
هل الدكتاتورية نزعة فردية أم صفة وراثية أم حالة اجتماعية سياسية؟ هل يصنع الدكتاتور نفسه بنفسه؟ أم هو محض مصادفة يخلقها عدد من الوقائع المترابطة يتحقق باجتماعها عنصر الطغيان؟ أم هناك من يصنعه؟ الإجابة عندي؛ هي إن الشعوب هي التي تصنع الديكتاتور!!
الديكتاتورية لا تقدر على صناعة نفسها، فالشعوب هي التي توفّر لها مستلزمات حضانتها ورعايتها حتى تستوي وتتمدد وتخنق الحياة من حولها، يتسلل الديكتاتور الصغير إلى السلطة بالصدفة، في غفلة من الجميع! إلى حياة الناس فيجد كل المكونات جاهزة: إعلام تافه وصفيق يُمكنه من إحِكام السيطرة على ما يُلقى في عقول الناس، إعلام يقوم بقلب الحقائق وتزييف الواقع الشاهد هنا أن تلفزيون السودان عقب مجزرة فض إعتصام القيادة بث برنامجي (خفافيش الظلام) و(الخرطوم تنتحب) لتسديد ضربة قاصمة بقوى الثورة التي يرونها عقبة كَأْدَاءُ في سبيل تحقيق حُلم ( الأسطورة) في حكم البلاد.
ثاني الأثافي النخب والمثقفين والإنتجلنتسيا المُدجِّنِيينَ يسهل شراء صمتهم تنشأ علاقة بينهم والديكتاتور “الأسطورة” تحكمها جدلية الخوف والطمع ومحيط من الانتهازيين، حياتهم مرتبطة باستمرار مأساة شعوبهم.
ثالثها وجود شعب خانع يستخف بقيمة الحرية يفضل من يوفر له بعض الغذاء وقليلاً من الأمن، تلتبس أحلامه بالأوهام؛ غير أن ارتفاع نسبة التعليم لا سيما إذا كان محتواه جيدًا، يعتبر تحديًا حقيقياً أمام أي ديكتاتور حالم! رأينا عقب فض الإعتصام كيف كان يظهر أسبوعياً المليونير حميتي بفضل أموال حرب (الوكالة) في اليمن في نشرات التلفزيون الحكومي يعلن تبرعه بتقديم خدمات المياه والصحة هنا وهناك، إلي جانب توزيع الأموال على رجال الشرطة لإعادتهم للخدمة في الشوارع و للعاملين في قطاع الكهرباء لإعادتهم إلى مواقع عملهم والمعلمين للعودة إلى مدارسهم، أو يوزع السيارات على نظار وسلاطين ومشايخ الإدارة الأهلية رشوة منه لتحسين صورته بعدما تنامت طموحاته وارتفعت من مجرد أداة منفذة للأوامر إلى مستوى صناع للأحداث، متناسياً أن الشعب السوداني وقواه الحية منذ اللحظة الأولى لفض الاعتصام قاوموا طموحاته بثبات يوماً بعد يوم فأقاموا المتاريس في الشوارع، نظموا الإضراب الشامل في البلاد، حشدوا لمليونيات الكرامة في 30 يونيو بمدن السودان المختلفة أعقبها تنديد عالمي قضى تماماً على أحلامه الزائفة!
ثمة شيء آخر يحتاجه الديكتاتور وهو الرعب؛ والذي يجعل بعض الناس أكثر حذرًا، وأكثر طاعة ولهم في هذه تقنيات متعددة منها إظهار الإستعداد للفتك والإيذاء. ما كان لأدولف هتلر البروز ك ديكتاتور من نمط خاص، لولا جهود وزيره غوبلز، والذي نسبت له “الغوبلزية” وهي الطريقة المُجربة لإنتاج الديكتاتورية؛ مضمونها لا قيمة للقتل إذا لم يحدث الرعب، ولا قيمة للرعب إذا لم يُعمم، ويُشهر، ويبالغ به، بحيث تُشل حركة المجتمع، وُتمزق أواصره. والشاهد اعتراف الناطق الرسمي باسم المجلس العسكري أمام الملأ بلسان مبين بأنهم التقوا وخططوا وتلقوا مشورة من النائب العام ورئيس القضاء لارتكاب (جريمة القرن) حيث قتلوا المعتصمين غدراً بدمٍ بارد، وألقيت جثث بعضهم في قاع النيل بعد إحكام ربطها بكتل خرسانية، واغتصاب العشرات وهنا يتضح جليا أنهم جاءوا لأداء رسالة وهي زرع الرعب في نفوس المعتصمين وتحطيمهم نفسياً وجسدياً ليسهل قياداتهم.
