مقالات سياسية

الثورة ماضية والتغيير أت رغم قتامة المشهد

زكريا ادم علي

عندما قامت الثورة وظفرت باقتلاع الاصنام من الجذور ودكت حصون الاحزاب التقليديه الباليه التي لا تتعدي طموحها سقوفات دورها وإرضاء القائمين علي امرها بالتوارث..او احزاب حداثيه اصطلح عليها باحزاب الفكه وهي الاخري لم تجود علي اتباعها بخروف السمايه ناهيك عن قدرتها علي قيادة البلد نحو ديمقراطيه مستحقه ومدفوعا ثمنها مهجا جاد ابناء وبنات هذا الشعب الراكز كالاوتاد التي لاتهزها عواصف وصروف الدهر……إنه شعب شهد علي جسارته شعوب وعوالم لا تعرف السودان الا من خلال ثورته وصمود شعبه امام عتاة القهر ومتعطشي إزلال الشعوب.

ميدان الاعتصام شكل لوحة فنية متفردة فكانت هي البوتقة التي انصهرت فيها كل الشعوب السودانيه بمختلف اعراقها ومعتقداتها واصبحت الانتماءات الجغرافيه ليست ذات معني في ظل شعور قومي متدفق من الاعماق.

إن تتحقق اللحمة القوميه والانتماء السودانوي في هذا الزمن القياسي قد اعطي ذلك شعورا قويا بمرونه التحول واستسهالا لامر التغيير الجوهري المرتقب والانتقال الفوري إلي فضاءات التغيير في معاش الناس دون كوابح والوصول بالاقتصاد الي القمه في فترة وجيزه خاصه وان الخطاب الثوري قبل التغيير قد اعطي الشعب امل الوصول الي الرفاه وطي ملف الكفاف والعوز التي تسبب فيه النظام البائد ولذلك كان الهتاف قويا ( تسقط بس ## ) .

الآن وبعد مرور اربعة عشرة شهرا علي سقوط النظام ومرور تسعة اشهر علي حكومة الثورة (الهجين) وتعثر الفترة الانتقاليه في تحقيق تطلعات الثائرين بدأ اليأس يدب إلي النفوس وعلي الافق تتبدي مظاهر القنوع غير المبرر…فهناك من راودته فكرة العودة الي الميدان في محاولة للدفع بإيقاع التغيير وإنتشاله من محطة السكون بمصطلح تصحيح المسار. ولكن هذه الفكرة مرفوضه لكونها تتعارض مع بشريات السلام التي باتت قاب قوسين او أدني . ففي السلام طمأنينه وأمان فضلا عن اللحمه التي يمكن ان تتحقق بالمحبة النابعه عن الرضا ونيل الحقوق.

هناك بعض الثوار ءاثروا الزهد والبعد عن منصات السياسة والانكفاء علي الذات في شكل شعور انهزامي وفقدان الثقه وتقذم الطموح نحو الآفاق …انها فكرة تبدو مجنونه وهي وسيلة القانعين واليائسين متخذي السبيل الخاطئ للهروب من الواقع.

******
* إن الثورة الحقيقية هي التي تهدف الي التغيير كحال ثورتنا. فالتغيرات العالمية الكبري لم تحدثها ميادين القتال كما بدأ يتشعشع في رؤوس بعض اليائسين . وانما الرؤي والافكار هي التي تساهم وبشكل مستدام في عملية التغيير .تلك الرؤي التي تضمن برامج تنمويه وفق المقدرات البشريه والامكانات الاقتصاديه المتاحه فبلادنا غنيه بثرواتها.

* السلام وحدة لايغير سلوك المجتمعات وانما بناء السلام ووضع الاسس المتينه لديمومته هي الوسيله المثلي لغرس بذور المحبه وتثبيت قواعد الامان النفسي الداعم للبناء الحقيقي.

* الزهد عن السياسة والبعد عن عوالمها لهي ردة عن موجهات الطبيعة وسلطانها فلا تستقيم تراتيبية الحياة الا بالانغماس في خضم معترك السياسة وتقليب صفحاتها وصولا الي ما يلبي حاجياتك للحياة بكرامه والاخذ بما يعينك للعمل بمعتقدتك وفقا لما يحض به الشرع لاعطاء الدنيا حظها بالمعروف غير المخالف. وللأخرة حقها بالمأمورات والنواهي دون تكلف.

* اما الانكفاء علي الذات لهو انعزال وانهزام عن معركه الجماعه الناهضه وبخل ينم عن تبلد الاحساس بالكل الناهض ببيئته ومجتمعه.

