العدالة.. في زمن الثورة !

في لقاء الاستاذ لقمان مدير التلفزيون مع ثلاثة من اعضاء لجنة التمكين وهم الاستاذ صلاح مناع والاستاذ وجدي صالح والاستاذ طه عثمان ، وهو اللقاء الذي تمخضت عنه بلاغات ضد مقدم البرنامج والمشاركين فيه ، لفت انتباهي حديث للاستاذ طه عثمان رداً علي سؤال مقدم البرنامج عن عمل لجان التمكين في الولايات … رد الاستاذ طه ( تم تكوين لجان ازالة التمكين في كافة الولايات ولم تبدأ عملها بعد وسيتم ذلك بعد أداءها للقسم) …وسبب هذا الالتفات أن أعضاء لجان التمكين المركزية لم يؤدوا القسم بمن فيهم ضيوف البرنامج الثلاثة … وللأسف الثلاثة من أبرز أعضاء لجنة ازالة التمكين ومنهم اثنان يعملان بالمحاماة ولا اظنهم يجهلون القاعد الفقهية والقانونية والشفافية المطلوبة في أداء القسم وبالطبع لا يجهل الثلاثة أنهم يعملون دون اداء للقسم. .. وهنا لا اذيع سراً أن ( انسحابي ) من احدى لجان لجنة ازالة التمكين تم بعد اصراري على ان تؤدي لجنة ازالة التمكين القسم بمن فيهم اعضاء مجلس السيادة .. ووعدني الاساتذة في اللجنة بترتيب اداء القسم وكنت قد طلبت مقابلة السيد محمد الفكي عضو مجلس السيادة لأجل هذا الأمر ولكنه لم يتسع وقته لمقابلتي … أو أنه لم يرغب في هذه المقابلة … ويوم اعلانه عن ممتلكاته اتصلت به دون جدوى لاقول له إن هذه ليست مبادرة يقوم بها البعض لتسقط عن الباقين .. وابراء الذمة للموظف العام وفقاً للقانون هو اجراء ونص قانوني على كل المشمولين القيام به طوعاً وبشفافية تامة وعلى الجهات المسؤولة التوجيه والتأكيد على صحة الابراء هذا ، خاصة في الفترة الانتقالية ،تنفيذاً لشعارات الثورة ( حرية سلام وعدالة )..
ربما سقط سهواً ايقاف نشاط اعضاء اللجنة الذين قيدت في مواجهتهم بلاغات جنائية، و لعله ليس عمداً، وهذه مناسبة للتذكير بالقاعدة القانونية والاجرائية التي تتطلب ايقاف الموظف العام المتهم من العمل حتى انتهاء التحقيق حتى لا يؤثر على سير العدالة ، وفي حالة توجيه اتهام يستمر الايقاف حتى انتهاء التقاضي و صدور الحكم … وذلك حرصاً من المشرع على حسن سير العدالة والشفافية .
لازلت عند قناعتي بأن لجنة ازالة التمكين مطالبة بالشفافية والافصاح عن ممتلكات عضويتها عبر استمارة ابراء الذمة امام جهة قانونية ، وهذه اللجنة وقانوناً يجب عليها اداء القسم بصيغة قانونية وعلناً امام الجهات الرسمية ، وايضاً اداء القسم لفروع اللجنة في الولايات.
إن سيادة مبدأ الشفافية في اعمال اللجنة يتطلب الاذعان لسلطة القانون والوثيقة الدستورية .. وربما جاءت تعديلات القانون بعد ثلاثة اشهر من اجازته دليل واضح على الكلفتة والاستعجال وتضارب الصلاحيات وتداخلها مع الجهاز التنفيذي .. وربما جاءت اولوياتها انتقائية ولا يعلم احد مصير ملفات خطيره في البترول والقمح والقروض والبنوك وبنك السودان و في الاراضي .. والشركات الحكومية والرمادية وشركات واستثمارات القوات النظامية .. وكيفية تعامل اللجنة مع هذه الملفات ؟
كونت هذه اللجنة بقرار وقعه السيد رئيس مجلس السيادة برئاسة الفريق اول ياسر العطا والاستاذ محمد الفكي وهم اعضاء في مجلس السيادة ، وعليه ربما لم يتضح حتى الآن هل اعمال لجنة ازالة التمكين اعمال سيادية ام تنفيذية تحت اشراف الحكومة الانتقالية …
كما ان سلطة الاستئناف لقرارات اللجنة غير واضحة ، ولم يكن واضحاً في القانون نهائية قرارات لجنة التمكين واستئناف هذه القرارات .
