
كل التحولات الكبرى التي تحدث بالدول عقب الثورات الشعبية أو بعد نجاح الحركات التحررية اوحتى مابعد الإنقلابات العسكرية تحتاج لإصلاحات تزيل الأنقاض المعنوية والمادية عن طريق آليات التغيير..لينمو الغرس ببئة صالحة وخالية من (البودة والعدار والسعدة )وكل الطفيليات و الاعشاب الضارة بنمو غرس الوطن..
وبمثل تلك الظروف الموضوعية تصير مؤسسات ماقبل التغيير حصان أعرج لا يقوى على حمل تطلعات الجماهير ومتطلبات أحداث التغيير . وبما أن القواسم المشتركة المطلوبة عند كل حركات التغيير مرتبطة بتحقيق الحرية والسلام و العدالة والتنمية يصير من الضرورى توفير أدوات تحقيقها .. التى تحقق الموائمة بين ثارات الدم وحمائم السلام.. بين إزالة غبن الظلم فى عهد الظلام عبر بث الوعى للتوافق بالقناعة والرضا والظفر بأجر الله الواسع بصلح هو خير.. أو قصاص يكون حياة… ونضج إدارة التعامل بمجال يعج بشياطين الشر وشح النفوس ومخاطبة نزعات إحياء قيم الخير،وفلاح التزكية ووضع الوطن على طريق إستدامة السلام رهين بوضع كل دولة لتصنع ما يتوافق مع وضع ما قبل التغيير بكل جوانبة خاصة الأمنية لإرتباطها بهدف السلام ..والسياسية لإرتباطها بأدوات التغيير وتطلعات الجماهير ..والإجتماعية لعمق تغلل تركيبتها وقيمها الدينية وأعرافها بمجمل كل الأمور..لذا يجب أن تكون آليات عمل التغيير مراعية لكل هذه الجوانب..
فلجنة الحقيقة والمصالحة التى تم تكوينها فى جنوب أفريقيا ، أثناء رئاسة نيلسون مانديلا للبلاد حيث وصل إلى السلطة في سياق تحول ديمقراطي لإنهاء نظام الفصل العنصري وهيمنة الأقلية البيضاء في جنوب أفريقيا وكان الهدف الرئيسي للجنتة «الوصول لمصالحة وطنية بين الضحايا والجناة» بعد تحديد جميع انتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبت وذلك وفقا لقوانين العدالة الانتقالية التى شرعت .
ولم يكن غريبا أن يكون رئيس لجنة الحقيقة والمصالحة كبير الأساقفة دزمون توتو..وضمت شخصيات وطنية مرموقة من المؤكد انها راعت فى تمثيلها مدى مقدرتها وقبولها من تركيبة مجتمع الدولة ..
وحتما هى أسما ورسما تختلف عن هيئة الإنصاف والمصالحة بالمغرب.وهي لجنة وطنية مغربية للحقيقة والإنصاف والمصالحة، كونها الملك محمد السادس سنة٢٠٠٤ لتحقيق المصالحة حول انتهاكات حقوق الانسان التى حدثت بالمغرب منذ الاستغلال ومرتبطة بانتهاك الحقوق السياسية والأخفاء القسرى..و الإعدامات خارج إطار القانون.. وكان رئيسها بن ذكرى المعتقل السياسى لأكثر من سبعة عشر عاما خلال تلك الفترة.. ومعه بعضويتها سبعة من كبار المتأثرين بالإعتقالات السياسية خلال تلك الفترة..
ويعتبر نموذج سيراليون للعدالة الانتقالية الأكثر شيوعا في القارة الإفريقية، ولعل أهم ما يميز عدالة ما بعد سيراليون ، وجود العدالة الجنائية الدولية كآلية موازية، ممثلة في المحكمة الخاصة لسيراليون التي ساهمت من خلال مجموعة من الآليات في تكريس مفهوم العدالة ..
كل هذه النمازج وعشرات غيرها كونت لمعالجة الآثار الفظيعة الناتجة عن الانتهاكات التي وقعت بعهد نظام سابق.
ويطالب ضحايا هذه الانتهاكات بمعرفة الحقيقة حول ماجرى فالنزاعات لا تنتهي إذا لم تحصل مصارحة وإذا لم يتم تحديد الحقيقة والمسؤوليات ومحاكمة المسئولين، وجبر الضرر للضحايا ولتحقيق فكرة العدالة الانتقالية أثناء فترات الانتقال السياسي ،
لابد من تبني مجموعة واسعة من الاستراتيجيات المتنوعة لمواجهة إرث انتهاكات حقوق الإنسان في الماضي بهدف خلق مستقبل أكثر عدالة ويرتبط هذا الأمر بمحددات كثيرة تختلف من دولة لأخرى..ولدينا الآن بالسودان مرحلة إنتقالية قامت على أنقاض نظام شمولى مستبد طال أ مد حكمه وكثرت الانتهاكات خلالها لحقوق الإنسان.. فى الحياة وفى العمل وفى الحقوق المتساوية وفى المواطنة وفى حرية الرأى والكرامة الإنسانية..
وفى هذا الشأن توجد مئات التقاريرالموثقة وملايين الضحايا ..ثم أتت فضيحة مجزرة فض الاعتصام إمتدادا لإرث فالترق كل الدماء.. لتعمق جراح المرحلة الانتقالية بما أحدثته من تعقيدات بحكم الإشارات الموضوعية لمشاركة المجلس العسكرى الإنتقالى بالجريمة أو بالتماهى مع حدوثها لأنها تمت بقوات ترتدى ذى قوات نظامية مختلفة تحت إمرته .. وحدث ما حدث.. بحرم داره..
لذا يكون من الضرورى توخى أقصى درجات الحكمة والإتزان ومراعاة إرثنا الباهر فى هذا الشأن المتمثل فى الجودية كمصطلح سودانى فخيم.يتم عبره القيام بعمل عظيم يحقق العدل ويؤمن العقابيل..وما أحوجنا الآن للجان جودية سودانية تحقق طموح الشهداء بالحرية والسلام والعدالة والتى سكبت دمائهم الطاهرة مهرا لها وحتما من كان وراء هدرها ..قوى شر لا تريد لشعارات الثورة أن تتحق ولا للوطن أن يستقر.. ففى القصاص من بعض جناة قوى الشر حياة بوزن الجرم .. والصلح خير فى إطار الحقيقة والمصالحة والخيارات البديلة لبعض الجناة لأجل حياة الأمم.. فعظم الأمر يحتاج لجودية سودانية باهرة… بقدرة قامة الثورة الظافرة.. وقيمة العدل العظيمة .. وطموح السلام المستدام…
ماذا يفيد الوطن..والثورة المجيدة
وعشم الشعب بالحياة السعيدة
اذا علقت كل الرؤوس البليدة
على عيدان المشانق
وأنبتت من تحتها للشر
آلاف الشرانق
لتفتح نوافير دماء جديدة..
ماذا يفيد الشهيد
وأم الشهيد ..وأخت الشهيدة
دعونا من بين انيين الفراق
ومر دموع الحزن
نكفكف دمع الوطن.
لأجل دماء الشهيد
ندوزن لحن النشيد
العظيم المجيد
حرية سلام وعدالة
لن نساوم لن نحيد
.مدنية خيار الشعب الأكيد.
عادل محجوب على.
[email protected]