مقالات سياسية

كنتم في الكاميرا الخفية – لم تسقط .. وداعاً للسودان 

د. حامد برقو عبدالرحمن

(١)

في ١٢ مايو الماضي رحل الفنان المصري الكبير ابراهيم نصر بعد عطاء إستمر لأكثر من خمس عقود قدم خلالها العديد من الأفلام والمسلسلات والمسرحيات، ولكنه اشتهر بتقديم الكاميرا الخفية لأعوام عدة.

من أشهر أفلامه: (مستر كاراتيه) ، (حسن اللول) مع الفنان الراحل أحمد زكي. ,(شمس الزناتي) مع الزعيم عادل إمام و (العرضحالجي) مع الفنان الراحل فريد شوقي.

إلا أنه عرف بإبداعه في مجال الكاميرا الخفية.

(٢)

في ٣١ ديسمبر عام ٢٠٠٩ كتبت على منبر سودانيزاونلاين المقدمة التالية لمشروع سلام يحقن دماء السودانيين و ذلك بقيام إتحاد فيدرالي بين الشعوب السودانية المقهورة:

((مع عميق اعتذاري للخيريين من ابناء الوسط و الشمال الذين سعوا مع اخوانهم من ابناء و بنات الهامش لجعل السودان بلدا يستوعب الجميع و لكن بلا جدوى.

و ذلك لإنعدام القواسم المشتركة بين الهامش و بعض ابناء الوسط و الشمال النيلي.

رغم ان دمائنا رخيصة عندكم الا ان دمائكم عزيزة و غالية و محرمة علينالذا من الافضل ان نعيش نحن في دولتنا الفدرالية التي يتساوى فيها الناسعلى ان نعاهدكم بحسن الجوار .

حقناً للدماء ارجو ان تتفضلوا بمباركة قيام كيان فدرالي على حدود 1\1\1956 بين جنوب السودان و دارفور و جبال النوبة و جنوب النيل الازرقو الشرق.

 ليس مهما اي اسم يختاره الشعب على دولته لكن المهم ان يكون اتحاداً فيدرالياً  و دولة المساواة و القانون.

لله وحده الحمد قد نال شعب جنوب السودان الحق في تقرير مصيرهاذا تبقى على دارفور ، شرق السودان ، النيل الازرق و جبال النوبة.

لا نطلب و لا نتوقع منكم التعاطف معنا امام ما يرتكب بحقنا من قتل و حرق.

كما لا نلومكم على الغضب الذي يبدو عليكم عندما ترون المنظمات التي تحمل الغذاء و الدواء الي أهلنا المشردين في الهامش ،ببساطة لا يوجد من جانبكم وجدان مشترك تجاهنا.

فإلي دولتنا الفدرالية و هنيئا لكم السودان بشكله المتبقى)). إنتهى الاقتباس!!

(٣)

ذلك ما كتبته في ديسمبر ٢٠٠٩ و هاجمني بسببه الكتيرون و خاصة من المناضلين الشرفاء ظناً منهم في إرتدادي عن السودان الجديد الذي حلمنا به لسنين عدة.

 إلا أننا و بعد مرور أكثر من عام على نجاح الثورة السودانية ؛ للأسف فإن كل المعطيات توحي بتشظي الوطن الي دويلات متحاربة.

أليس الكيان الفيدرالي بين شعوب الهامش أرحم للجميع؟؟ 

(٤)

جاء في الاخبار أن زوجة الرئيس المخلوع عمر البشير تقيم في غرفة مجهزة بكامل وسائل الراحة من التكيف و غيره بسجن النساء. بالتأكيد انها تدير امبراطوريتها التجارية و التي من دماء و عرق الغلابة من مقر إقامتها ذو الخمس نجوم.

وهو ليس بالأمر الوحيد إلا أنه مؤشر قوي يضاف الي مؤشرات أخرى كثيرة على عدم سقوط نظام البشير .

(٥)

أن أخطر ما افصح عنه الادعاء بالمحكمة الجنائية الدولية بعد إعتقال علي كوشيب هو وجود مذكرة اعتقال أخري و سرية بحقه . و هذا يعني وجود مذكرات مماثلة غير التي صدرت بحق السادة عمر البشير، عبدالرحيم محمد حسين و احمد هارونو لا يستبعد أن يكون السيد البرهان نفسه ضمن المذكرة التالية و ذلك لخدمته بدارفور أبان ذروة العمليات العسكرية هناك.

