قراءة وتحليل لمحفظة السلع الإستراتيجية (3)

الهادي هباني
للاطلاع على الجزء الأول من المقال فضلاً اضغط هنا
سابعا: هنالك بعض الجوانب أخري تشكل مخاطر حقيقية وردت في المحفظة نشير إليها فيما يلي:
- تقوم العلاقة بين البنك المدير والمساهمين على أساس عقد الوكالة أو المشاركة أو المضاربة المقيدة بين المساهمين الذين يمثلون (رب المال) والبنك المختص الذي يمثل (المضارب). وهذه العقود الإسلامية بحكم فقه المعاملات عقود غير مضمونة بمعني أن الوكيل أو الشريك أو المضارب لا يتحمل الخسارة بالكامل في حالة (الوكيل + المضارب) ويتحملها بقدر نصيبه في عقد المشاركة فقط والذي يمثل في المحفظة المقترحة 10% فقط. وبالتالي تصبح حقوق المساهمين ومن بينهم بنوك تساهم بأموال المودعين والناس العاديين غير مضمونة كغيرها من ودائع العملاء في البنوك وفقا لنظام الصيرفة الإسلامية باعتبار أن رأس المال وفقا لفقه المعاملات الإسلامية لا يجوز ضمانه وفقا للقاعدتين الفقهيتين (الغُنمِ بالغُرمِ) و(الخَرَاج بالضَمَان). وحتى صندوق ضمان الودائع المصرفية الذي ابتدعته الإنقاذ وكونته كتكييف شرعي لضمان ودائع العملاء لم ينجح ولا يضمن ودائع العملاء ولم يسبق له أن عوض أحد العملاء. وبالتالي في مثل هذه المحافظ والصناديق لابد أن تتعهد حكومة السودان بموجب قانون وليس قرار ضمان كل الودائع المصرفية وأموال وأصول الصندوق القومي للضمان الاجتماعي وضمان المساهمة في المحافظ والصناديق السيادية بالكامل بنسبة 100%.
- تنص المحفظة التمويلية أيضا على أنه (عند فتح اعتمادات لاستيراد السلع المطلوبة يقوم البنك التجارى بإخذ هامش (Cash Margin) يغطى قيمة الاعتماد بنسبة 110% وذلك قبل فتح الاعتماد مع الجهة المستفيدة. فمخاطر هذا الشرط هو أن المستوردين من عملاء المحفظة سيضطرون للتعامل مع السوق الموازي للحصول على العملة الصعبة لتغطية قيمة الاعتماد بالكامل أو أكثر مما يرفع معدلات التضخم ويخفض قيمة العملة الوطنية ويفتح الباب على مصراعيه لتسرب النقد الأجنبي الموجود داخل النظام المصرفي للسوق الموازي وانتهائه في جيوب كبار تجار العملة. وبالتالي لابد من وضع شرط الإفصاح الكامل عن مصدر الأموال وفقا لمعايير وقوانين غسل الأموال وتمويل الإرهاب المعتمدة لضمان أن هذه العملات الصعبة جاءت من مصادر مشروعة وحقيقية.
- وفي نفس الوقت ورد نص آخر يلزم هؤلاء العملاء ببيع حصائل صادراتهم بالسعر الحر للبنك في تاريخ السداد أي في تاريخ وصول المستندات وهذا يمثل تناقضا واضحا فطالما أن العملاء هم الذين يقومون بتوفير العملات الصعبة بنسبة 110% وهم أصلا مساهمين في ال 400 مليون دولار التي تم إيداعها في بنوك المراسلين فمن الأجدر والأجدى أن يتم إلزامهم بتدوير حصيلة صادراتهم في عمليات وارداتهم وصادراتهم عبر النظام المصرفي وهو ما يضمن علي المدي القصير والطويل مراكمة احتياطيات مقدرة من النقد الأجنبي لدي البنوك المحلية وتختفي تدريجيا بالتالي أنشطة السوق الموازي شريطة أن تتخذ الدولة إجراءات وسياسات ملموسة ومشجعة لزيادة الإنتاج وتخفيض تكلفته وتشجيع الصادرات وإلغاء كافة الرسوم والأتوات التي تثقل كاهلها وترفع تكاليف السلع الوطنية مما يضعف قدرتها علي المنافسة في الأسواق الخارجية.
ثامنا: لم تقف المحفظة عند حدود الامتيازات المذكورة سابقا التي تمنحها لبنوك المحفظة بل تتعداها لتمنحهم حوافز أخري في غاية الخطورة تتمثل في الآتي:
- تمنح المحفظة مصارف المحفظة المؤهلة تخفيض في نسبة الاحتياطي الإلزامي بنسبة 3% من 20% الي 17% لتحرير موارد مالية إضافية لتلك المصارف لتستغلها في تمويل عمليات الصادر وهو ما يزيد حجم المخاطر التي تهدد ودائع العملاء باعتبار أن الاحتياطي الإلزامي هو أحد أهم أدوات السياسة النقدية التي يحمي بها البنك المركزي ودائع العملاء حيث يفرض على كل بنك الاحتفاظ بنسبة معينة من ودائع العملاء كاحتياطي في البنك المركزي لا يتم استخدامها في حوض استثمارات البنك حماية لتلك الودائع.