هكذا يبدو المشهد السياسي ونبض الشارع الذي يتحدث علي حالة الاحباط الذي انتاب نفوس بعض الثوار وشعورهم بخيبة الامل. أؤلئك الثائرون الذين ملأت احلامهم افق المدي الواسع للحياة وتلك التطلعات التي سبقت احلامهم قبل التغيىر، بعض المتعجلين اصاب صبرهم قصر نظر بما يشبه النفاد.

ولكن بأجراء تمحيص واقعي لمسار الثورة ومقارنتها بما سبقتها من ثورات سودانيه فإن تعثر الثورة يبدو بديهيا في ظل تراكم الفشل الذي صاحب تجاربنا منذ الاستقلال ..فالفشل نفسه هو من ألهم الثائرين علي الانقضاض علي اصنام الفشل ودكتها بمعاول من حديد ولكن المؤسف ان تلك الاصنام لها جينات قابله للانبات.كان الاولي استقراض بذورها من الاساس واعطاءها امصال العقم الى الأبد.

* حكومة الثورة ولدت ضعيفه او ربما طموح الثوار اكبر من ان تستوعبها برامج الوزارات كما تبدت بعضها بالضعف والهوان ووصف بعض المستوزرين بقله الكفاءة والخبرة علما بان ذلك ليس انقاصا لثوريتهم وحرصهم علي العبور .بالمرحلة تتطلب اجراء مراجعه سريعه وابعاد ضعاف الأداء من الوزراء وإبدالهم بوزراء قادرين علي مقارعة تحديات الفترة الانتقاليه بجموح الخبراء.

* الاحزاب القديمه ليست اهلا للثقه ولافكاك لها من سياسية المحاور الذي يرفضه جموع الشعب وبالتالي الضرورة نفرض نفسها علي تجمع المهنيين وقوي الحريه والتغيير ان يعيدا الترتيب وقراءة الراي العام والاستعداد لقيادة المرحله الانتقاليه وقطع الطريق امام الاحزاب التي ماعاد لها وجود شعبي خاصه وسط الجيل الصاعد ( شباب الثورة)

زكريا ادم علي عبدالرسول
[email protected]

‫2 تعليقات

  1. ((الاحزاب القديمه ليست اهلا للثقه….))!
    ولا الجديدة! ما عادت الحزبية الوسيلة المناسبة للنيابة لأن جموع شباب الثورة نصف الحاضر وكل المستقبل غير محزبين ولا يرغبون في ذلك وغير مقتنعين بجدية تمثيل الأحزاب للمواطن فهو تمثيل غير حقيقي واستهبال في استهبال ويبحثون عن وسيلة حقيقية وملموسة للتمثيل النيابي عن الأفراد والحقوق. فأما تمثيل الأفراد فكل فرد ممثل في منطقته تمثيلاً جغرافياً وأما تمثيل الحقوق الفئوية والمهنية فمن خلال اختيار ممثليهم من نفس الفئة أو المهنة فالمرأة كامرأة تمثلها امرأة والعامل والموظف يمثلهم عمال وموظفون مثلهم في حقوق الفئة والمهنة أو الحرفة هذه هي الحقوق الملموسة التي تكون الإنابة والتمثيل بشأنها وخلاف ذلك أمور غير منضبطة أو لا يمكن الإنابة فيها!!

  2. الشعب هو الذي يحدد من هو اهل للثقة،،الأحزاب كانت ولا تزال وستكون حاضره و موجودة عند قيام الانتخابات،،الشعب صاحب القرار،،ابو حريرة الوزير في الديمقراطية الأخيرة كان حزبيا،،وكان من افضل ألوزراء بشهادة غالبية الشعب ،،المطلوب الآن تحول الحركات المسلحة لأحزاب ديمقراطية،،الأحزاب الجديدة واعدة ومبشرة بتحول حقيقي،،و كذلك المستقلين بالرغم من أن الواقع العنصري والجهوي والقبلي الذي افرزه الكيزان سيكون حاضرا عند الاقتراع ،خصوصا في المناطق الطرفية،لذلك فمهمة الأحزاب الأساسية هي دمج المجتمعات والقضاء علي العنصرية عن طريق جمع الناس من القبائل المختلفة والمتصارعة في حزب واحد وهدف واحد ،،والفوز من نصيب الأصلح، حزبيا كان أو مستقلا، ،المهم ترسيخ الديمقراطية التعددية،وترسيخ مفهوم القبول بالاخر وتقبل الهزيمة ونتيجة الصندوق،،

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..