رئيس مجلس السيادة و الذي في الأصل هو رئيس المجلس العسكري انتقالي قد أعلن صراحة في لقائه بالمنظومة الأمنية رفضه لتدخل البعثة الأممية في ملفي المحكمة الدولية و حقوق الإنسان. و هما اهم ملفين يستوجبان المساعدة من قبل البعثة الدولية ؛ للانتقال بالسودان الي وطن معافى يسع جميع بناته و ابنائه في مناخ ديمقراطي مزدهر .

(٦)

بتحكم النظام المتخفي ( و ليس البائد) لمفاصل الدولة و سيطرة منظومته الأمنية على القرار السيادي ؛ هل كنا في ضيافة الكاميرا الخفية؟؟

من يمنع تشظى الوطن الي دويلات ( لا سمح الله) ؟؟

د. حامد برقو عبدالرحمن
[email protected]

‫6 تعليقات

  1. مقال فيه معلومة وفكرة وتسآؤل شكرا للكاتب.
    لكن فكرة الثورة هي عقلية جمعية متضافرة تسند نفسها وتصححها وتتحدى الاهوال ..اذن النصيحة هي لاتنشىروا الياس والاحباط

    1. اخي محمد اسلّام
      لك التحية
      قصر نظر الساسة وراء كل المصائب منذ ما قبل الاستقلال حتى تاريخ يومنا هذا .

