مقالات سياسية

سقط السلاح وانتصرت السلمية.!

شمائل النور

من المسائل التي لا جدال فيها، أن ثورة ديسمبر العظيمة أحدثت تحولات كبرى في أساليب وأدوات المقاومة، الثورة التي صمدت لشهور بسلميتها في مواجهة آلة قمع ضخمة صُرف عليها نحو 70% من ميزانية الشعب لسنوات طويلة وانتهت باعتصام مليوني أرسى أدب وثقافة اجتماعية وسياسية قادرة على قيادة تغيير حقيقي.

هذه التحولات الكبرى في أدوات المقاومة بانت بجلاء في اعتصام مواطني مدينة نيرتتي وسط دارفور والذي أكمل الأسبوع. أن تّشهر سلاحا سلميا من قلب مناطق حملت السلاح وقاتلت لسنوات طويلة، هذا يعني باختصار ودون جدل أن السلمية التي أزاحت حكم الثلاثين عاماً هي الأشد فتكا بأعتى الديكتاتوريات.

هذا الاعتصام الضخم الذي يحاكي اعتصام القيادة العامة بالخرطوم لا ينبغي النظر إليه بمجرد محاولة استنساخ لوسيلة مقاومة، بل هو إيمان بأن هذا السلاح السلمي الناعم هو الأنجع دون شك.

مطالب المعتصمين في نيرتتي وإن تعددت في نقاط متسلسلة إلا أنها في المحصلة النهائية تعكس بوضوح الحاجة الحقيقية والعاجلة لسلام شامل كامل لا عودة فيه إلى الوراء.

هذا المطلب الذي ظل الضحايا على امتداد دارفور، النيل الأزرق وجنوب كردفان يترقبونه قد حان وقته.

حان الوقت أن ينعم كل الضحايا بالسلام الحقيقي وليس سلام اتفاقيات تقاسم السلطة وكفى، السلام الحقيقي على الأرض، أن تنتهي هذه المليشيات التي أرهبت وروعت واغتصبت وقتلت، وهذه هي القضية الكبرى، نزع امتيازات الدولة الممنوحة لهذه المليشيات طيلة سنوات القتال مع الحركات المسلحة.

قد يقول قائل إن المليشيات الآن باتت شريك رئيسي بعد سقوط البشير، بل أن بعض قوى الثورة باتت حليفة حقيقية للمليشيات التي تتطلع لحكم البلاد، غير أن ما قامت لأجله هذه الثورة العظيمة والتي باتت تتمظهر أساليبها في كل بقعة جغرافية في هذه البلاد هو أن تفرض مؤسسات الدولة سطوتها بالقانون، القانون الذي يحفظ للجميع دون تمييز حقوقهم.

الآن يمثل الأمن القضية الرئيسية بالنسبة لكل ضحايا الحرب، وعلى نحو خاص في دارفور التي تنتشر فيها المليشيات، بل هو السؤال الحاضر في كل يوم، كيف العودة للديار دون تحقق الأمن، والأمن لن يتحقق ما لم تضع الدولة حدا لامتيازات المليشيات ويعود الضحايا إلى ديارهم آمنين.

شمائل النور
04-07-2020
التيار

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..