اللجنة في عضويتها مكونة من اعضاء في مجلس السيادة ومن مجلس الوزراء واعضاء من المجلس المركزي للحرية والتغيير فلمن المرجعية ؟ وما علاقة سلطة النائب العام المستقلة بهذه اللجنة ؟ ودور السيد وزير العدل، وفوق هذا صلاحيات السيد رئيس الوزراء ؟ وهل هناك تعارض او تداخل او ازدواجية بين قانون ازالة التمكين والمرسوم رقم (٧٠) الذي حدد مهام الحكومة الانتقالية و اختصاصات الوزارات المختلفة؟ العدالة ليست تنفيذ القانون فقط ، و انما فى صحة و نزاهة الاجراءات ،لا يمكن لمن لم يؤد القسم و ربما يطالب بتحصين نفسه من المساءلة القانونية ، و يسعى الى تجريم انتقاد اعماله ان يوصف بالنزاهة و الاستقامة .
قلت لى صلاح قوش مهد و فتح شارع القيادة للثوار؟!
حيرتونا يا ناس الهبوط الناعم.
يا سبحان الله! هل كان هذا المحلوق الحاقد معارضاً للنظام البائد أم كان عميلاً وجاسوساً له في أوساط المعارضة؟ ياخي ما كل هذا الحقد الدفين على اللجنة لمجرد استردادها للمال العام وممتلكات الدولة وإن كان أصحابك أو قرايبك الأنجاس الذين خانوا الأمانة ونهبوا حقوقنا بسلطة الدولة فلماذا لا تطعنوا ضدها في المحاكم حنى وإن لم تكونون متأكدين من صحة هذا الاجراء! هل منعكم أحد؟
غير أن الأمر بخصوص لجنة التفكيك والإزالة يرجع لقانون تفكيك نظام الإنقاذ وهو قانون أجازه المجلس السيادي ومجلس الوزراء في السودان في 28 نوفمبر 2019، ويقضي بتفكيك نظام الرئيس السابق عمر البشير وإزالة تمكين حزب المؤتمر الوطني الذي حكم السودان لمدة 30 عاما وأبرز نصوصه تكوين لجنة باسم “تفكيك نظام الإنقاذ” مقرها مجلس الوزراء يرأسها أحد أعضاء مجلس السيادة.
وعليه وحيث أن هذا القانون المنشيء للجنة التفكيك والإزالة صادر من المجلس التشريعي المؤقت (الاجتماع المشترك لمجلسي السيادة والوزراء) بطريقة دستورية إلا أن عيبه أنه لم ينص صراحة على الجهة التي تختار رئيسها وأعضائها، حيث اكتفى فقط بصفة من يرأسها أي اللجنة المركزية القائمة الآن وأهمل كيفية تكوين اللجان الإقليمية، علماً بأنه لا يتوفر العدد الكافي من أعضاء مجلس السيادة لرئاسة كل هذه اللجان! ولعل هذا هو السبب في عدم قيامها حتى الآن. بالنسبة لعدم تسمية الجهة التي تختار رئيس اللجنة يبدو أنهم تركوا لمجلس السيادة (وليس لرئيسه وحده) اختيار العضو السيادي الذي يرأس اللجنة المركزية التي مقرها بمبنى رئاسة مجلس الوزراء كما نص القانون بينما اختار المجلس المركزي لقحت باقي الأعضاء.
أما عن بدء عمل اللجنة وطريقته فلم ينص القانون المنشيء لها على أداء القسم قبل مباشرة العمل ولا أهمية لذلك لأن القسم حتى وإن تم النص عليه لا يعتبر شرطاً لصحة أعمال اللجنة وإنما هو شرط ولاء للجهة التي شكلتها وكما علمنا فليست هناك جهة واحدة هي التي شكلت اللجنة.
أما من حيث نهائية قرارات اللجنة فلم ينص القانون المنشيء على ذلك، لكن وبما أنها لجنة إدارية أو حتى شبه قضائية، فإنه يجوز فحص قراراتها قضائياً حسب القواعد العامة التي تمنع استبعاد حق اللجوء للقضاء بشأن المساس بالحقوق الخاصة غير أن هذا غير وارد في عمل هذه اللجنة التي ينحصر عملها فقط في ممتلكات الدولة التي استولى عليها أفراد وهم في سدة السلطة والمسئولية كموظفين عموميين ولولا الوظيفة والسلطة السياسية لما تمكنوا من الاستيلاء على ممتلكات الدولة وحولوها لمصالحهم الخاصة أصلاً والدليل على هذا لم يتقدم أيٌ منهم بالطعن قضائياً ضد اللجنة، بل وكان يمكن وما زالت فرصة محاكمتهم بجريمة خيانة الأمانة من موظف عام علاوة على الاسترداد.
قانون