يبقى أمر واحد لاكتمال الصورة: أن يغيّر الديكتاتور رائه في نفسه و يصدّق كذب من حوله بعدما يرسمون له صورة زاهية بأنه المنقذ والمُخلص الأوحد، يترسخ في ذهنه أنه لم يعد ذلك الشخص البسيط الجهول متدني التعليم، محدود الذكاء والقدرات، وأنه حقاً “أسطورة” فيتوهم، أن في نزواته وشطحاته تحقيق أماني الشعب ونما البلد.
حرفياً قال حميتي ,, إن المجلس العسكري يملك تفويضاً شعبياً يخوله تشكيل حكومة تكنوقراط، بدلاً عن تسليم السلطة للمدنيين،، بعدما اعتلى موقع الرجل الثاني في البلاد على نحوٍ مفاجئ إذ تمت ترقيته إلى رتبة لواء ثم فريق ثم فريق أول وهي ِترقيته تقتصر علـى ضبـاط الجيـش النظاميين ممـن دخلوا الكلية الحربية العسـكرية! عدها ميزة تفضيلية واستثنائية ووضع خاص له فأصبح دولة داخل دولة بخبث وتوحش وذكاء، وهنا أسئلة ليست للإجابة عندما يصر ,,حميتى،، إصرار العجائز أن يصبح النائب الأول لرئيس مجلس السيادة على الرغم من عدم ذكر ذلك مطلقاً في الوثيقة الدستورية ماذا يعنى هذا؟ عندما يصر أن يصبح هو لا غيره الآلية العليا لإدارة الأزمة الاقتصادية ماذا يعنى؟ عندما يصر أن يكون رئيساً لوفد مفاوضات السلام بجوبا ولا يفقه في الأمر شياً ماذا يعني هذا؟ عندما يصر أن يصبح عضواً رفيع المستوى في المجلس الأعلى للسلام والذي لم يُنص عليه حتى في الوثيقة الدستورية ماذا يعنى هذا؟ عندما يصر أن يظل القائد الأول والأخير لقوات الدعم السريع لا ثاني له إلى شقيقه ماذا يعني هذا؟ عندما يزج المنافسين له بل من صنعوه (موسى هلال) في السجن سنين عددا دون محاكمة عادلة أو حكم قضائي نافذ أو الأفراج عنه معتبراً إرادته الشخصية هي القانون ماذا يعني هذا؟.
في روايته الرائعة خريف البطريك ,,يصف غارسيا ماركيز في ثنائية رائعة، جمعت بين وقائع حياة الجنرال المقززة والموسيقى الشعرية الرائعة، كيف تضخمت الآنا عنده:”بعد أن يطفئ البطريرك كل الأضواء في قصره ويلتحق بغرفة نومه وفي يده مصباح، يرى نفسه منعكسا على المرايا جنرالا واحدا، ثم جنرالين إثنين ، ثم أربعة عشر جنرالا،،…. تصبحون على وطن.
ابوهريرة عبدالرحمن
كاتب/مدافع حقوقي.