- الاعفاء من تركيز التمويل للعملاء المتعاملين مع المحفظة (صادر / وارد) وهو ما يعتبر من الامتيازات الخطيرة جدا التي تزيد من مخاطر التركزات الائتمانية لدي البنوك. فهذا يعني أن بنوك المحفظة المؤهلة يسمح لها بأن تزيد أسقف التمويل الممنوحة لعدد محدود من العملاء المختارين (عملاء البنك المؤهلين وفقا للمحفظة) لمستويات تتعدي النسب الرقابية والإشرافية المقررة من البنك المركزي وبالتالي إذا أفلس عميل أو عدد محدود من هؤلاء العملاء فالبنك كله سيتعرض لمخاطر الإفلاس لأن جزء ضخم من موارد البنك النقدية مخصصة لهؤلاء العملاء.
- كما تمنح المحفظة عملاء البنوك المؤهلين (عملاء المحفظة) الاستثناء من ضوابط استخدام حصائل الصادر لسلع المحفظة وللمصارف المؤهلة الأمر الذي يؤدي إلى عجز الاحتياطيات النقدية في القطاع المصرفي ككل.
تاسعا: تتمثل إيرادات المحفظة في أرباح العمليات التجارية من الاستيراد والتصدير، وعمولات الضمان لعمليات المحفظة مع المصارف المؤهلة. وتتأتى أرباح المحفظة حسب كراسة الملخص التنفيذي للمحفظة من إيراداتها بعد خصم المصروفات وتقسم على المساهمين كل حسب مساهمته في راس مالها وذلك على فترات قصيرة يحددها مجلس إدارة المحفظة بمعني أن المحفظة تحقق أرباحا سريعة قصيرة الأجل للمساهمين من البنوك والعينة المتنفذة المختارة من القطاع الخاص. وهي تدفع لهم بعملة الإيداع (دولار / جنيه) وعلى رأسهم بنوك المحفظة المؤهلة ومن ضمنهم بنكين أجنبيين ولكن كلها (محلية وأجنبية) بنوك في خدمة الحركة الاسلامية وكبار تجارها. وذلك بعد خصم المنصرفات والتي من بينها مخصصات ورواتب وامتيازات للجيوش الجرارة العاملة في مجلس الإدارة واللجنة التنفيذية بالإضافة إلى أتعاب مراقب الحسابات وأتعاب المستشار القانوني وعمولة البنك الرائد.
وبالتالي فإن المحفظة لا تمثل فقط استسلاما للمتنفذين من عقلية النظام السابق في السوق والمهيمنين بالكامل على الاقتصاد وعلى السوق والقطاع المالي والمصرفي وكافة أجهزة الدولة دون استثناء خاصة الوزارات والقطاعات والأجهزة الاقتصادية والذين تم هندسة هذه المحفظة لخدمة مصالحهم التجارية بالمقام الأول والأخير ولذلك فهي تمثل إعادة إنتاج لنفس السياسات الاقتصادية التي كانت متبعة في عهد النظام البائد والتي يجب مقاومتها وكنس آثارها تماما على كافة المستويات الاقتصادية المتخصصة والسياسية والشعبية. وأن تتولي الدولة مسئوليتها الوطنية في توفير السلع الرئيسية وفي حشد موارد البلاد للنهوض بالاقتصاد والخروج به من الوهدة التي يعيشها. وأن تركز على توظيف كافة الموارد الاقتصادية في النهوض بالقطاعات الاقتصادية ومشاريع التنمية في قطاعات الزراعة والصناعة والتعدين والصحة والتعليم وإصحاح البيئة والبنيات الأساسية في العاصمة والأقاليم خاصة في القطاع التقليدي حيث تتركز معظم ثروات البلاد والتي جميعها لم تتطرق لها المحفظة من قريب أو بعيد وانصب كل تركيزها على حشد الموارد لتوظيفها في الأنشطة التجارية الطفيلية ذات العائد السريع للرأسمالية الطفيلية التي ما زالت متحكمة في قوت الشعب.
الهادي هباني
[email protected]




جهد عظيم وتحليل مميز أرجو أن يستفيد منه صناع القرار الإقتصادي قبل أن يقع الفأس على الرأس ويستمر الحرث في البحر. لك التحية والتهنئة .
انتو الاتنين هباني والتيجاني الطيب مدرسة كلاسيكيه لو كتبتم مليون سنه مافي واحد فاضي ليكم كمان ابحلقوم البتكلم ليهو 30سنه ما يدعي الناير ..ماعملتو حاجه وانتم عواجيز وما استفدنا منكم زمااااان اي حاجه غير التنظير الفطير لو مفكرين يتم تعيينكم وزراء او استشاريين اقنعوا تب وفكونا من خطرفتكم وقبلكم وللاسف بروفسور محمد هاشم عوض الله يرحمه سوق نفسه بصورة مضحكه (عندي طريقة حل مشكلة اقتصاد السودان ولكن)سكت علي كده يعني المفتاح عندي لو اخترتوني وزير تاني طبعا دا في ايام الديمقراطيه بعد ماطردوا نميري….امثالكم كثيرين ولايختشوا امشوا شوفوا لكم شغله وما تزحموا لينا الصحف بكلامكم الفارغ الحلقه الاولي والعاشره من اجل البحث عن وظيفه!!!!!!!1