاثر المجتمع كله ويخضع لقانون وحدة عقلية الجماهير فتتشكل كينونة واحدة ،ما يجعل الجمهور الواعي القادر على كشف الشائعة والتمييز بين الحقيقة والكذب جزءاً من الجماهير التي تتأثر بكل ما تسمعه ، كما يحدث في السودان اليوم  الكل ينساق خلف الشائعات لا فرق بين الجاهل المغيب  والمتعلم الواعي، ولذلك مصيبة البلد أكبر مما يتخيل الناس.

لمحاربة الشائعات يجب على الدولة توفير المعلومات الشفافة باستمرار وتفعيل دور أعلامها ليكون قريب من المجتمع وحاضر بالحقيقة عند  أي حدث وفي أي وقت،والاستعانة بالمؤسسات الصحفية الموثوق بها وعدم اخفاء الحقائق أو الكذب لأن الكذب في المعلومات أخطر من الشائعات نفسها.

ثانيا  لابد للناس من التعامل بحذر مع الاخبار والمعلومات و التحقق منها والتأكد من مصدرها خاصة حين تكون حساسة ومهمة و تؤثر على المجتمع ,،فمن أسباب إنتشار الشائعات استمراء نشر المعلومة الجاهزة والاستخفاف بالمعلومة المهمة، ومن المهم جدا تحكيم العقلى عند التعامل معها فهو خير دليل.
ثالثا ؛محاربة المواقع التي تعتمد على “النسخ والصق”  ونشر الوعي بين الناس، وهنا يجب أن يكون هناك دور للنقابات والمؤسسات الصحفية والإعلامية وغيرها.

واخيرا لابد من وجود  قوانين تحاسب  مروجي الشائعات والأخبار الكاذبة ويردعهم ، وربنا يحفظ البلاد من هذا السلاح الذي اصبح في يد كل مواطن ويجب الحذر منه.

اسماء محمد جمعة
[email protected]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..