[email protected]
ابوهريرة عبدالرحمن
ما ذكرت عين الحقيقة و نضيف إلي ذلك أن أموال حميدتي ليس من الإرتزاق و حسب بل أيضاً من تهريب الذهب بعد إستخراجه من جبل عامر بدون وجه حق و غسل الأموال في مجموعة شركات
و الملفت للنظر أن بعض المجموعات التي إشتراها حميدتي لتلميع صورته تكتب بأسماء معلقين معروفين و مثال لذلك تمت كتابة تعليق بإسم المهندس سلمان إسماعيل بخيت على في موضوع منشور بالراكوبة تحت عنوان
محاولات تهريب قيادات الإنقاذ من معتقلاتهم . و ما جعلني أكتشف التزوير هو بذاءة أول مقطع في التعليق التي لا تشبه الرجل ولا تتماشي مع عمره . وفي نهاية تعليقه الممجوج و الفاضح كتب التالي
حميدتى منا ال السودان الجديد
حميدتى مكسب ولن نفرط فيه
يا حميدتى ماتنسى
خليك فى البيت وربنا يحميك من الكورونا .
إنهم فعلاً مصابين بداء متلازمة إستوكهولم أو منتفعين لدرجة قف
و لكن هيهات
فالقصاص قادم و لن نترك كل من أجرم في حق هذا الشعب العظيم .و علي رأسهم كل من شارك بالقول او الفعل او المشورة أو العلم بالتخطيط دون أن يتحدث بذلك لجموع المعتصمين .
ما كنا بنول الكلام دا يومياً تريباً في تعلياتنا أين كنتم ولم تساعدونا بالكتابة بتوسع في هذا الموضوع حتى تتوقف صحافة الظلنطحيين عن الترويج لهذه المناصب التي اتخذها البرهان وحميدتي لنفسيهما رغم أنف الوثيقة الدستورية بتاعة ساطع والسنهوري غاشيهم البرهان أنه بعي منهم وأنه كان مشاركاً مع مجموعة البعيين الذين دفنهم الأنجاس أحياءاً في مثل ذات ليلة القدر التي حولوها إلى غدر
ما كنا بنقول الكلام دا يومياً تقريباً في تعليقاتنا أين كنتم ولم تساعدونا بالكتابة بتوسع في هذا الموضوع حتى تتوقف صحافة الظلنطحيين عن الترويج لهذه المناصب التي اتخذها البرهان وحميدتي لنفسيهما رغم أنف الوثيقة الدستورية بتاعة ساطع والسنهوري الغاشيهم البرهان بأنه بعثي منهم وأنه كان مشاركاً مع مجموعة البعثيين الذين دفنهم الأنجاس أحياءاً في مثل ذات الليلة من رمضان ليلة القدر التي حولوها إلى ليلة غدر !
اين كاتب المقال خلال 30سنة من عمر السودان وعمر الدكتاتوريات الاسلامية التي استعبدت الناس وجعلتهم مثل الدمي علينا ان ننظر للامورية بعين المنطق والمعقولية وان نستفيد من القدر المتاح للحرية بالنقد البناء لا ان نكيل غضبنا للاخرين لاغراض…اذا كان حميدتي اعطي معلمين وموظيف مفصولين خيرا فعل فهو يكون قد رد الحقوق الي اهلها فهو خير من الذين بنوا بها قصورا لذويهم حولوها منفعتهم الشخصية.
بارك الله فيك يا أبا هريرة فقد أشفيت بعض ما في صدورنا و نحن قوم مؤمنون.
الدكتاتور يحتاج اعوان من المنافقين ليعضض به حكمه والمنافقين يعملون تحت مظلة دكتاتور لانه يعطيهم حماية من الملاحقة , والعلاقة بينها علاقةكعلاقة اللبلاب للشجرة . وكل طبال فى داخله لص
ينتظر التفعيل . والاحرار لايبايعون الدكتاتور حتى وان كان نزيها . وببساطه لانهم لايساومون على حرياتهم . والذى يساوم على الحريات يقبض الثمن وهو اباحة وسرقة المال العام .
لك عظيم الشكر والتقدير يا أبا هريره ،
على هذا المقال القَيِّم الرائع ،
الذى يجب تدريسه فى جميع المراحل الدراسية
فى السودان ،
لحماية الأجيال القادمة من تَسَلُّط و إستبداد
مجرم. ومعتاد إجرام مثل حميتى ،
ومثل الجنجويد الهمج ،
على منظومة الحكم فى السودان .
ولا نامت أعين المرتزقة والمنافقين والجهلاء .