
منذ اسبوع دخل اهالي مدينة نيرتتي بولاية وسط دارفور في اعتصام مفتوح أمام رئاسة المحلية يطالبون بالأمن ووقف الاعتداءات اليومية على المدنيين ونزع سلاح المليشيات والقبض على مرتكبي الجرائم وتقديمهم للعدالة، كما طالبوا بإقالة المدير التنفيذي و اللجنة الامنية و إبعاد مدير الامن والشرطة والجيش والاستخبارات والدعم السريع من المحلية وحماية الموسم الزراعي ، وقالوا انهم لن يرفعوا الاعتصام الا بعد تحقيق كافة المطالب.
حقيقية ما قام به أهل نيرتتي خطوة ممتازة وهي بلا شك لم تأتي من فراغ وإنما نتيجة المناخ الذي فرضته ثورة ديسمبر التي أسقطت نظام الإبادة ، فهناك حالة وعي عمت البلد وعرف الناس كيف يمكن استرداد الحقوق وجعل الدولة تنصاع للمطالبهم عبر الكفاح السلمي المدني الأكثر امانا وفاعلية وسرعة ، عكس حمل المسلح الذي استخدمته الحركات المسلحة مما تسبب في خسارات فادحة لاتعوض وخلف وضع مذري جدا في دارفور سيبقى سنوات طويله وسترثه أجيال عديدة ، وحقيقية أهل نيرتتي الآن يقمون بتصحيح خطأ الحركات ويختارون الطريق الأسرع والأكثر أمانا إلى المطالب.
ولاية وسط دارفور والتي عاصمتها زالنجي تعتبر واحدة من أكثر المناطق تضررا من صراع النظام المخلوع والحركات المسلحة التي استخدمت المنطقة كقواعد عسكرية امنة للانطلاق منها خاصة منطقة جبل مرة ، الأمر الذي جر لها ضربات النظام المخلوع وجعلها بؤرة مشتعلة حتى بين الحركات المسلحة في بعضها ، وهذا الاعتصام ليس من أجل أن تقوم الحكومة الانتقالية بواجبها فقط، بل هي أيضا رسالة إلى الحركات المسلحة لتنهي العبث في المنطقة ،وخاصة حركة تحرير السودان بقيادة عبد الواحد محمد نور التي أصبحت هي المشكلة، بالمنطقة بدأت تتخلص من الكثير من تبعات النظام المخلوع الا ان حركة تحرير السودان قصمت ظهرها.
في الشهر الماضي اصدرت اليونميد بيان قالت فية ان المواطنين تعرضوا لمعاناة كبيرة ونزوحٍ غير مبررٍ في عدد من المناطق بوسط دارفور ، جراء تجدد اندلاع الاقتتال بين فصيلين من جيش تحرير السودان جناح عبد الواحد ، ما أسفر عن عمليات قتلٍ واغتصاب، وتشريد الآلاف الناس من قراهم وأعربت “يوناميد” عن “قلقها إزاء تصرف الحركات وقالت أن الذين حملوا السلاح دفاعا عن مظالم آهل دارفور، أصبحوا الآن سببا في معاناتهم.تخيلو هؤلاء أبناء المنطقة.
رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك، قال إن مطالب المعتصمين أهل “نيرتتي”عادلة ومستحقة، و أنه وجّه “وفدا حكوميا لزيارة المنطقة ولقاء المعتصمين، والعمل على تحقيق مطالبهم لضمان أمن واستقرار المنطقة وأعرب عن تقديره واحترامه “للشكل الحضاري للاعتصام والتعبير السلمي المستمر”.
عموما لم يعد أهالي منطقة نيرتتي ولا اية منطقة أخرى في السودان بحاجة الى الحركات المسلحة فقد خبروا الطريق ، وهذه المرة سيقودون رحلة البحث عن العدالة والحقوق بانفسهم وبطريقة سلمية وسيكون المشوار قصير وناجح جدا ،وقد ان ان الاوان لتتنحى الحركات فعشرين سنة من الفشل تكفي.
نيرتتي بدأت والبقية تاتي ، الأيام القادمة كثير من المناطق ستعتصم ليس من أجل أن تستعجل الحكومة لمعالجة قضاياها فقط بل ولتقول للحركات المسلحة كفانا فرقة وشتات وخسارة فقد أصبح الطريق الى الحق سالكا، أنها صحوة شعب سحق بين مطرقة الحركات وسندانة النظام المخلوع.
اسماء محمد جمعة
[email protected]
عندما يطالب المواطنين بطرد القوات النظامية من المنطقة من الذي يقوم بتأمين مطلبهم في تأمين الموسم الزراعي نأمل ان تترك المزايدات لأن هذه المرحلة حساسة وتحتاج لوحدة الصف
كان اعتصام نيرتتى ملهما ومبتكرا فقد إمتلك المعتصمون ناصية الشجاعة حيث وجهوا إتهاما مباشرا للقوات النظامية حيث قذفوا بالكرة أمام الوفد القادم من الخرطوم وأشاروا إلى فساد ضباط هذه القوات شرطة وجيش ودعم سربع وأمن إتهامات محددة بعناية وهى التواطؤ مع المجرمين والتقاعس عن أداء واجبهم فضلا عن إستغلال النفوذ بقطع الأشجار حتى داخل بساتين المواطنين. ما يحير فعلا لماذا لم يضم الوفد وزير الداخلية أو ممثل لوزارة الدفاع فالأمر يهم الوزارتين أكثر من غيرهما. خلا الوفد أيضا من ممثل لوزارة الزراعة وهى أيضا معنية. لماذا تحدث التعايشى عن الأقاليم حيث لازال النقاش بشأنها جاريا في المفاوضات؟ أهل نيرتتى لم يتبنوا قضية غير قضياياهم المتمثلة في الأمن والإجراءات المرتبطة بها نزع السلاح المواتر المسارات . ولكن الأهم فى نظرهم أن الثقة لم تعد متوفررة مع أجهزة الجيش الشرطة الأمن والدعم السريع فقد تبين لهم ومن خلال معايشتهم أن هذه الأجهزة لا تصلح للبقاء فى المنطقة. ما أثار إستغرابى هو أن الوفد تقبل تلك الإتهامات ولم يعد المعتصمين بالتحقيق فيها وهنا مربط الفرس. إذا الشعب السودانى وبعد هذه الثورة المجيدة غير قادر على محاسبة قواته النظامية فالعدالة لن تر النور ابدا وما تهديد الكباشى إلا على هذه الشاكلة حين يتوهم أن هناك إستفزازا للجيش ونقول له أن الذى يستفز الشعب هو الجيش نفسه بسلوك بعض قياداته ممن اؤتمنوا على أرواح المواطن وسلامة الوطن فأضاعوا الأمانة وخانوا الوطن فلماذا لا نحاسبهم ونوجه أصابع الإتهام لهم حتى ثبت براءتهم. فهم ليسوا فوق الشبهة أبدا. إعتصام نيرتتى خطير لنتساءل ثم ماذا بعد إذا لم تحقق مطالبهم هل من خطة بديلة أو سيقع المواطن هناك ضحية أستغلال لقضيته من قوى عديدة هل ستعقب الإعتصام حملة تسلج جديدة حال عجز المركز عن الإيفاء بالتزامه؟ لست مشائما ولكنه الأرجح … هل سينجح المتطرفون مرة أخرى في توجيه الإعتصام النبيل إلى غير وجهته؟