
المفاهيم تتغير، وبمقتضى ذلك، يجب أن يتغير فهمنا للدين، فالدين ثابت لا يتغير، فقط هي مفاهيمنا التي يجب أن تتغير!
الحرب قديماً كانت وسيلة كسب مشروعة، وهي من الطباع الغليظة التي تسم سكان الصحراء (الندرة)، حيث لا حدود ولا مواثيق ولا قوانين، فطرق عيشهم إذاك لا تعرف الثبات ابداً تماماً كالرمال المتحركة، لذلك جاء القرآن ليؤكد بقوة على احترام العهود والمواثيق (الثبات)..
ثم تطورت الحياة وسكنت الشرور بفعل الاسلام، وتمدينت نفوس الأعراب الأجلاف فتمكن مفهوم الدفاع بدلاً عن مفهوم الغزو والسلب، ومنع القرآن السبي بالمطلق، فجاء قوله تعالى(فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّىٰ تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا) رغم أنف من يقول بالسبي.
هذا الوضع الجديد لم يعجب أصحاب الطموحات الجاهلية، الباحثون عن المجد والسؤدد، فاغتنموا (زخم الاسلام) وقوة انتشارة الكامنة في مفاهيمه المتجاوزة للحدود والازمان، فارتدوا أخلاقياً إلى حالة (الغزو والسلب)، فاعادوا كتابة السيرة النبوية وجعلوا منها مجرد سلسة من الغزوات، وجعلوا رزق الحبيب المبعوث رحمة للعالمين صلوات ربي عليه وسلامه تحت ظل رمحه، وهو الذي يتلو عليهم قوله تعالى (وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ).
بينما كان الأجدى تعليم الناس صفات الله تعالى، وأخلاق انبيائه عليهم السلام، الذين صبروا وصابروا، تلك الأخلاق التي جعلت نبي الرحمة الذي قال له تعالى (فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ عَلَىٰ آثَارِهِمْ إِن لَّمْ يُؤْمِنُوا بِهَٰذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا)، أي لعلك قاتلٌ نفسك ومهلكها على آثار قومك الذين لم يؤمنوا برسالتك.
لو علمنا الناس تلك الأخلاق لعاش المسلمون في سلام ووئام وحب للأوطان، لا ان يضايقوا إخوانهم في الوطن في طرقات الوطن، ويقعدوا لهم كل مرصد، فحري بنا أن نقرأ القرآن بمقاصده الكبرى لا أن نجتزئ آيات السيف ونهلك بها الحرث والنسل.
تعليم الأطفال جهاد الطلب! وفقه العبيد وإعارة الاماء! فيه ردة صاخبة لجاهلية ما قبل الإسلام!
صديق النعمة الطيب
إقتباس: تعليم الأطفال جهاد الطلب، وفقه العبيد وإعارة الاماء، فيه ردة صاخبة لجاهلية ما قبل الإسلام…. هذا كلام في قمة التمدن و التحضر، لقد تم إختطاف الإسلام مع الأسف بعد صعود النبي للرفيق الأعلى و تم تزويره بأحاديث اغلبها موضوع و خاصة في العهدين الأموي والعباسي، و مع الأسف لازال هؤلاء الديناصورات الذين يسمون أنفسهم علماء الدين يقودوننا في تلك المتاهة ويكررون كما الببغاوات تلك الأحاديث و الفتاوى التي تنم عن جهل مطبق بما آلت إليه الحياة من تطور. إن ما يبشر بالخير هو ظهور موجة قوية من المفكرين الإسلاميين الجدد الذي ينظرون للاسلام نظرة حضارية و ينظفون ما علق به من إفتئات على سيرة النبي التي تصوره كقاتل للرجال و (سابي) للنساء، و طامع ما في أيدي الغير ، و مدمن للعمل الجنسي (حاشاه عن ذلك) و إخضاع كتب الحديث و التراث للنقد و رفض ما يتنافى مع العقل.