
ظل سعر الدولار في السوق الموازي في ازدياد مضطرد حتى تجاوز حاجز المائة وخمسين جنيهاً؛ وفي المقابل تضاعفت أسعار السلع الضرورية في السوق السودانية؛ حتى عجز الناس عن شراء حاجياتهم اليومية بما في ذلك الدواء والغذاء. وفي هذا الأثناء خرج علينا الفريق أول محمد حمدان دقلو، نائب رئيس المجلس السيادي، ورئيس اللجنة الاقتصادية بمقولته التي تداولتها وسائط التواصل الاجتماعي حيث قال سعادته: ” معركتنا الجاية مع الدولار، يا رميناهو يا رمانا”!
أولا نقول إن الصراع مع الدولار لن يكون بالكلام بل بالإنتاج؛ علماً بأن هذا المارد قد رمى جهات وحكومات كثيرة في محيطنا الإقليمي، ولا تزال بعض دول المنطقة في صراع معه حتى أصيبت بالشلل التام من ضرباته القاضية، ولم تفلح في كبح جماحه؛ نظراً لأنها تفتقر للأدوات اللازمة لخوض المعركة التي أشار إليها سعادة الفريق بكل حسن نية أو ربما عفوية معهودة في هذا الرجل.
يا سعادة الفريق إذا كنتم تنوون خوض معركة مع الدولار فعليكم أولاً بإعادة النظر في طريقة تعامل الحكومة الانتقالية مع الوضع الاقتصادي برمته، فهي ليست مشغولة بتوفير مدخلات الإنتاج ومعالجة التضخم، بل شغلت نفسها والشارع كله بقضايا انصرافية يقصد بها إلهاء الشعب حتى تصفي “قحت” حساباتها مع خصومها بطرق يشوبها قدر عال من التشفي وعدم مراعاة العدالة.
من جانب آخر ناشد سعادة الفريق المواطنين قائلاً: “أي زول عارف ليهو زول داسي دولار يبلغ عنه”! يا سعادتك الجهات التي تشتري الدولار لا تدخله السودان مطلقاً، وهؤلاء تماسيح أو حيتان كبار مستعدون لبلع السودان كله بدون ماء؛ ولذلك لا يخيفهم مثل هذا الكلام ولا حتى يعنيهم في شيء، بيد أنه قد “يوخوخ” للسريحة فيختفون من شارع الجمهورية ريثما يعودون مرة أخرى.
ومن يريد كبح جماح الدولار عليه الاستعداد للموسم الزراعي القادم، وتنظيم صادر الثروة الحيوانية وتوفير الرعاية البيطرية والأعلاف وكل ما يلزم في هذا الصدد، والاهتمام بالمنتجات الأخرى خاصة الصمغ العربي والسمسم، ووقف تهريب الذهب عبر مطار الخرطوم والمطارات التي يهرب منها المعدن الأصفر مباشرة من مواقع الإنتاج إلى خارج البلاد بطائرات خاصة وعلى عينك يا تاجر وربما بعلم بعض الجهات الرسمية ذات الصلة. خلاصة القول إن الكلام ليس هو السلاح المناسب لخوض معركة مع الدولار، وأصلنا واقعين بلا أدنى شك، إذا لم نعمل من أجل أنتاج حقيقي عبر منظومة متكاملة وقائمة على أسس علمية مدروسة.
محمد التجاني عمر قش
ياكوز طبعا تكون تحولت من مؤتمر وطني إلى مؤتمر شعبي؛ تجار الدولار هم الكيزان