مقالات سياسية

أسفي على شرطة السودان

خلف الله عبود الشريف

لقد ظل تاريخ الشرطة في السودان تاريخا مشرفا منذ انشائها في زمن الحكم الانجليزي الذي اتصف بانه حكم استعماري بناء، فقد وضع للسودان بنيات اساسية من الزراعة والخدمة المدنية والتعليم والجيش والشرطة ايضا.. وظلت  مؤسسة الشرطة تمارس عملها المقدس في حماية المواطن السوداني من الجريمة طيلة العهود الوطنية وتطورت الى ان نبغت في كشف اكثر الجرائم غموضا.. ولم تتلوث هذه المؤسسة حتى في عهدي الحكم العسكري (عبود ونميري) ولم تنحرف عن مهامها، حيث كان المعتقل السياسي يعامل باحترام من جانب الشرطة ويجد حقه في الدفاع عن نفسه، دون تدخل او اهانة من الاجهزة العدلية.. وكانت الشرطة تؤدي دورها المصاحب بكل مهنية وعرف معروف.. الى ان جاء هادم اللذات وهازم المسرات، عهد حكومة (الانقاذ) الاسود حيث عاثت جماعة الاخوان المسلمين فسادا في البلاد، لم يرَ العالم مثيلا له.. ولن اتحدث عن تدمير مرافق الدولة وافقار الناس وسرقة اموال واراضي السودان، فتلك قصة اخرى.. فكل ما  يهمني هنا هو التشويه الغريب الذي احدثه ذلك النظام الاخرق في جهاز الشرطة..

فبعد ان كانت مؤسسة الشرطة تحقق مهامها وبمهنية تامة في الماضي، صارت في عهد (الانقاذ) اداة لقهر معارضي النظام، ولم تكتف تلك الحكومة بقوات مكافحة الشغب لفض المظاهرات، بل اضافت اليها بقية القوات التي من مهامها الاساسية حماية المواطنين من المجرمين،  ليكون عملها الاساسي هو حماية نظام الاخوان  المسلمين الذي انتهك حياة السودانيين وعاث فسادا في مقدراته وسرق كل ما وصلت اليه ايدي منسوبيه الشرهين..

وصل الحد بشرطة السودان ذات التاريخ الناصع ان يتسرب اليها افراد كتائب الظل التي رباها  المجرم علي عثمان محمد طه، على القتل والتعذيب لحماية نظامه الاسود، فاثناء ثورة ديسمبر المجيدة ارتدت تلك الكتائب زي الشرطة لتمارس اقذر العمليات في قتل الشباب والتنكيل بجثثهم.

اشتهرت في السنوات الاخيرة منطقة السوق المركزي في الخرطوم بجرائم السرقة باستخدام السلاح، ولفترة طويلة، لم تظهر الشرطة في هذه المنطقة رغم استغاثة المواطنين المستمرة، والمعروف ان المجرمين الذين يعسكرون في السوق المركزي ياتون من منطقة في حي مايو القريبة من السوق قيل انه يسكنها (النيقرز) وهي العصابات القادمة من دول الجوار الافريقية والتي انتشرت جرائمها في السنوات الاخيرة..

اما اسوا آثار غياب الشرطة عن حماية المواطنين فهي جرائم الاعتداء على الاطباء والممرضين في المستشفيات من مرافقي بعض المرضى او حتى من افراد من الشرطة، كما علمنا، وبدلا عن ان يقوم افراد الشرطة بحماية الاطباء فان بعضهم يشارك في الاعتداء على الاطباء والممرضين.. حتى وصل الحد بالكوادر الطبية ان تعلن الاضراب، بسبب هذا الاعتداء المتكرر..

اقترح بعض الناشطين من الثوار اصحاب الوجعة ان يدافع المواطنين عن انفسهم واطبائهم بالعنف المضاد باعتباره حقا مشروعا للدفاع عن النفس في غياب حماية الشرطة او اي (قوات نظامية) للمواطنين والاطباء.. تلك القوات النظامية التي لم يكن لها عمل في فترة نظام الاخوان المسلمين  الا حماية النظام ورموزه، بل والتصدي بشراسة لاي مواطن يعلن رأيه في نقد النظام.

يرى الكثيرون الان، وبما انه تم الاستيلاء على مؤسسة الشرطة من قبل تلك القوى المعاديه للمجتمع.. فالواجب يتطلب  اولا تفكيك قوى الشرطة وبناءها من جدبد  وإعادتها إلى مكانها الطبيعي في خدمة المجتمع.. وفي نفس الوقت يتم تكوين قوى جماهيريه وشعبية تعمل على حماية المجتمع  تشرف عليها لجان المقاومة..

فالعنف الذي يمارس الان من قبل بقايا جماعة الاخوان المسلمين هو عنف مخطط وممنهج ولابد من ايقافه.

على اي حال فاننا نشيد بالقوانين الجديدة التي اصدرتها اخيرا حكومة السيد الرئيس حمدوك لحماية الكوادر الطبية وهي تقوم بدورها المقدس في انقاذ المواطنين ..  ونرجو ان تجنبنا هذه القوانين اعتماد المواطنين على انفسهم في حماية انفسهم.

خلف الله عبود الشريف
[email protected]

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..