      نقول معك؛
      نسأل الله العافية لبلادنا و للناس اجمعين

  2. ألم يتشظى السودان بعد؟ سكان دارفور عند انتواء السفر للخرطوم يقولون إنهم مسافرون للسودان وعند العودة لا يخفون القول بأنهم كانوا في زيارة عجلى للسودان. الخرطوم الحاكمة لازالت في غيها القديم ولن تنساه أبدا .فهي لازالت تعتقد أن القبضة الأمنية والعسكرية ستحسم لها رؤى الهوامش القاضية بتقصير الظل الإداري وشئ من الإستقلالية فيما يخصها حقيقة لا قولا أو تزييفا. فمن أرد العلاج أو السفر عليه التوجه للخرطوم. بل إن الخرطوم لازالت تسمى أفشل مواطني السودان لإدارة الولايات الأخرى. الخرطوم الحاكمة فاقدة للبصيرة وهى تدعى أن الخرطوم محل الرئيس ينوم والطيارة تقوم ولكن الرئيس في الخرطوم لن يكون مرتاح البال في نومه إذا لم يذعن ويستجيب لمقتضيات التطور ويفكر خارج الإطار الذى ألفينا عليه الأولين من ساستنا منهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر الشعب السوداني اختفاءه عن المسرح غير مستعجلين لأجل الله حيث لكل أمة كتاب معلوم. الهم عميق في مصير السودان أو هكذا يجب أن يكون الحال فالإنقاذ بعد أن سرى عليها ناموس الوجود لايزال بعض عناصرها تحلم بالعودة وكان التاريخ توقف عندهم فالفشل الذى أوقعوا فيه السودان وأورثوه من العلل ماشاء لهم عجزهم الفكرى يجعلهم لا يعلمون فداحة الخطر الذى يقف عليه السودان اليوم بعد زوالهم. ولعل وجود كوشيب في ردهات الجنائية الدولية هو أكثر ما يقلقهم فلم يحلموا بذلك في أسوأ كوابيسهم. إن السيد كوشيب لن ينسى أبدا فبعد استغلاله المشين في ارتكاب أعمال إجرامية يندى لها الجبين الإنساني أو هكذا يقال ، حاولوا التخلص منه وإخفائه إلى الأبد بلغتهم المعهودة ( فسحوه) أو أقتلوه ونسوا الله فأنساهم أنفسهم. لن أجزم يتشظى السودان وبنفس القدر ليس هناك ما يبشر ببقائه موحدا فالدعوة إلى صيغة للتعايش تبدو نداء تذروه الرياح حيث لا مستجيب ولا صدى وصيغة الحكم الحالية لا تستجيب لدواعي التغيرات التي شهدها السودان منذ الاستقلال حيث ظل بعض المواطنين أكثر حظوة من غيرهم فمثلا دوائر الخريجين ماذا تعنى فهي لا اكثر من مواطن له حق التصويت مرتين واخر محروم من هذا الحق. وعلى مقولة جورج اورويل الشهيرة(all animals are equal but some animals are more equal than others ) بم نفسر أن يكون رئيس الدولة السودانية على رأس لجنة محلية أو ولائية لشأن ما مثلما حدث مع شريان الشمال. وأمثلة أخرى عديدة.. لا نلوم اية نخبة جغرافية مهما كان دورها ولكن كل العيب والمآخذ تنصب على دوائر الحكم والساسة عسكرا كانوا أو مدنيين حيث لا يقيمون وزنا لأمر العدالة والمساواة في الوطن وبذلك لا يمكن أن يكون هناك ما اسميته بالوجدان المشترك الذى لا يكون وليد الصدفة بل نتاج عمل مقصود وممنهج تربويا لتنشئة الأجيال عليه.. فمذابح دارفور أو جبال النوبة أو النيل الأزرق والممارسات اليومية في شوارع العاصمة أو مؤسسات الدولة فيها لا تنبئ عن ذلك الوجدان. بل وفي أقصى تجلياتها تعمل على هدم الموجود منه. وليتها تقف عند ذلك ولكنها تمضى في الإنتشار بين عامة الناس لتصبح ثقافة تمارس دون النطق بها. حكى أحدهم بأنه يسكن شرق النيل وساله أحدهم ذات يوم بعد أن تتقابلا كثيرا في المسجد والسوق ومجلس الأباء وقد لاحظ انضباطه .. بالمناسبة دى انت من وين يا أخو قال له من دارفور فاهتز الرجل واقفا وبدون تريث قال:: يا أخى ما معقول..إنظر إلى ما يكتب اليوم عن نجوى قدح الدم رحمها الله هل ينبئ عن وجدان مشترك وقد رحلت تلك السيدة. لسنا في الكاميرا الخفية إنما تحت ضوء ساطع جدا يميز بين المواطنين…سفير في وزارة الخارجية تقابل لأول مرة مع زميله من أم أولاد أدرمان في المصعد فساله عن إسمه وكان يضم ( أبكر) من مكوناته فانتفض الرجل قائلا والله ناس دارفور كترتو في الخارجية وهم لا يتعدون أصابع اليدين بينما هناك الأخ والأخت وأخت الزوجة وأخ الزوج وزوج البنت وإبن الأخت لنهاية هذه الشبكة وهناك من عمل في محطة واحدة من درس بالبلاد وتعين في السفارة حتى بلغ درجة السفير و أحيل إلى التقاعد وهو في ذات المحطة لم يغادرها.. وآخرون كثر غيره. العيب في السيستم الذى لا يعالج هذه الحالات درءا لنشوء مصالح ذاتية والسيستم طبعا يضعه من بيده القلم ومصالحه حاضرة كما ونوعا… والله المستعان

  3. (الا أننا و بعد مرور أكثر من عام على نجاح الثورة السودانية ؛ للأسف فإن كل المعطيات توحي بتشظي الوطن الي دويلات متحاربة.)……
    يا اخونا فترة عام ليست كافية للحكم على فشل الحكومة الانتقالية و لازم مزيد من التفاؤل و نحلحل مشاكلنا بهدوء وبدون استعجال عشان يكون الحل جذرى…منو القال ليك الجنوبيين مرتاحين بعد الانفصال بالعكس هم محتاجين يكونوا ضمن السودان الواحد الموحد لان الموارد فى السودان موزعة وكل منطقة محتاجة للاخرى…مثل هذا الكلام المحبط ليس هذا وقته و دعونا نصبر ونشوف الحلول للنهاية.

    1. وجهة نظر مؤلمة و محترمة .

      إن من شارك بصمته عندما انفصل الجنوب لا يستطيع منع إنفصال جديد . صمتوا حتي احترفوا الصمت و كثيرون منا إنفصلوا بذواتهم عن أوطانهم

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..